13 - 07 - 2025

شهاب من عند الجمعية

شهاب من عند الجمعية

ذكرت فى غير مقالة لي هنا أننا أمة تحتاج إلى تجديد وتحديث ما عندها من (السوفت وير)، وتثبيته في نفوس الناس؛ ليتعلم الناس كيف يحسنون التعايش المطمئن فيما بينهم من غير ضرر ولا ضرار، وتعليمهم طرائق التفكير السوية، وإرشادهم إلى التعقل في الأمور قبل الإقدام عليها، وإلا خرج علينا "شهاب من عند الجمعية"، وشهاب هذا لو كان فردًا أو واحدًا من آحاد الناس، لكان يسيرًا على متولي الأمن ضبطه وإحضاره وتأديبه، لكنهم "شهب" كثيرة ربما تجاوز عديدهم الملايين، وفيهم الأشد شراسة وشكاسة وعُتُوًّا من "شهاب من عند الجمعية"، فهؤلاء لا يصلح لهم ولا يصلحهم ضبط ولا إحضار، بل يصلحهم إزالة (سوفت وير) قديم فاسد، واستبدال آخر به، و(سوفت وير) الإنسان هو تعليمه وتثقيفه، ولعل قائلًا أن يقول: وأي تعليم يصلح لشهاب وإخوانه؟! وهل تراه يجدي نفعًا؟! فنقول: إن شاء الله يصلح التعليم والتهذيب لشهاب ولغيره من الشهب، وإن كانت أفجر وأعتى، وكما غيَّر التعليم الفاسد أخلاقهم فجعلها كما رأينا من السوء، فإن التعليم الصالح يصلحها ويهذبها، أو يقلل الشر وعديد أهله.

والتعليم الذي أعنيه هاهنا هو المدرسي وغير المدرسي، فالصغير ربما يسمع من معلمه فى المدرسة كلمة، أو آية، أو حديثًا ثم ينصرف عن العلم والدرس فلا يرجع إليه أبدًا، ولكن تبقى هذه الكلمة التي سمعها ووعيها مستقرة في قلبه، تحول بينه وبين الإفساد في شبابه. والكبير الذي فاته زمان التعليم المدرسي فإن التعليم عبر وسائل الإعلام، والندوات، واللافتات لم يفت أحدًا، ولم يفارفه أحد، ولم تزل فيه سعة للغادي والرائح إذا قامت به الدولة والتزمته، ولم تفتر أو تتوانَ عنه، فإنه إذا عرضت الدولة إرشادًا أو توصية أو تعليمًا على لافتات الطرق، ومواقع التواصل، وإعلانات التلفاز فلا شك ستغير شيئًا من أخلاقه إلى ما هو أمثل وأفضل، وإذا أكثرت وواظبت وزارات الأوقاف والثقافة وهيئات الإعلام على إقامة ندوات تقيمها في القاعات، والمساجد، والميادين، والساحات، وتضرب لها السرادقات في القرى والنجوع، وتدعو إليها عامة الناس، ليحاضرهم فيها كبار الأئمة والمحاضرين، فإن وجدوا من الناس انصرافًا عنها وجب أن تحتال لهم ببعض الإكرام والرغائب والهدايا اليسيرة ليحضروا، فيسمعوا ما ينفعهم سماعه والعمل به، فلا شك أن ذلك سيرشد الناس إلى الاستقامة، وتقل نوازع الشر في نفوسهم، وفي ذلك ربح للجميع؛ فدواوين الدولة من شرطة، ونيابة، وقضاء تستريح من عبء ضبط هؤلاء، وتوقيفهم، وعرضهم على النيابات والقضاة، والمواطن يأمن أخاه المواطن على نفسه وعرضه وماله، فلا هذا يؤذي صاحبه، ولا هذا يضار بالحبس والغرامات، بل الكل إخوة مؤتلفون.

ولعل أفضل ما علمنا إياه الأخ "شهاب من عند الجمعية" أن التعليم (غير المدرسي والمدرسي) هو أمن قومي وأمن مجتمعي للأمة، لئلا يخرج علينا شهاب آخر من عند الجمعية، أو من عند المطبعة، أو من عند الورشة، أو من عند المخزن، وقد صدق من قال: "من يفتح باب مدرسة يغلق باب سجن".
----------------------------
بقلم: محمد زين العابدين
[email protected]

مقالات اخرى للكاتب

شهاب من عند الجمعية