تتقيد العلاقات المصرية الإيرانية بعقد العلاقات الدولية والإقليمية المتناقضة تارة؛ وبالمسائل العقائدية تارة أخرى؛ ولكن لو درسنا المصالح المشتركة بين الجانبين من الناحية الإستراتيجية نجد أن جمهورية مصر العربية والجمهورية الإسلامية الإيرانية تتكاملان في مسائل مهمة كالأمن العسكري والإقتصادي؛ وهذه أهم زوايا التكامل بين أي بلدين يمكنها التلاقي في مصالح مشتركة وخصوصا أن التهديدات لكلا البلدين واحدة من حيث المصدر في الجوانب التي تم ذكرها لذلك سنعالج في هذه القراءة المشتركات تحت نفس العناوين
أولا: الإقتصاد
الأزمة الإقتصادية المصرية يلزمها رافعة انتاج وتصريف الإنتاج وليس المساعدات؛ لذلك سيكون السوق الإيراني مساحة كبيرة للإنتاج المصري كبلد عدد سكانه 91 مليون يفوق كل الدول التي يمكن تأخذ موقفا من هذه العلاقات وتعتبر الأسواق الإيرانية فرصة للإقتصاد المصري كسوق متعطش للكثير من المنتجات.
بالنسبة للإيراني الذي يذهب الى دول غير صديقة له لتصريف انتاجه كتركيا التي تصدر المنتجات الإيرانية تحت شعار صنع في تركيا من أجل التهرب من العقوبات الأمريكية فتستفيد تركيا وعائلة أردوغان من مليارات الدولارات سنويا من هذه العلاقة لذلك يمكن لجمهورية مصر أن تقوم بهذا الدور كما يمكنها الإستفادة من النفط الإيراني الرخيص لنفس السبب كذلك الأسواق المصرية هي فرصة حقيقية للإنتاج الإيراني كبلد يسكنه 112 مليون.
وهذه العلاقات الإقتصادة مطلوبة من ضمن مبادرة الحزام والطريق الصينية والتي تضم كلا البلدين وتحتاج لكلا البلدين معا لأسباب تتعلق بأمن الممرات الإقتصادية وهذا يعزز المصالح الإقتصادية المشتركة ويدعم إقتصادهما خصوصا إذا كان التعامل الإقتصادي بالعملات المحلية.
ثانيا: عسكريا
التهديدات لمصر كبيرة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني وكل له أسبابه؛ من ناحية الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر العلاقات المصرية الصينية أمرا عدائيا ضد الولايات المتحدة الأمريكية التي تحاول إقفال كل الممرات الإقتصادية للصين على العالم؛ وهذه العلاقات ستمنح الصين ممرا من باب المندب بعلاقتها مع اليمن وإيران ومن قناة السويس بعلاقتها مع مصر؛ لذلك كانت أوراق الضغط على مصر من قبل أمريكا بالإقتصاد والملف الصومالي والسوداني والليبي واضحا لتتخلى مصر عن مصالحها مع الصين.
تعتبر إسرائيل أن أي تسليح مصري استراتيجي هو تهديد لها وهذا واضح من خلال تصريحات بعض المسؤولين الصهاينة ضد مصر من أجل تقويض قدراتها العسكرية التي تؤثر على الكيان ولا ننسى أن حدود الكيان الإسرائيلي حسب مزاعمهم من النيل إلى الفرات ولم يتخلوا عن هذا الهدف حتى بعد توقيع اتفاقية السلام في كامب ديفيد التي خرقها الكيان بدخوله إلى محور فيلادلفيا
التهديدات لإيران من نفس الأطراف مع فارق المصالح لدى الأمريكي مع إيران؛ بالنسبة للملف النووي الإيراني والعلاقات الإقتصادية مع الصين؛ والذي يعتبر أن أهم رافعة للإقتصاد الصيني هو النفط الإيراني الرخيص؛ وكذلك تخشى الولايات المتحدة منافسة إيران بالوقود النووي لأن إيران تمتلك من احتياط اليورانيوم الخام ما ينافس كل الدول المنتجة للطاقة النووية وخصوصا أن احتياطات الطاقة الأحفورية بدأت تتقلص عالميا على المدى المتوسط
أما إسرائيل تعتبر إيران مصدر تهديد مباشر لها لامتلاكها صواريخ تطال الكيان الصهيوني وسلاح المسيرات وبرنامجها النووي ، وتهديد غير مباشر عن طريق دعمها لكل القوى الثورية المناهضة للكيان الصهيوني
لذلك نقول إن التهديدات لكلا البلدين واحدة وإن كانت بتفاوت زمني فالتهديدات لإيران حالية أما التهديدات لمصر فهي مؤجلة من حيث الصدام المباشر ولكن بأساليب أخرى.
من الممكن أن تتكامل القدرات العسكرية الإيرانية مع القدرات العسكرية المصرية في كافة المجالات وخصوصا في مجال سلاح البحرية والصاروخية وسلاح المسيرات والدفاع الجوي
ثالثا الأمن:
التهديدات الأمنية لكلا البلدين واحدة سواء من قبل الإسلاميين أو من خلال التحالفات الجديدة التي تبنيها إسرائيل مع الجماعات الإسلامية في سوريا والذي يمثل تهديدا مشتركا لكلا البلدين؛ وخصوصا بعد نجاح تركيا في السيطرة على سوريا وهي تتزعم الإخوان المسلمين في المنطقة وتحاول خلق بيئة عربية حاضنة لهذا المشروع.. لذلك التهديد الأمني اليوم هو بإتجاه الأردن أولا ثم مصر ثانياً لا أريد التوسع في هذا المضمار.
بعد كل ما تقدم نقول بكل صراحة؛ بحال تكاملت العلاقات الإيرانية المصرية على أساس المصالح المشتركة؛ فهذا كفيل بحماية منطقة الشرق الأوسط ولكن يجب لكل من البلدين تقديم مراجعة استراتيجية لعلاقاتهما المعيقة لهذا التحالف عبر التساؤلات التالية
- هل ستقوم إيران بفك الإرتباط مع جماعة الإخوان المسلمين وأنا ممن يعتبر أن علاقة إيران مع الإخوان كان خطأ استرتيجيا إيرانيا؛ بحيث أنه لا يمكن بناء علاقة على أساس الإعجاب بفكر المؤسس مع كل هذا النفاق السياسي الذي يطبقة التابعون لهذا الفكر.
- هل ستقوم جمهورية مصر العربية بإعادة النظر في علاقتها المحدودة لبناء علاقات استراتيجية مع إيران وتتجاوز الأفكار التكفيرية التي تم بثها على مدار السنوات الماضية؟
----------------------------------------
بقلم: العميد الركن/ نضال زهوي
رئيس قسم الإستراتيجية في مركز الدراسات الأنثروستراتيجية