* التحقيق يكشف بصورة غير مباشرة عن رعاة الإرهاب في سيناء ومموليه
أجرت "إيكاد" تحقيقا استقصائيا جديدا كشف لأول مرة إعلاميًا تفكيكًا ميدانيًا وهيكليًا شاملًا لميليشيا "القوات الشعبية" التي يقودها ياسر أبو شباب، المدعومة من الاحتلال والمتورطة في نهب المساعدات، وأماط اللثام عن حقيقة سبق أن ذكرها مجدي شندي رئيس تحرير صحيفة المشهد على شاشات قنوات عربية ودولية ومقادها أن الإرهاب الذي استمر لنحو 10 عشرات في شبه جزيرة سيناء واستنزف الدولة المصرية وحاول إنهاك الجيش المصري في سيناء إنما كان يتورط فيه عملاء للأجهزة الإسرائيلية .
ويرصد تحقيق إيكاد الميليشيا العميلة لإسرائيل من القيادة حتى أصغر عنصر، وبالصور الميدانية والخرائط، يرصد خريطة الانتشار والتحركات، ويفضح كيف حوّلت هذه الميليشيا توزيع المساعدات إلى أداة لخدمة أجندات الاحتلال.
فمن هم عناصر شبكة "أبو شباب"؟ وأين تمركزوا؟ وما الانتهاكات التي وثقوها عبر حساباتهم؟
في 6 يوليو الجاري، نشرت صحيفة KANالإسرائيلية مقابلة أجرتها مع "ياسر أبو شباب" قائد ميليشيا "القوات الشعبية" في غزة، أعلن فيها صراحةً حربه ضد حماس، واستعداده لتولي حكم القطاع بعد سقوطها. وأقر "أبو شباب" في المقابلة بوجود تنسيق مع الجيش الإسرائيلي على مستوى توزيع المساعدات، وبتلقّيه دعمًا إداريًا من السلطة الفلسطينية.
وقبل هذا الإعلان، كانت وزارة الداخلية في غزة قد أمهلت في 2 يوليو ياسر أبو شباب وعصابته 10 أيام لتسليم أنفسهم، قبل أن تُصدر غرفة الفصائل الفلسطينية المشتركة بيانًا يُهدر دمه على خلفية ظهوره الإعلامي.
دفع ذلك "إيكاد" إلى تتبع "أبو شباب" وكشف عناصر مجموعته ومواقع نشاطها، وأفعالها غير القانونية التي وثقوها عبر حساباتهم. وبدأت بسحب بيانات الحسابات المرتبطة بأبو شباب ونائبه غسان الدهيني في فيسبوك، وتتبع المؤيدين لهم على تيك توك يدويًا. وتمكنت بالفعل من رسم شبكة، ضمت 12 عنصرًا في مجموعة مقسمين إلى:
️قيادات الصف الأول. ⬅عناصر الصف الثاني المقربة من القادة. ️عناصر الصف الثالث المشاركين في التأمين المزعوم للمساعدات.
وخلال رحلة التحقيق تم تتبع كل شخص ضمن تلك الصفوف، لنستكشف عبر المقاطع والصور التي يوثقها، والمواقع التي ينشط بها والتي تنشط بها كذلك أفراد المجموعة، لرسم خريطة ميدانية متكاملة تكشف نقاط تمركزهم.
بدأ التحقيق بتتبع الرأس الكبيرة "ياسر أبو شباب" وبالبحث عنه وجدت "إيكاد" أنه: ينحدر من قبيلة الترابين، إحدى أكبر القبائل الممتدة في المثلث الفلسطيني - المصري - الأردني ويقيم في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة. كان معتقلًا سابقًا لدى وزارة الداخلية في غزة على خلفية تهم جنائية تتعلق بتهريب السلاح والمخدرات، لكنه فرّ عقب قصف الطيران الإسرائيلي لمقار الأمن الداخلي بداية الحرب. وبرز بشكل لافت في مايو 2024 حين تزعم مجموعة مسلحة قامت بنهب شاحنات المساعدات الإنسانية، تتألف من 100 إلى 300 عنصر، وقد أقر مسؤولون إسرائيليون بتزويده هو وقواته بالأسلحة، كجزء من "عملية لتسليح الجماعات المحلية لمواجهة حماس".
