07 - 07 - 2025

في ذكرى الاستقلال… سفارة فنزويلا تؤكد التمسك بالسيادة ورفض الهيمنة

في ذكرى الاستقلال… سفارة فنزويلا تؤكد التمسك بالسيادة ورفض الهيمنة

احتفلت سفارة جمهورية فنزويلا البوليفارية بالذكرى السنوية الـ214 لإعلان استقلال البلاد، في أجواء وطنية مفعمة بالفخر والاعتزاز، بحضور عدد من المسؤولين والدبلوماسيين والشخصيات العامة، حيث جسّد هذا الحفل معاني التمسك بالحرية والسيادة، واستحضارًا لتاريخ نضال طويل لا يزال حيًا في وجدان الفنزويليين.

في الخامس من يوليو عام 1811، اجتمع ممثلو الأمة الفنزويلية في البرلمان، ليعلنوا رسميًا استقلال بلادهم عن التاج الإسباني، واضعين بذلك الأساس لأول جمهورية مستقلة في أمريكا الجنوبية، في خطوة كانت بمثابة نقطة تحول في تاريخ القارة، حيث جاءت تتويجًا لنضال بدأ منذ 19 أبريل 1810، عندما قرر شعب كاراكاس كسر قيود الاستعمار الإسباني، وفتح صفحة جديدة من الكرامة الوطنية.

ذلك اليوم المجيد شهد توقيع وثيقة الاستقلال من قبل الولايات السبع المتحدة آنذاك، وهي كاراكاس وباركيسيميتو وكومانا وبرشلونة وميريدا ومارجريتا وتروخيو، لتولد “الكونفدرالية الأمريكية لفنزويلا في القارة الجنوبية”، وتصبح فنزويلا أول دولة في أمريكا اللاتينية تتخذ رسميًا قرار التحرر، وتبدأ مسارها كدولة مستقلة.

ولم تكن تلك الوثيقة مجرد إعلان سياسي، بل كانت تعبيرًا عن إرادة شعب يرفض الاستبداد والاستعباد، واضعًا مبادئ المساواة والحرية والدستور فوق كل اعتبار، ورافضًا إرث الهيمنة التي فرضتها الإمبراطورية الإسبانية طيلة ثلاثة قرون.

ورغم النقاشات الحادة في البرلمان بين أنصار الاستقلال والمتمسكين بالارتباط بالتاج الإسباني، إلا أن اللحظة الحاسمة جاءت في الثالث من يوليو 1811، حين وقف الثائر الشاب سيمون بوليفار، ليطلق خطابه التاريخي أمام الجمعية الوطنية، مطلقًا شرارة الحسم بكلماته الشهيرة: “لقد كان الأمس ضعفًا، أما اليوم فالتردد خيانة. ثلاثمائة عام من الهدوء… ألا تكفينا؟ فلنضع حجر الأساس لحرية أمريكا الجنوبية بلا خوف… فالتردد هو طريق الضياع”. ومنذ تلك اللحظة، دخلت فنزويلا مسار الحرية بلا رجعة.

واليوم، وبعد مرور 214 عامًا على ذلك الاستقلال التاريخي، لا تزال فنزويلا ترى أن معركة السيادة مستمرة، ولكن بأشكال جديدة، إذ تواجه محاولات الهيمنة والاستعمار الجديد، مستندة إلى إرثها الوطني ووحدة شعبها وجيشها، وعقيدة الثورة البوليفارية التي أعاد إحياءها الزعيم الراحل هوغو تشافيز.

 وفي هذه المناسبة، أكد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أن “وثيقة الاستقلال جعلتنا أحرارًا وسادة أنفسنا إلى الأبد أمام كل إمبراطورية استعمارية”، مشددًا على أن فنزويلا ستظل بلدًا حرًا، ذا سيادة واستقلال، يتمسك بالسلام ويسير على نهج القائد تشافيز، مدافعًا عن كرامة شعبه وحقه في تقرير مصيره.

وفي ظل الأزمات الدولية المتفاقمة، دعا مادورو إلى عقد قمة دولية عاجلة للسلام، محذرًا من خطورة تصاعد النزاعات، خصوصًا في غرب آسيا، مشددًا على أن فنزويلا ستبقى صوتًا حرًا داعمًا للسلام، متمسكًا باحترام القانون الدولي ومبادئ عدم التدخل، ومصرًا على مواجهة أي تدخل خارجي أو إجراءات قسرية أحادية الجانب تفرض عليها. 

وقال في رسالته إلى العالم: “نحن نرفض كل أشكال العدوان، ونعارض بشدة التدخلات الخارجية، وسنواصل الدفاع عن سيادتنا واستقلالنا مهما كلّف الأمر”.

ورغم الحصار الاقتصادي والعقوبات المفروضة، تواصل فنزويلا تحقيق مؤشرات اقتصادية إيجابية، فقد سجلت البلاد نموًا مستمرًا خلال الستة عشر شهرًا الأخيرة، بفضل سياسات داخلية ركزت على تحويل الاقتصاد إلى قوة داعمة للعدالة الاجتماعية، من خلال توسيع مظلة الرعاية الاجتماعية، وتوجيه عائدات الثروات نحو تحسين الخدمات الصحية والتعليمية، وضمان حقوق المواطنين الأساسية مثل الإسكان والرعاية الصحية والغذاء. 

وأكد مادورو أن كل تقدم اقتصادي لا بد أن ينعكس في رفاه المواطن، قائلًا: “كل رقم إيجابي في الاقتصاد يجب أن يتحوّل إلى رفاه اجتماعي”، مؤكدًا أن الحلم الذي راود سيمون بوليفار بتحقيق “السعادة الاجتماعية” لا يزال هو الهدف الأساسي للثورة البوليفارية، حيث تتكامل التنمية الاقتصادية مع العدالة الاجتماعية.

وفي الشأن السياسي، تواصل فنزويلا ترسيخ نموذجها الديمقراطي الفريد، حيث نظمت 32 عملية انتخابية منذ بدء الثورة البوليفارية قبل أكثر من ربع قرن، في إطار دستور 1999، مع احترام كامل لإرادة الشعب وخياراته الحرة.

كما تواصل فنزويلا العمل دبلوماسيًا لتعزيز عالم متوازن ومتعدد الأقطاب، مستلهمة من فكر المحرر سيمون بوليفار والقائد تشافيز، في الدفاع عن حق الشعوب في تقرير مصيرها، ورفض الهيمنة الخارجية، وبناء نظام عالمي جديد قائم على المساواة والعدالة.

وفي ختام كلمته، شدد مادورو على أن مواقف بلاده تنبع من تاريخها العريق وعمق هويتها الوطنية، داعيًا إلى تحرك دولي شامل لوقف الحروب وتعزيز ثقافة السلام القائم على العدالة، ومؤكدًا أن فنزويلا ستبقى دائمًا بلد السيادة والاستقلال، وحصنًا صلبًا في وجه محاولات الاستعمار والإمبريالية. 

ومع حلول الذكرى الـ214 للاستقلال، جدّدت فنزويلا التزامها التام بقيم السيادة والعدالة والسلام، ماضية بعزم وثبات نحو مستقبل مستقل مزدهر، وفيةً لرسالة محرريها، ومتمسكة بمسارها النضالي من أجل الكرامة والحرية.