يبدو الخليج الآن كبيت من زجاج، ليس من صالحه تبادل القذائف أو الصواريخ بجواره أو قريبا منه.
ولذلك ليس في الأمر غرابة حين نقول؛ إن إيران ربما تأتي كثاني أكبر المستفيدين- بعد أمريكا - من مئات المليارات التي تضخها الدول الخليجية في الاقتصاد الأمريكي عبر صفقات واستثمارات.
فالدولة التي كانت وما زالت فزاعة الخليج؛ وبها يحلب ترامب ومن سيأتي بعده تلك المليارات؛ ليست ببعيدة عن مقياس الربح أيضا؛ فهذه المبالغ موزعة على سنوات حكم ترمب الأربع.
وبالتالي؛ تحتاج أمريكا قبل إيران لاستقرار المنطقة؛ كي يستمر إدرار الضرع الخليجي لملياراته في الفم الأمريكي.
فأي هجوم على إيران، سيحملها على الرد في الخاصرة الضعيفة على القواعد الأمريكية بالمنطقة؛ وفي تلك الحالة سيكون الخليج ساحة ضرب نار متبادل؛ وليس في صالح أي طرف - خاصة أمريكا- إشغال النار قرب عش الدجاجة التي تبيض ذهبا.
كما أن ضرب إيران، أو إسقاط نظامها، سيفرغ ساكن البيت الأبيض من حجته بحماية الخليج؛ وربما يعطل قطار التطبيع مع تل أبيب أيضا ؛ ففزاعة إيران تجعل واشنطن تبتز، وتل أبيب تطيع.
سيعمل ترمب على ضمان استقرار الخليج مدة بقائه في الحكم؛ وشراء لذمته تم دفع تلك المليارات؛ وبالتالي، لن يسمح الرجل الأصفر بإضرام النيران في الحظيرة، حيث بقرته الحلوب؛ ما يجعل تلك المبالغ تصب في مصلحة إيران أيضا، وربما قبل دول الخليج، دون أن تدفع دولارا واحدا.
يبقى السؤال، حول أسباب دفع تلك المبالغ المهولة؛ وهل بلدان الخليج بحاجة ماسة لإبرام تلك الصفقات؟ وهل كان بإمكانها الرفض؟ وماذا تستفيد منها؟ وإذا كانت هناك فائدة حقيقية فلماذا لم تبرم سوى بعد إعلان ترمب القدوم؟
ولماذا مع أمريكا فقط؟ وهي في مرحلة أفول! وماذا عن بقية الدول العظمي التي ستأتي بعد ترمب، وتطلب بنصيبها من الكعكة السحرية التي لا تنضب أموالها؟
يبدو الأمر مرتبطا بشرعية الوصول، وشرعية الاستمرار في الحكم، فقد قالها ترامب صريحة عارية وقت دعايته الانتخابية، متندرا على القادة والملوك؛ وربما بعد حصاد الغلة يعود لمواطنيه، ليتهكم مرة أخرى على قادة تلك البلدان التي تمنح الخنزير صندوق النذور؛ أو تدخل الثعلب حظيرة الدجاج ولا تبالي بما يفعله؛ في حين تضن على جيرانها الفقراء ببيضة.
------------------------------
بقلم: معوض جودة