وبمزيد من البحث حول "أبو شباب" وجد التحقيق أن صحيفة "واشنطن بوست" اطلعت على مذكرة داخلية للأمم المتحدة تصفه بـ"الجهة الرئيسية وراء عمليات السلب المنهجي لقوافل الإغاثة في غزة. ووفق تقرير الصحيفة، استولى رجال أبو شباب على 80 من أصل 100 شاحنة إغاثة دخلت غزة بداية أكتوبر 2024. كما قُتل 4 من سائقي شاحنات المساعدات (هم على الأغلب مصريون) على يد رجاله، منذ مايو وحتى أكتوبر 2024.
وحسب ما نقلته الصحيفة الأمريكية عن رواية بعض التجار في غزة، أقامت ميليشيا أبو شباب سواتر ترابية على طول الطريق الخارج من معبر كرم أبو سالم، ضمن مناطق خاضعة للسيطرة الإسرائيلية. وكانوا يتمركزون في هذه السواتر مدججين بأسلحة ثقيلة لاعتراض شاحنات الإغاثة.
تتبعت إيكاد هذا الطريق الخارج من معبر كرم أبو سالم، ورصدت بالفعل عبر صور الأقمار الصناعية الملتقطة في نوفمبر 2024 سواتر ترابية على طول ذلك المسار. وبمزيد من التتبع لأنشطة أبو شباب وميليشيته، وجدت إيكاد أن الحساب الرسمي للميليشيا "ياسر أبو شباب - القوات الشعبية" نشر أوائل يونيو الماضي، بيانًا ومقطع فيديو يدعو فيه "أبو شباب" سكان منطقة "شرق رفح" بالعودة إلى مواقعهم بعد نزوحهم منها. وأوضح توفير الطعام والشراب في هذه المناطق، وأُقيمت مخيمات إيواء، وفُتحت طرق الإغاثة الإنسانية".
وبتحليل المعالم الجغرافية الظاهرة في مقطع البيان، تبين أن الخيام الظاهرة تقع شرق رفح على بعد نحو 1 كيلو متر من محور "موراغ".وبمزيد من التدقيق في المقطع لاحظنا عمليات توزيع لأكياس طحين، التي تبين وحسب تحليلات مختصين أنها تعود لبرنامج الأغذية العالمي، والتي تبرع بها الاتحاد الأوروبي. وبتحليل الموقع الجغرافي الذي تمت به عمليات التوزيع، لاحظنا أنه لا يبعد أكثر من 150 مترًا عن موقع الخيام.
وبتتبع موقع تلك الخيام والأنباء حولها، وجدنا أن CNNنشرت تقريرًا ذكرت فيه أن العمل على هذه الخيام بدأ في 17 مايو 2025، أي قبل يوم من إعادة فتح معبر كرم أبو سالم. وبحسب صور أقمار صناعية نشرها مختصون من Sky Newsفي 4 يونيو، فإن هذا المخيم، يقع بالفعل في محيط محور "موراغ". كما أن بعض الخيام الظاهرة تبدو تالفة وغير قابلة للاستخدام عكس ما أظهرته المقاطع.
لكن المفارقة الأخطر التي كشفتها إيكاد هنا أن تلك المنطقة التي أقام فيها ياسر أبو شباب مخيمات وأعلن توزيع المساعدات، هي ذاتها التي دعا وزير المالية الإسرائيلي المتطرف "بتسلئيل سموتريتش" لتمركز سكان غزة فيها أوائل يونيو الماضي. وتقع هذه المنطقة ضمن شريط ضيق بين الحدود المصرية وممر موراغ، وتمثل جوهر الخطة الإسرائيلية لإعادة توزيع سكان القطاع جنوبًا، كجزء من مشروع تهجير ناعم تحت غطاء "الإيواء".
ثم تتبع التحقيق نائبه وذراعه اليمنى في الميليشا "غسان الدهيني"
غسان الدهيني
الدهيني هو نائب ياسر أبو شباب وأحد أبرز قادة "القوات الشعبية"، فرّ من السجن مع اندلاع الحرب في أكتوبر. يقال إنه عمل سابقًا في أجهزة السلطة الفلسطينية، والتحق بتنظيم جيش الإسلام. وتذكر بعض المصادر أنه أدار شبكات تهريب واتصالات بين جيش الإسلام والجماعات المتطرفة في سيناء.
