16 - 07 - 2025

انتخابات فى الثلاجة!

انتخابات فى الثلاجة!

فى سرية تامة وهدوء قاتل وبعيدا عن الاعلام وعن الناس اللئام، قررت الدولة المصرية ان تجرى الاستحقاق البرلمانى الأول "مجلس الشيوخ" 

فجأة تذكر المواطن أن هناك غرفة أخرى فى البرلمان المصري، وأن انتخاباتها قد حضرت سريعا وأن عليه أن يتابع وربما يشاهد، وإن كان لديه وقت فراغ ان يصوت فيها قدر الإمكان.

فى الحقيقة أن المواطن فى الأساس غير مهتم، وربما يكون ارتفاع سعر أسطوانة البوتاجاز أهم لديه من الحياة البرلمانية ذاتها، وخاصة بعدما فقدت تماما وظيفتها الأولى وهى "الرقابة" فطبقا للدستور المصرى "دور البرلمان هو التشريع والرقابة"، فبقدرة قادر أصبح دوره التشريع فقط، حتى أنه أصبح عاجزا عن إحضار وزراء بعينهم للمجلس ومع انه هذا يكفله له القانون والدستور، ولكن ربما له محاذيره الخاصه "على طريقة العظيم أحمد زكى فى فيلم ضد الحكومة"

الحقيقة تابعت الاسماء المرشحة فى كل محافظات الصعيد وخاصة الذين تمكنوا من النجاح فعليا قبل الانتخابات نفسها بثلاثة أسابيع فيما عرف بنظام "القائمة" وهو للحقيقة كما ذكره "جان جاك روسو" فى كتابه الشهير " العقد الاجتماعى " عام 1762 احد اسوأ النظم الانتخابية فى العالم، خاصة ان كان فى مجتمعات غير ديمقراطية، وان وجوده مقترن بوجود مجتمع صحى يفرز اكثر من ثلاثة قوائم يقودها شخصيات متوازية ومتوازنة، إلى جانب وجود شروط تتعلق بالدعاية والسماح بالانتشار العادل.

لا أعرف أسس الاختيار، ولكن عن تجربة شخصية فى محافظتى لا أعرف من بين مرشحى القائمة وأنا المنوط بى بحكم عملى المتابعة، لا أعرف بينهم إلا مرشح واحد بحكم الصداقة والزمالة، ولم يتطرق سمعى للأخرين، وهو ذات الحال فى محافظات مجاورة.

لا أعلم هل الديمقراطية تتغير بتغيير المكان والزمان أم هى ثابتة وتعني "حكم الشعب للشعب" وقطعا فإن مصر تعج بقيادات عظيمة فى جميع المجالات، وفى الأساس فإن مجلس الشيوخ يفترض أن يتشكل من "الحكماء" الذى يتدارسون القوانين فى هدوء وخبرة قبل تحويلها لمجلس النواب، والصعيد به ما يقارب 50 ألف حامل دكتوراه، وما يوازى 7 آلاف أستاذ جامعة بينهم وزراء سابقون وقضاة عظام، كنا نراهم يزينون قاعة المجلس في السابق.

 وأما أجمل ما فى هذه الانتخابات التى تولد "فى هدوء" هو إصرار قطاع من الشباب على المشاركة وخوض التجربة وإسماع صوتهم أيا كانت النتائج، وهذه هى الايجابية الوحيدة فى هذه الرواية حتى الآن، ونحن نساند تجربتهم ونساندهم لضخ دماء جديدة فى شرايين أصيبت بالتصلب والانسداد ولا حياة فيها ولا دماء.
---------------------
بقلم: 
عادل عبدالحفيظ

مقالات اخرى للكاتب

انتخابات فى الثلاجة!