قبل يوم من الزيارة المرتقبة لرئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ إلى القاهرة، وصف السفير الصيني لدى مصر لياو ليتشيانج هذه الزيارة بأنها “خطوة دبلوماسية رفيعة المستوى ستضخ زخماً جديداً في مسار الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين”، مؤكداً أنها الزيارة الأرفع من الجانب الصيني إلى مصر في السنوات الأخيرة.
وفي مقال خاص نشرته سفارة الصين بالقاهرة عشية الزيارة المقررة يومي 9 و10 يوليو الجاري، أكد السفير لياو أن القاهرة وبكين تسيران جنباً إلى جنب بثبات، مستعرضاً متانة العلاقات الثنائية التي يحكمها التفاهم العميق والصداقة المتينة بين الرئيسين شي جين بينغ وعبد الفتاح السيسي، مشيراً إلى أن “الرئيسين التقيا مرتين خلال العام الماضي، واتفقا على الارتقاء بالعلاقات الثنائية نحو بناء مجتمع للمستقبل المشترك في العصر الجديد”.
وأضاف أن مصر كانت وما زالت داعماً ثابتاً لمبدأ “الصين الواحدة”، فيما تواصل بكين دعمها الثابت لمساعي القاهرة في حماية أمنها وسيادتها، مشدداً على أن البلدين عمّقا التبادلات الرفيعة المستوى على مختلف الأصعدة، بما في ذلك الحكومات والأحزاب والأجهزة التشريعية، ما عزز من الثقة السياسية المتبادلة باستمرار.
وعلى الصعيد الاقتصادي، شدد السفير الصيني على أن بكين باتت الشريك التجاري الأكبر لمصر وأكبر مصدر لوارداتها، إضافة إلى كونها واحدة من أبرز الدول المستثمرة في السوق المصري.
وأشار إلى أن منطقة “تيدا” الاقتصادية الصينية في السويس أصبحت نموذجاً ناجحاً للتعاون المشترك، إذ ساهمت في تنشيط الاقتصاد المحلي وتوفير آلاف فرص العمل، فضلاً عن تدفق الاستثمارات الصينية في مجالات متنوعة مثل مواد البناء الحديثة، والغزل والنسيج، والطاقة المتجددة، والصناعات الكهربائية، ما يعزز قدرة مصر على استثمار موقعها الجغرافي الفريد في دفع التنمية الاقتصادية.
ولفت إلى تعاون مالي مبتكر بين البلدين يسهم في تعزيز التنمية المستدامة داخل مصر، مؤكداً أن التحديث الصيني يفتح أمام القاهرة فرصاً حقيقية لتحقيق مكاسب ملموسة للمواطنين المصريين.
وفي سياق العلاقات الثقافية، شدد السفير الصيني على أن “مصر كانت أول دولة عربية وأفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين الجديدة”، مؤكداً أن هذه العلاقة التاريخية تزداد متانة بمرور الزمن.
وأوضح أن العام الماضي شهد إعلان “عام الشراكة الصينية المصرية”، حيث أُقيمت فعاليات ثقافية متنوعة، فيما تتزايد أعداد الطلاب المصريين المقبلين على تعلم اللغة الصينية، إلى جانب الانتعاش الكبير في حركة الطيران المباشر بين القاهرة والمدن الصينية، ما قلص المسافات بين الشعبين.
وسلط السفير الضوء على الإقبال الجماهيري الواسع في الصين على معرض الآثار المصرية القديمة، وتحليق سرب الطائرات الصينية فوق الأهرامات المصرية، إلى جانب نجاح فريق التنقيب الصيني المصري المشترك في الكشف عن معبد أثري بمدينة منف القديمة، معتبراً هذه المشاهد دليلاً على عمق التبادل الحضاري بين البلدين.
وأكد لياو ليتشيانج أن التعاون بين القاهرة وبكين يتجاوز الإطار الثنائي، ليعكس نموذجاً جديداً في العلاقات الدولية ذات الأهمية الاستراتيجية البالغة، مشيراً إلى التنسيق الوثيق بين الجانبين في الأمم المتحدة، وتعزيز التضامن والتعاون بين دول “الجنوب العالمي” عبر المحافل متعددة الأطراف مثل منتدى التعاون الصيني العربي، ومنتدى التعاون الصيني الأفريقي، ومجموعة “بريكس”، ومنظمة شنغهاي للتعاون.
وفيما يتعلق بالأزمات الإقليمية، شدد على توافق الرؤى بين البلدين تجاه الحلول السياسية للأزمات الكبرى، وفي مقدمتها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأزمة أوكرانيا، لافتاً إلى دعم الصين الواضح لخطة مصر وعدة دول عربية بشأن إعادة إعمار غزة، وكذلك البيان المشترك لوزراء خارجية مصر و20 دولة عربية وإسلامية، المطالب بوقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني.
بصفته مندوب الصين لدى جامعة الدول العربية، أكد السفير أن العلاقات الصينية العربية تشهد “أفضل مراحلها في التاريخ”، مستشهداً بالتقدم الكبير في مبادرة “الحزام والطريق”، حيث باتت تشمل جميع الدول العربية الـ22، وبلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية أكثر من 400 مليار دولار خلال عام 2024، ما يعكس عمق التعاون بين الجانبين اللذين يضمان معاً أكثر من ملياري نسمة.
وأشار إلى اتفاق الطرفين على تنفيذ “الأعمال الثمانية المشتركة” و”معادلة التعاون الخماسية” التي طرحها الرئيس الصيني، معتبراً أن مصر تظل ركيزة أساسية في هذا التعاون المتصاعد.
واختتم السفير مقاله بالتأكيد على أن العام المقبل سيحمل دلالات خاصة، مع احتفال البلدين بالذكرى السبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، فضلاً عن استضافة الصين للقمة الصينية العربية الثانية، مشدداً على أن العلاقات الصينية المصرية والعربية تقف الآن عند “نقطة انطلاق جديدة”.
وأعرب عن أمله في أن تسهم زيارة رئيس مجلس الدولة لي تشيانغ في توطيد الصداقة التقليدية، وتعميق التعاون متبادل المنفعة، بما يعزز مسيرة بناء مجتمع المستقبل المشترك بين الصين ومصر، ويدفع نحو تكامل أكبر بين بكين والعالم العربي في السنوات المقبلة.