وبالبحث حول غسان وجدت إيكاد أن له حسابين على فيسبوك، أحدهما ما زال نشطًا حتى الآن، وآخر توقف عن النشر عليه منذ نهاية فبراير الماضي.
وبتتبع منشوراته تم رصد فيديو نشره في 08 يونيو 2025 وهو يرتدي لباسًا عسكريًا، ويطلق النار بسلاح الكلاشينكوف. وبتحليل الموقع الجغرافي لهذا المقطع تبين أنه التُقط أمام مسجد الدعوة في منطقة الشوكة شرق رفح. واللافت هنا أن هذا الموقع قريب جدًا من موقع الخيام ومناطق توزيع الطحين قُرب موراغ.
وانتقل التحقيق بعد ذلك إلى الشخصية الثالثة والأخيرة في قيادات الصف الأول من تلك الميليشيا المسلحة، وهو "عصام النباهين". يُعد من أبرز شخصيات الميليشيا المسلحة، وسبق أن قاتل مع داعش في سيناء ضد الجيش المصري.
عاد إلى غزة قبيل بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023، ووفقًا لمصادر في الصحافة العبرية، تمكن من الفرار في اليوم الأول من الحرب بعد أن كان في سجون الحكومة بغزة.
التحق النباهين بميليشيا أبو شباب، وظهر في صورة نشرها غسان الدهيني في 8 يونيو الماضي، على حسابه في تيك توك (ما يدل على قربه من الصف الأول في الميليشيا). بعدها بأيام قليلة خرجت أنباء عن تمكّن الأجهزة الأمنية في غزة من القبض عليه، ومن غير المعروف إن كان ما زال مسجونًا أم لا.
علاقة شخصيات ضمن مجموعة أبو شباب بتنظيم الدولة "داعش"، عززها تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، أفيغدور ليبرمان، في 5 يونيو، حين ذكر أن حكومة نتنياهو تُزوّد عصابات تابعة لتنظيم الدولة في قطاع غزة بالأسلحة.
وحسب ما نقله موقع يديعوت أحرونوت عن مصدر وصفه بمسؤول أمني فلسطيني كبير، في 8 يونيو الماضي، فإن السلطة الفلسطينية أيضًا تدعم "أبو شباب" ومجموعته.
وبعد تتبع شخصيات الصف الأول من "ميليشيا ياسر أبو شباب"، وكشف مواقع نشاط بعضهم الجغرافي وترابطهم ببعضهم البعض، تم توسعة دائرة البحث وتمكنت إيكاد من كشف عناصر ضمن الصف الثاني في المجموعة، ورصد تحركاتهم وعملياتهم التي وثقوها جنوب القطاع.
فمن هم عناصر وقيادات الصف الثاني؟ وما أبرز عملياتهم غير القانونية التي وثقوها عبر حساباتهم؟
بكر الوقيلي
وأول من تم التوصل له كان شخصًا يُدعى "بكر الوقيلي" يملك عدة حساب مرتبطة بالشبكة. ظهر "بكر" في إحدى الصور وهو يرتدي جعبة السلاح المشابهة بجعبة غسان الدهيني. كما نشر أحد الحسابات المؤيدة لـ"أبو شباب" على تيك توك فيديو لـ"بكر" وهو يتجول بسيارة في مدينة رفح. وبالتحليل تبين أن المنطقة التي كان يتجول بها هي بمحيط منطقة الخيام ، ما يشير إلى أنه أحد عناصر المجموعة. وبمزيد من البحث حول "بكر" وجدنا أنه يملك عدة حسابات أخرى مثل "فاقد الغالي". وما يؤكد ملكيته لهذا الحساب، صورة نشرها في مارس الماضي، علّق عليها الدهيني بـ"هلا بالي ما غيره"، وهو ذات لقب "بكر"، وهنا كان الدليل على قربه من القيادة. كما أن ذات الحساب نشر صورة في مايو الماضي، وعمل "منشن" لحسابين يتبعان لـ"بكر"، وصورة أخرى ظهر فيها "بكر الوقيلي" على ظهر سيارة، وظهرت تعليقات عديدة تمدحه.
