صدر حديثًا عن دار كنوز المعرفة بالأردن كتاب "نظرية التلويح الحواري" للباحث هشام عبدالله الخليفة، في عمل يُعد إسهامًا رياديًّا في حقل الدراسات التداولية العربية المعاصرة.
يسلط الكتاب الضوء على ظاهرة لغوية لطالما أسيء ترجمتها إلى "الاستلزام الخطابي المحادثي"، مقترحًا تسميتها الأدق بـ"التلويح الحواري"، وينطلق في تحليله من مقاربة أصيلة تجمع بين المفاهيم التداولية الحديثة ومرجعيات التراث اللغوي العربي والإسلامي، خصوصًا لدى الأصوليين، والبلاغيين، والنحاة، والمناطقة.
يكشف الخليفة في مؤلفه، عن تقاطعات عميقة بين نظرية الفيلسوف البريطاني بول غرايس، ومفاهيم عربية تراثية مثل: "دلالة المنطوق" و"المفهوم" و"المنطوق غير الصريح" و"التعريض"، مؤكدًا أن العلماء العرب لم يكونوا بعيدين عن جوهر الأفكار التي تشكل العمود الفقري لنظرية التداولية (Pragmatics) المعاصرة، بل سبق أن طوروا مقاربات مماثلة في التعبير عن المعنى غير المباشر والمضمر.
ويبرز الكتاب كذلك وعي العلماء العرب الأوائل بما يُعرف اليوم في حقل التداولية بظاهرة "التدخل التداولي في المعنى الظاهر" (Pragmatic Intrusion into What is Said)، وهي ملاحظة تمثل – بحسب المؤلف – أحد الاكتشافات النوعية التي يقدمها هذا العمل.
ويمثل كتاب "نظرية التلويح الحواري" محاولة منهجية لإعادة قراءة الظواهر اللغوية من منظور مقارن، تكاملي، يعيد الاعتبار لجذور التفكير التداولي في التراث العربي، في وقت ما تزال فيه نظرية غرايس غير متداولة بشكل واسع في السياق الأكاديمي العربي، إلا من إشارات محدودة في بعض الأبحاث.