قرار الحرب ليس سهلا.. بل مقامرة بمصائر الشعوب وحياة الملايين من البشر وتلاعب سياسي بأقوات الفقراء ومصالح الأثرياء وزعماء المال والأعمال .. وما اقترفه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من جريمة فادحة بحق كل هؤلاء بقرار تصعيد الضربات العسكرية ضد إيران واستهداف مواقعها النووية الحيوية لايضع الشرق الأوسط فحسب على حافة الهاوية، وإنما العالم بأسره، ليواجه الجميع شبح التسرب الإشعاعي المخيف!.
وتصدر مضيق هرمز حاليا مشهد البطولة وتسلطت الاضواء على مساراته بمجرد أن تجاهل "التاجر الأمريكي" صلاحيات الكونجرس وأصدر فرمان "الكاوبوي" بمحو الثعلب الإيراني من حظيرة النادي النووي لينفرد بها العدو الصهيوني بلا منافس .. فهذا المضيق الذهبي هو أنبوبة الأوكسجين الاقتصادي لدول الخليج ومستقبل الملاحة الدولية .. حيث يقع المضيق بين سلطنة عمان وإيران ويربط بين الخليج شمالا وخليج عُمان وبحر العرب جنوبا، ويبلغ اتساعه 33 كيلومترا عند أضيق نقطة، ولا يتجاوز عرض ممري الدخول والخروج فيه ثلاثة كيلومترات في كلا الاتجاهين.
ويمر عبر المضيق نحو خمس إجمالي استهلاك العالم من النفط، وتصدر السعودية وإيران والإمارات والكويت والعراق، الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، معظم نفطها الخام عبر المضيق، لا سيما إلى آسيا، فضلا عن قطر التي تعد من أكبر الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال.
الآن تهدد إيران بإغلاق مضيق هرمز إنقاذا للموقف وردا انتقاميا موجعا على الحرب الإسرائيلية المطعمة بالضربات الأمريكية، ولم يعد أمام كتلة الخليج سوى توحيد الصف والكلمة واتخاذ إجراء عملي يلتف حوله العرب لحماية ثرواتهم ومقدرات شعوبهم من "شيلوك" تل أبيب الجديد ومن ورائه "مرابي" هوليوود .. وأي تباطؤ أو تلكؤ في التصرف بإيجابية وحسم، سيستمر أمراء وملوك الخليج في سداد الفواتير من أرباح ارتفاع أسعار النفط لتذهب إلى خزائن الولايات المتحدة والغرب مقابل الموافقة على التهدئة ووقف القتال وإطفاء نيران الحروب.. والمسألة لم تعد تحتمل مؤتمرات واجتماعات وقمم ورقية بالية تملؤها توصيات وبيانات إنشائية، فالوضع يقتضي "اتفاق سلام" وبشروط شديدة القوة والقسوة لايفرضها إلا الأقوياء والشرفاء في عالم تحكمه البلطجة والإجرام ويشتري الخونة ويسحق الضعفاء!
-----------------------------
بقلم: شريف سمير
* نائب رئيس تحرير الأهرام