يوسف أبو ناصر
ومن حسابات "بكر الوقيلي" وارتباطاته توصل التحقيق إلى حساب شخص آخر على فيسبوك مرتبط بالشبكة يُدعى "يوسف أبو ناصر".
وبالبحث وجد أن "يوسف" كان يملك كذلك حسابًا على منصة تيك توك، وكان ينشر عليه العديد من الصور قبل أن يقوم بحذف الحساب. منها صورته مع بكر الوقيلي وهم يحملون السلاح، وصورته وهو يرتدي خوذًا وعدة تشابه تلك التي يرتديها غسان الدهيني وبكر الوقيلي، وكذلك ارتداؤه جعبة عسكرية متطورة مشابهة لجعبتهما. لترجح هذه المعطيات أن يوسف من ضمن عناصر الصف الثاني في الشبكة.
صدام أبو زكار
وبمزيد من التحليل، تم العصور على ستوري نشرها غسان الدهيني في أبريل الماضي رفقة شخص يدعى "صدام ماجد أبو زكار". وبالبحث عن صدام، تم التوصل لحساب على "تيك توك" قام بنشر ذات الصورة مؤخرًا، وترحم على "صدام". ووجد كذلك أن نفس الحساب نشر في 8 أبريل الماضي صورا لـ "صدام" رفقة أخيه، واصفًا إياهما بـ "شهداء الشوكة"، وهي منطقة تقع شرقي رفح حيث تنشط جماعة أبو شباب. ما يشير أن "صدام" كان من المقربين للقادة قبل موته.
طارق أبو حسن
من ضمن الأشخاص التي كشفها التحقيق ضمن الصف الثاني في شبكة "أبو شباب" كان شخصًا يُدعى طارق أبو حسن. وبتحليل حساب "طارق" على فيسبوك وجد بين قائمة أصدقائه "غسان الدهيني" و"بكر ما غيرو"، ما يرجح قربه منهما. كما وجدت إيكاد أنه ينشر بعض الصور لعناصر من شبكة أبو شباب ويترحم عليهم، وكذلك ينشر stories فيها تحركات لجنود من جماعة أبو شباب وهم فوق شاحنات المساعدات بسلاحهم.
وبالبحث أكثر تم رصد حساب على تيك توك داعمًا للمليشيا، نشر صورة لبكر الوقيلي وبجانبه شخص تغطي ملامحه علامة (إيموجي) قلب داخل السيارة، اتضح من خلال شكل العين والأنف والحواجب أنه "طارق أبو حسن". ليشير ذلك إلى أن "طارق" أيضًا ربما أحد عناصر الصف الثاني من ميليشيا أبو شباب ومقرب من القادة.
وبالتعمق في حساب "طارق أبو حسن" وجد Storyنشرها تظهر شخصين يجلسان فوق شاحنة مساعدات مدججين بالسلاح. وتمكنت إيكاد من تحديد هوية الشخص على اليسار، بخصائص التعرف على الوجوه بالذكاء الاصطناعي، وتبين أن اسمه "أبو حسن الترباني"، واتضح أنه مات في نهاية 2024.
وبالبحث عن حساب "أبو حسن" وتحليله، وجد أنه نشر مقطعًا في سبتمبر 2024 ظهر فيه برفقة غسان الدهيني في أحد المركبات. ما يشير إلى أنه كان من المقربين للقيادات، بجانب أنه من ذات عائلة "ياسر أبو شباب" الترابين.
لم يتوقف التحليل على رصد هذه الشخصيات ومواقعها فحسب، بل توصلنا إلى شخصيات أخرى تشكل الصف الثالث من مجموعة أبو شباب، شخصيات كانت أقل قربًا من القيادة، يتركز عملهم على التأمين المزعوم لنقل المساعدات.
