فشلت خطة نظام مبارك في إدخال تعديلات جذرية على مواد النشر في قانون العقوبات تقضي بتغليط عقوبات الحبس والغرامة في القانون (93) لسنة 1995م، بسبب الرفض الواسع له، ولصمود جمعية عمومية وراء مجلس النقابة لمدة عام.
من وقتها لجأت السلطة إلى بديل آخر، أو حيلة وهي منهج "الدَّس في القوانين"، وانتشرت ظاهرة دَّس مواد مقيدة للنشر، وتجيز الحبس في قوانين كثيرة تبدو أنها بعيدة تمامًا عن الصحافة أو الإعلام، وبدأت مجالس النقابة "تحلق" وراء هذه المحاولات، التي لم تتوقف، ونجحت النقابة في أحيانٍ كثيرة في مواجهتها.
وتصورنا أن دستور 2014م، الذي تحققت فيه خطوات مهمة كللت نضال الصحفيين، وأنصار حرية التعبير بالنجاح، ومنها المادة (71) من الدستور، التي تنص على إلغاء المواد المقيدة للحرية في قضايا النشر عدا ثلاث جرائم تُرك تقدير عقوبتها للمشرع، وهي الضمانة التي لا تخص الصحفيين وحدهم .
ومن وقتها، ونصوص مواد الدستور معطلة وحبيسة الأدراج في وزارة العدل منذ عام 2016م، للمراجعة وإبداء الرأي بعد أن تم سلخ المشروع، الذي أعدته لجنة الخمسين ضمن مواد المشروع الموحد للصحافة والإعلام، الذي جرى التلاعب به وسُرقت منه روح الدستور ومقاصده!!
الآن نعود إلى سيرة ترزية رجال مبارك الأولى، وتعود سياسة "الدَّس" في القوانين بدلًا من الانتصار لمواد الدستور، ويخرج علينا مشروع قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية، والمقدم من الحكومة، ويدَّس المادة (8)، التي تعاقب المخالفين لأحكام القانون المتعلقة بنشر أو بث الفتاوى بعقوبة الحبس!!
المطلب من كل القوى الحية، ومن نواب مازال بعضهم يحاول، وفي مقدمتهم مَن ينتمون لمهنة الصحافة والإعلام والقانون أن يطرحوا القضية الأصل بإنفاذ مواد الدستور بدلًا من اللهث وراء سياسة "الدَّس" المكشوفة والفاشلة.
-----------------------------------
بقلم: يحيى قلاش *
* نفيب الصحفيين الأسبق