كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، أن الجيش الصهيوني أصدر أوامره لقواته بإطلاق النار بشكل متعمد ومباشر على سكان غزة الذين يتوجهون لمراكز توزيع المساعدات الإنسانية، وأفاد ضباط وجنود للصحيفة أن استهداف أهالي غزة عند مواقع توزيع المساعدات الإنسانية، جاء بادعاء إبعادهم أو تفريقهم، رغم أنه كان واضحا أن هؤلاء الغزيين لا يشكلون خطرا.
وقال أحد الجنود إن "القصة هي أنه يوجد فقدان مطلق لطهارة السلاح في غزة". وتدعي النيابة العسكرية الإسرائيلية أنها طالبت دائرة التحقيق في هيئة الأركان العامة بالتحقيق في شبهة ارتكاب جرائم حرب في مناطق توزيع المساعدات، حسب الصحيفة.
ويشرف على توزيع المساعدات في أربعة مراكز في قطاع غزة "مؤسسة غزة الإنسانية"( GHF )، التي بدأت بالعمل قبل خمسة أسابيع تقريبا، لكن ظروف تأسيسها مشكوك فيها، إذ أن إسرائيل أسستها بالتعاون مع إنجيليين في الولايات المتحدة وشركات أمنية خاصة، والمدير العام الحالي للمؤسسة هو زعيم إنجيلي مقرب من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو. وتعمل المراكز تحت حراسة الجيش الإسرائيلي.
وتفتح المراكز لمدة ساعة واحدة في اليوم، ولا تعمل بشكل منظم، ونقلت الصحيفة عن ضباط وجنود إسرائيليين قولهم إن الجيش الإسرائيلي يطلق النار باتجاه الغزيين الذين يصلون إلى مراكز توزيع المساعدات قبل فتحها أو بعد إغلاقها.
ووصف جندي إسرائيلي الوضع بأنه "ميدان إعدام"، وقال إنه "في مواقع المساعدات الإنسانية تلك يقتل ما بين شخص واحد إلى خمسة أشخاص يوميا، حيث يتم إطلاق النار عليهم كأنهم قوة هجومية، فلا يستخدمون وسائل تفريق مظاهرات، ولا يطلقون الغاز، وإنما يطلقون النار من رشاشات ثقيلة، قاذفات قنابل، قذائف هاون. ويتوقفون عن إطلاق النار بعد فتح المراكز ويعلم السكان أن بإمكانهم الاقتراب، نحن نتواصل معهم بواسطة النيران".
وأضاف الجندي أنه "يطلقون النار في الصباح الباكر إذا أراد أحد الوقوف في الطابور على بعد مئات الأمتار، وأحيانا يهاجمونهم من مسافة قريبة، لكن لا يوجد خطر على القوات، ولم يحدث أبدا أي حالة تم فيها إطلاق نار من الجانب الآخر، أي الغزيين، لا يوجد عدو ولا سلاح"، وأفاد بأنه يطلق على جريمة الجيش الإسرائيلي هذه تسمية "عملية الفسيخ العسكرية"، في إشارة إلى السمك المملح.
ونقلت الصحيفة عن ضباط إسرائيليين تأكيدهم أن الجيش الإسرائيلي لا ينشر توثيق للأحداث عند مواقع توزيع المساعدات، وأن الجيش "راض" من أن نشاط GHF منع انهيارا مطلق للشرعية العالمية لاستمرار الحرب، ويعتقدون أن الجيش الإسرائيلي "نجح في تحويل قطاع غزة إلى ساحة خلفية، خاصة في أعقاب الحرب في إيران".
وقال جندي في قوات الاحتياط إن "غزة لم تعد تهم أحدا. وتحولت إلى مكان مع قوانين خاصة به. وموت البشر أصبح لا شيء، وحتى ليس حادثا مؤسفا مثلما كانوا يقولون".
وقال ضابط إسرائيلي إن "الجيش الإسرائيلي عمل في مواجهة السكان، والوسيلة الوحيدة لديه هي إطلاق النار" وأوضح أنه توجد حلقات حراسة حول مراكز توزيع المساعدات، وفي مراكز التوزيع والطرق المؤدية ممنوع تواجد الجيش الإسرائيلي. ويتواجد منظمون فلسطينيون في الحلقة التي تليها، وبعضهم مسلحون وينتمون إلى ميليشيا أبو شباب. وحلقة الحراسة التي يتولاها الجيش الإسرائيلي تشمل دبابات وقناصة وقذائف هاون، بادعاء حماية المتواجدين فيها والسماح بتوزيع المساعدات.
وأضاف الضابط أنه "في الليالي نطلق النار كي نوضح للسكان أن هذه منطقة قتال وألا يقتربوا إليها. وفي مرحلة معينة يتوقف إطلاق قذائف الهاون، وعندها يبدأ السكان بالاقتراب، فنستأنف إطلاق النار كي يعرفوا أنه يحظر الاقتراب، ثم ن سقوط قذائف بين مجموعة أشخاص. وفي حالات أخرى أطلقنا أعيرة نارية من دبابات وألقينا قنابل، وحدث أن أصيبت مجموعة مواطنين التي اقتربت تحت غطاء الضباب"، وادعى أن "هذا ليس متعمدا، لكن أمورا كهذه تحدث".
وتابع الضابط أن السكان لا يعرفون موعد فتح مراكز توزيع المساعدات. "ولا أعرف من يتخذ القرار، لكننا نوجه أوامر للسكان ولا نطبقها أو أنها تتغير. وكانت هناك حالات في بداية الشهر التي قالوا فيها لنا إنهم أصدروا بيانات حول فتح المركز عند الظهر، وجاء السكان في ساعات الصباح الباكر من أجل أن يكونوا أول من يحصل على الطعام. ونتيجة أنهم جاؤوا مبكرا، تم إلغاء توزيع المساعدات في ذلك اليوم".