في أجواء مفعمة بالروحانية والوحدة الكنسية، ألقى غبطة البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق، بطريرك الأقباط الكاثوليك في مصر، عظة مؤثرة في قداس خاص بمناسبة مشاركة الكنيسة القبطية الكاثوليكية في يوبيل الرجاء لعام 2025، الذي أقيم صباح اليوم 12 مايو في بازيليكا القديسة مريم الكبرى بالعاصمة الإيطالية روما، بمشاركة آباء السينودس البطريركي المقدس.
تحت عنوان "إعلان الإيمان في زمن التحديات"، استهل كلمته بإعلان الشكر لله على عطية حياة البابا فرنسيس، واصفًا إياه بـ"راعي الرجاء" الذي لامس جراح الكنيسة والإنسانية، كما قدّم التهنئة لقداسة البابا الجديد لاون الرابع عشر، داعيًا له بقيادة الروح القدس على خطى بطرس الرسول.
وفي تأمل روحي مستند إلى نص إنجيلي من إنجيل لوقا، تناول البطريرك ثلاث محاور رئيسية عبّر من خلالها عن جوهر رسالة الرجاء في هذا الزمن المفصلي.
أولًا: المصالحة مع بيتنا المشترك
في حديث لافت استلهم من روح الشريعة الموسوية وسنة اليوبيل في العهد القديم، دعا البطريرك إلى مصالحة شاملة مع الأرض والبيئة، مشددًا على أن أزمة المناخ ليست أزمة بيئية فقط بل إنسانية وروحية أيضًا. وأشاد بالتحذيرات النبوية التي أطلقها البابا فرنسيس في رسالته البيئية "كن مسبّحًا"، معتبرًا أن العالم اليوم بحاجة إلى رجاء يحرر لا يسكّن، يقاوم جشع الربح السريع وينشد عدالة من أجل الجميع.
ثانيًا: الرجاء في سلام عالمي
وفي ضوء تفشي الحروب والقلق الوجودي، أشار الأنبا إبراهيم إلى أن الرجاء ليس ترفًا بل ضرورة روحية وعملية. إذ يدعو إلى مساواة حقيقية تعترف بأن الأرض ليست ملكًا لأحد، بل عطية إلهية لجميع البشر. ومن هذا المنطلق، وجّه نداءً لتجاوز الانقسامات وبناء مجتمعات عادلة ومستدامة ترتكز على اقتصاد الحياة والمصالحة مع الخَلق.
ثالثًا: الرجاء في وحدانية القلب
في سياق الذكرى السابعة عشر بعد المئة لانعقاد مجمع نيقية المسكوني الأول عام 325م، أعاد البطريرك تسليط الضوء على الدور المحوري لكنيسة الإسكندرية في صياغة العقيدة المسيحية، من خلال شخصية القديس أثناسيوس الرسولي، مدافعًا عن جوهر الإيمان. واعتبر أن روح نيقية يجب أن تُلهم المؤمنين اليوم ليعيشوا وحدانية القلب رغم تعددية التقاليد، في وحدة الإيمان والشهادة للمسيح.
خاتمة تحمل روح الدعوة والتجديد
وختم البطريرك عظته بدعوة صريحة للمؤمنين ليكونوا "حجاجًا للرجاء"، منفتحين على عمل الروح القدس، ليجدد حياتهم ويقودهم نحو بناء عالم يسوده سلام المسيح. وتضرع إلى الله أن يكون يوبيل الرجاء زمنًا للنعمة والتحرر من كل قيد روحي، وأن تستمر الكنيسة في شهادتها بقيادة قداسة البابا لاون الرابع عشر، على خطى من سبقوهم في طريق القداسة.
ويُعد هذا الحدث محطة روحية بارزة في مسيرة الكنيسة القبطية الكاثوليكية، ورسالة قوية تعبر من قلب روما إلى العالم، مفادها أن الرجاء لا يزال حيًا، والكنيسة مدعوة أكثر من أي وقت مضى لأن تكون صانعة له في كل موضع.