فمن هم شخصيات الصف الثالث؟ وأين نشطوا؟ وهل كانوا يؤمنون المساعدات حقًا؟ أم كان منهم من يعبث بها بل يشارك في نهبها؟
نمر أبو الحصين:
أول شخصيات الصف الثالث التي تم كشفها شخص يُدعى "نمر أبو الحصين". ينشط على منصة تيك توك وينشر فيديوهات لنقل وتأمين المساعدات، كانت جميعها حتى تاريخ 19 يناير الماضي، أي قبل انطلاق الهدنة التي تعثرت في مارس الماضي. تلك المقاطع التي نشرها كانت تضم صناديق طعام، وكان يعبث بها هو وأصدقاؤه، ما يعكس قدرتهم على التصرف التام بها دون أي مراجعة، في وقت كانت تعاني فيه غزة من الجوع.
واللافت هنا أن جميع المقاطع التي وثق فيها تأمين المساعدات خلال الحرب - قبل الهدنة - كانت في مناطق ينشط بها الاحتلال مثل "محور فيلادلفيا". ما يعزز ميدانيًا فكرة تعاون المجموعة مع الاحتلال من قبل الهدنة، ويعكس قدرتهم على التصرف التام بمثل هكذا غذاء ضروري ومهم لأهل غزة الذين يتعرضون للمجاعة.
كريم أبو الحصين
من ضمن الأشخاص الذين ظهروا في فيديوهات تأمين المساعدات والعبث بها التي نشرها "نمر أبو الحصين" كان صديقه "كريم عصام" الملقب بـ"كريم أبو الحصين". تم تتبع "كريم" ووجد أنه نشر خلال مايو الماضي فيديوهات لنقل المساعدات جنوب غزة، بالتزامن مع نزوح السكان من رفح إلى المواصي بعد تحذيرات جيش الاحتلال. ما يعني أن تحركات "كريم" ومجموعة أبو شباب كانت في نفس مواقع عمل جيش الاحتلال في رفح، التي طالب السكان بالنزوح منها. وهو ما يؤكد ميدانيًا على وجود تنسيق بين المجموعة وجيش الاحتلال خاصة وأنه كان من الصعب التحرك في تلك المناطق بسلاح مشهر دون موافقة مسبقة.
وبتحليل أحد مقاطع تأمين المساعدات التي نشرها "كريم" في يوم 9 يونيو الماضي، تبين أنها كانت في منطقة "البيوكي" المطلة على شارع صلاح الدين وأن الشاحنة كانت قادمة من رفح متجهة إلى الشمال. وتبعد هذه النقطة أقل من 2.5 كيلو متر عن منطقة الخيام التي أعلنتها مجموعة أبو شباب.
عبود أبو الحصين
وبمزيد من البحث والتحليل تم التوصل إلى حساب شخص آخر يُدعى "عبود أبو الحصين" يعمل ضمن صفوف مجموعة "أبو شباب" في ما تصفه بتأمين المساعدات. لا تظهر صورته بوضوح، لكنه يقوم بنشر فيديوهات لتأمين المساعدات وفيديوهات يحمل بها السلاح وأخرى لأعضاء مقربين من قادة المجموعة. مثل المقطع الذي نشره في مايو، ويظهر في إحدى المركبات برفقة "يوسف أبو ناصر". والصورة التي نشرها لـ"بكر الوقيلي" داخل أحد المنازل، فيما يبدو أنهما كانا معًا، ما يشير إلى تورط عبود وارتباطه بميليشيا ياسر أبو شباب.
وبالتدقيق في مقاطع "التأمين" التي نشرها "عبود أبو الحصين"، لوحظ أن جميعها التقطت بعد استئناف الحرب في 18 مارس. ما يُشير هنا إلى أن تحركات هذه العناصر كانت بالتعاون مع جيش الاحتلال، حيث كانت عمليات التأمين تجري في مواقع ينشط بها جيش الاحتلال، ويدعو المواطنين للنزوح منها إلى جنوب خان يونس.
أبو أنيس.. نهب المساعدات عنوة:
أما آخر الشخصيات التي كشفها تحقيق إيكاد كان شخصًا يُدعى "أبو أنيس". ينشر كذلك فيديوهات لنقل المساعدات، منها مقطع كتب عليه عبارة "طحين بس"، وهي كلمة يبدو أنها منتشرة بين جماعة أبو شباب لأنها تكررت في مقاطع أشخاص آخرين ضمن المجموعة مثل "كريم أبو الحصين".
