- يرتفع على 8 أعمدة فرعونية، ومسلة جرى صقل زواياها؛ لإعطائها شكلًا مغايرًا يناسب وظيفتها الجديدة
- يقابل المسجد معبد مونتو إله الحرب عند المصريين القدماء
- لفت انتباه علماء الحملة الفرنسية أثناء زيارتهم له 22 سبتمبر عام 1799م؛ بسبب طابعه الفريد
- هُدِمتْ مئذنة المسجد التاريخية في عام 2003، دون الوعي بقيمتها الأثرية الكبيرة، وبأنها تعود إلى العصر الفاطمي
تشتهر محافظة الأقصر بصعيد مصر، بامتزاج الحضارة الفرعونية بالإسلامية فيها، حيث تضم المحافظة عددًا كبيرًا من المساجد التاريخية، التي بنيت معظمها في فترة مبكرة من الفتح الإسلامي لمصر، وأبرز هذه المساجد: المسجدان العمريان في مدينة إسنا، والمسجد العمري بالطود، ومسجد أبو الحجاج بمدينة الأقصر، وتشترك هذه المساجد جميعها بوجود أعمدة فرعونية بداخلها ترفع سقفها.
ويظهر ذلك بشكل واضح في المسجد العمري بالطود، الذي يقع على بعد 20 كيلو مترًا جنوب مدينة الأقصر، حيث يجمع المسجد بين الحضارة الفرعونية والإسلامية؛ لاحتوائه على أعمدة أثرية فرعونية، حيث وصفه أحد أشهر علماء الحملة الفرنسية كوستار، خلال زيارته إلى المسجد في 22 سبتمبر عام 1799م، أنّه يحتوي على ثمان أعمدة من الجرانيت تعود إلى الحضارة الفرعونية، وقطعة من مسلة تم صقل زواياها؛ لإعطائها شكلًا ثانيًا يناسب وظيفتها الجديدة، ولكن يبقى من السهل التعرف على هيئتها القديمة؛ بفضل الرموز الهيروغليفية التي لا زالت ظاهرة على طول العمود. تلك القطعة التي تشهد على أنّ مدينة الطود كانت قديمًا مزينة بالمسلات، وهو الشيء الذي يجعلنا نظن أنها كانت ذات أهمية كبيرة.
ويقول الباحث الأثري عبدالغفور عبدالله: "إن الشواهد الأثرية الفرعونية ظاهرة للغاية بالمسجد، من خلال شكل الأعمدة، والشواهد الأثرية الإسلامية المتمثلة في التيجان العربية، والكوابل، والدعامات الخشبية المتعانقة مع الأعمدة الأثرية، فضلًا عن شاهد حجري منقوش عليه باب ضريح ومقام حسن عبدالمنعم أغا، حاكم الشرق والغرب وناظر قسم إسنا، وقبلة المسجد التي تحتوى على عمودين من الجرانيت يرجح أنهما فرعونيين".
تاريخ البناء
أوضح الباحث الأثري الدكتور أحمد محمود الطيري، أنّه لا يوجد شاهد يبين تاريخ بناء المسجد، ولكن من المؤكد أنه أقدم مساجد صعيد مصر، ويرجح أنه قد بني بعد الفتح الإسلامي لمصر مباشرة. ويشير الطيري إلى أن تسمية المسجد العمري لا تعني بالضرورة أن منشئه هو عمرو بن العاص؛ وإنما تطلق على أقدم مسجد في كل إقليم أو منطقة، نسبة إلى جامع عمرو بن العاص في الفسطاط، الذي يعد أول مسجد جامع في مصر الإسلامية.
وأضاف أن بعض المستشرقين الفرنسيين مثل: جان كلود جارسان، يرجح أنّ يكون مسجد الطود العمري أنشئ خلال الفترة التي أنشيء فيها المسجد العمري بقوص؛ نظرًا لوقوعه في المنطقة نفسها، ولتطابق بناء المئذنتين في كلا المسجدين، على نسق المساجد الفاطمية القديمة.
ولفت الطيري إلى أنه تم هدم مئذنة المسجد التاريخية في عام 2003، دون الوعي بقيمتها الأثرية الكبيرة، وأنها تعود إلى الفترة الفاطمية، مثلها مثل مئذنتي مسجدي إسنا العمريين الباقيتين حتى الآن.
معبد طود
وفي المقابل من المسجد الذي يقع على ربوة مرتفعة، يوجد معبد الطود، الذي يرجح أن المسجد قد بني من أحجاره وأعمدته.
وقد بُني معبد الطود في عهد الأسرة الرابعة، لعبادة الإله «مونتو» إله الحرب، وهو الإله الذي جرى تقديسه في جنوب طيبة بمدينتي الطود وأرمنت.
واعتمد المعبد في بنائه على الحجر الرملي؛ لقربه من محاجر الحجر الرملي في إدفو بأسوان، كما استُخدم أيضًا لسهولة الحفر والكتابة عليه، ومن ثم تلوينه بحجر البازلت والجرانيت.
وخضع المعبد إلى مراحل ترميم في عصور مختلفة منذ تشييده في الأسرة الرابعة، حيث توجد رسومات تشير إلى تحتمس الثالث، ورمسيس الثاني، وبطليموس، وكليوباترا، ورسوم الخرطوش الفارغ التي تعود إلى العصر اليوناني.
وقد تعرض للإهمال على خلفية أفكار عقائدية متشددة، إبان العصر المسيحي في مصر، فبعض النقوش في المعبد مُمحاة.
-------------------
تقرير: د. عبدالكريم الحجراوي
من المشهد الأسبوعية