17 - 07 - 2025

أولاد (الحقبة) وضرب دمشق عاصمة الدولة الأموية بقنابل وصواريخ العم سام

أولاد (الحقبة) وضرب دمشق عاصمة الدولة الأموية بقنابل وصواريخ العم سام

كان ياما كان يُحكى في سالف الزمان أن عمدة قاسي القلب كان يحكم (كفر أبو جاموس) بالحديد والنار والمؤامرات والخداع. والكفر بلدة في أرياف المحروسة كانت ثرية في الماضي وكانت تصدر الحبوب والبقوليات والأقطان وكانت مكتفية ذاتياً من الناحية الاقتصادية وكانت مقصداً لمن يسعون للرزق الحلال من القرى المجاورة. في ظل حكم العمدة الظالم الطماع تبدلت أحوال الكفر.

كان العمدة المجرم من وقت لآخر يسعى للاستيلاء على أملاك الفلاحين الفقراء وتملك أراضيهم بالقوة دون وجه حق وبلا مقابل، كما كان يغتصب النساء عنوة وينتهك حرمة الديار دون رادع، وكان كلما رفض أحدٍ المزارعين التنازل عن أرضه للعمدة كان الأخير يلجأ لزعيم العصابة الذي يقطن في الجبل مع بعض المجرمين والخارجين على القانون وكان العمدة يمدهم بالسلاح والذخيرة والمال والعتاد. 

عندما كان أحد الفلاحين الغلابة يعترض على العمدة الذي طلب منه التنازل عن قطعة من أرضه أو بستان أو حديقة أعجب بها العمدة، كان الأخير يطلب من زعيم العصابة مهاجمة حظيرة الفلاح الفقير وسرقة المواشي وتسميم حوض المياه الذي يشرب منه الماعز والاغنام وقطع ذيول وآذان الحمير في الحظيرة، وطبعا كانت الغنائم من العجول والأبقار تذهب لزعيم العصابة. وبعد ذلك يكرر العمدة طلبه من الفلاح ويأمره بالتنازل عن (الجولان) أقصد عن قطعة من أرضه، وإذا رفض للمرة الثانية يأمر زعيم العصابة هذه المرة بحرق مزارع الذرة والأرز وجميع المحاصيل الأخرى التي يعيش الفلاح من ثمن بيعها بعدما أنفق عليها كل ما يملك. 

وفي حالة إصرار الفلاح على موقفه كان العمدة يأمر زعيم العصابة بالإغارة على مخزن الغلال الذي يحتفظ فيه الفلاح بقوت أسرته. أما إذا تمسك الفلاح برأيه أكثر من ذلك فيقوم زعيم العصابة بتنفيذ أوامر العمدة التي تقتضي خطف أحد بنات أو أبناء الفلاح من (السويداء) أقصد (كفر أبو جاموس) ومساومته وطلب فدية. وفي حالة استمر الفلاح في الاستعباط والرفض والمقاومة يقوم زعيم العصابة بإحراق (مبنى هيئة الأركان) أقصد الشرفة الأمامية لمنزل الفلاح الفقير ولو استمر الفلاح في العناد يقوم زعيم العصابة بتدمير وحرق (قصر الرئاسة في دمشق) أقصد غرفة نوم الفلاح في (كفر أبو جاموس) والاستيلاء على الملابس الداخلية لأم العيال. 

في الماضي خاطب الشاعر العراقي مظفر النواب في قصيدة (وتريات ليلية) ما أسماهم (أولاد الحقبة) وقال لهم (القدس) عروس عروبتكم فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى غرفتها؟ بعد ذلك تآمر (أولاد الحقبة) وسمحوا لقوات الكاوبوي بدخول (بغداد) عاصمة الخلافة العباسية ويبدو أن أولاد الحقبة سوف يسمحون لأولاد…… بالدخول إلى عاصمة الأمويين بعدما رفض المزارع الغلبان التنازل عن الحديقة التي لا يملكها وحده بل هي ملك للبلدة بأسرها. ويبدو أن أولاد الحقبة ظنوا أن (الجولاني) يمتلك (الجولان) ولذلك طلبوا منه التنازل عنها. 

لكن بصراحة هذه ليست قضيتنا على الإطلاق في هذه الأوقات الصيفية الجميلة فنحن بصدد الاستمتاع بالإجازة على الشواطئ وفي حفلات الترفيه. دعونا من كل هذا الهراء الذي يجري في (كفر أبو جاموس) وقرب قصر الشعب في الشام لأننا مشغولون حاليا (وأنا على رأس القائمة) بمتابعة مباريات كرة القدم النسائية الرائعة حيث يمكنكم مشاهدة الأجساد الرياضية الممشوقة لنسوان أوروبا والاستمتاع برؤية هذه الجياد الجامحة التي لا تشكو من آلام الظهر أو تيبس فقرات الرقبة مثل الحريم في قريتنا.

 بالأمس انتهت مباراة كرة القدم الحريمي بين نسوان السويد وستات إيطاليا بفوز حريم إيطاليا ١/٢ والتأهل إلى الدور نصف النهائي وبصراحة كنت أود لو فازت نساء السويد لأنهن قطع متحركة من الزبد والقشطة.  شخصياً كنت أشاهد المباراة أثناء قصف مبنى هيئة الأركان في دمشق وأثناء قيام زعيم العصابة في (كفر أبو جاموس) بحرق ما تبقى من منزل الفلاح الغلبان الذي لم ينفذ رغبات العمدة البلطجي الذي يحكم العالم – أقصد (عالم سمسم) - هذه الأيام.  وثمة أخبار مفرحة تسر الخاطر فقد علمت منذ ساعات أن العمدة طلب عقد اجتماع من أجل الصلح بين زعيم العصابة والفلاح المغلوب على أمره بعدما أحرقوا منزله ومزارعه وسرقوا الماشية من حظيرته ولم يتركوا لزوجته سروالا ترتديه. المضحك المبكي أننا لم نسمع عن أي إدانة لأولاد العم من طرف ما يسمى بالمجتمع الدولي أو الحاج (مجلس القمل) أو حتى الست (أم توحيدة) أقصد (الأمم المتحدة) وأنا فعلا أتساءل لماذا لم يصدر قرار (عيش/خبز الفينو) المعتاد في هذه الظروف – أقصد (الفيتو)- ولماذا لم   تتحرك البوارج وحاملات الطائرات لصد طوفان الصواريخ المنهمرة فوق رؤوس المدنيين في شوارع دمشق الجريحة. عموماً أقول - كما قال كبيرهم الذي علمهم السحر وقصف الأبرياء - بارك الرب في (كفر أبو جاموس) وفي (الجولاني) سابقاً وبارك الرب في أبناء يعقوب وإسحاق (وَكُلّاً جَعَلْنَا نَبِيّاً).وفي النهاية نقول للجولاني لا يمكن إدارة الدول بعقلية المليشيات. 

 (طابت أوقاتكم). 
------------------------------
بقلم: د. صديق جوهر

مقالات اخرى للكاتب

أولاد (الحقبة) وضرب دمشق عاصمة الدولة الأموية بقنابل وصواريخ العم سام