ومن أبرز المقاطع التي نشرها أبو أنيس" كان فيديو في 5 ديسمبر أظهر استيلاء المسلحين على شاحنات المساعدات في شارع صلاح الدين وإنزال السائقين عنوة. كما ظهر عطب بإحدى عجلات الشاحنات ربما عبر طلق نار ما أدى إلى توقفها وعدم قدرتها على عبور الطريق. وبتحليل موقع التقاط المقطع تبيّن أنه في محافظة خان يونس قرب المشفى الأوروبي.
تحليل النشاط الميداني
تمكن فريق إيكاد ومن خلال إحداثيات الفيديوهات والصور التي تم تحليلها لعناصر ميليشيا أبو شباب من رسم خريطة ميدانية تكشف نطاق تحركهم. ويتبين أن نشاطهم تركز على منطقتي الشوكة والبيوك شرق مدينة رفح وعلى أطراف شمال رفح. وجميعها مناطق حدودية قريبة من معبر كرم أبو سالم، تخضع لرقابة مباشرة من الجيش الإسرائيلي.
كما أن هذه المواقع تتوافق مع إعلان وزير المالية سموترتش لتهجير سكان غزة، بأنه يجب عليهم التمركز في شريط ضيق بين حدود مصر وممر موراج.
كما لوحظ أن تلك المواقع لا سيما التي تم فيها عمليات السطو على المساعدات والتأمين المزعوم لها من قبل ميليشيا أبو شباب، تتوافق مع المنطقة التي أُطلق عليها "وادي اللصوص". وهو الاسم الذي أطلقه السيد سام روز "مدير شؤون وكالة الأونروا في غزة"، على المنطقة بين معبر كرم أبو سالم وخان يونس، حيث تجري عمليات نهب كبيرة للمساعدات. ليتبين أن هذا التمركز الجغرافي ليس صدفة، بل مؤشر على غطاء أمني إسرائيلي يسمح بوجود الميليشيا في هذه الرقعة دون غيرها. ويعكس علاقة تبادلية قائمة على تسهيل التحركات مقابل تنفيذ أجندات مشبوهة تخدم الاحتلال. أضف إلى ذلك أن اقتصار عمليات الميليشيا على هذا الشريط ينسف ادّعاءها بالعمل الإنساني أو الأمني، ويكشفها ككيان وظيفي، صُمّم ليخدم مصالح الاحتلال في لحظة الفراغ الأمني.
واستنتج التحقيق أن:
- ميليشيا "القوات الشعبية" بقيادة ياسر أبو شباب تشكّلت من عناصر فارين من السجون، بعضهم على ارتباط سابق بتنظيمات متطرفة مثل تنظيم الدولة، وتلقّت دعمًا وتسليحًا من الجيش الإسرائيلي.
- تمركزت الميليشيا في نطاق جغرافي ضيق خاضع للسيطرة الإسرائيلية، خصوصًا بين معبر كرم أبو سالم وممر موراغ، حيث نفّذت عمليات نهب ممنهجة للمساعدات تحت غطاء "التأمين".
- الموقع الذي أقيمت فيه الخيام وتوزعت فيه المساعدات يتطابق مع الخطة الإسرائيلية لتهجير سكان غزة إلى الجنوب، ما يكشف توظيف العمل الإنساني لخدمة مشروع التهجير.
- أظهرت الأدلة الرقمية والبصرية أن عناصر الميليشيا وثّقوا تحركاتهم بأنفسهم، ما مكّن فريق إيكاد من رسم شبكة مكونة من ثلاث طبقات، وكشف صلاتهم المباشرة بالقيادة الميدانية.
- يثبت التحقيق أن "القوات الشعبية" ليست كيانًا عشوائيًا، بل أداة ميدانية تتقدّم في لحظة الفوضى، تحت راية الإغاثة، وبتنسيق مع الاحتلال، وتخدم أجندة تهدف إلى خلق حالة أمنية جديدة في غزة لصالح مشروع الاحتلال.
-------------------------------------
منصة "إيكاد"