إن أي ظاهرة في العالم، سواء كانت سياسية، أم اقتصادية، أم اجتماعية، لا بد وأن يكون لها عوامل موضوعية، وذاتية، ساهمت في ظهورها.
والطائفية كانت كامنة ونائمة، لعن الله موقظها. وبروزها كظاهرة مرتبطة بالتطرف حتمًا له عوامل ذاتية وموضوعية، ساهمت في ظهورها وسيطرتها، وبالطبع نحن نغلّب العوامل الذاتية على الموضوعية لانتشار أي ظاهرة.
مثلًا: الحرب الهندية الباكستانية التي شبت في ٢٠٢٥، على إثر قتل مجموعة متطرفة لبعض السياح في كشمير.. من صنع هذه المجموعة؟ من موّلها؟
ابحث عن أصابع الصهيونية في كل حرب.
وسأورد مقولات بعض الساسة المؤثرين في السياسة الأمريكية، لعل وعسى يتفكر فيها أولوا الألباب:
(هنري كيسنجر) مستشار الأمن القومي الأمريكي، وأحد المهندسين لاحتلال العراق وتقسيمه، ومنظّر الضربات العسكرية على سوريا، كتب من عام 2009 حتى 2014 يقول:
"سيطروا على النفط، تسيطروا على الأمم. سيطروا على الغذاء، تسيطروا على الشعوب".
"ضرورة الحفاظ على الأنظمة الدكتاتورية، وتوجيه الثورات القادمة إلى دكتاتوريات عسكرية أو دينية، والتخلص من الأنظمة الحالية، وإحلال أنظمة عميلة كليًّا؛ لضمان هيمنة أمريكا على المنطقة، ودعم الحركات الدينية المتطرفة، وخاصة الإخوان المسلمين في مصر، وليبيا، والأردن، لتكوين جبهة لمواجهة إيران".
"الشرق الأوسط أصبح قديمًا، وعلى أمريكا أن تسعى لعمل جبهة سنية لمواجهة الهلال الشيعي (إيران، والعراق، وسوريا، ولبنان، والبحرين، وشرق السعودية)؛لاستمرار الحرب مئة عام بين السنة والشيعة".
"الحرب العالمية الثالثة على حافة الاشتعال، وما يحدث في سوريا هو مقدمة لها، أمريكا من جهة، وروسيا والصين وإيران من جهة أخرى".
"إيران ستكون المسمار الأخير في النعش الذي تجهزه أمريكا وإسرائيل، إلى روسيا والصين، وعندما يسقطان وإلى الأبد نبني مجتمعًا عالميًّا جديدًا، لن يكون إلا لقوة واحدة وحكومة واحدة، هي الحكومة العالمية (السوبر باور الماسونية)، وقد حلمت بهذه اللحظة التاريخية".
"بعد سقوط صدام بدأنا الحديث عن الشرق المتوسط الجديد، وبدون (مبارك) و(القذافي) و(زين العابدين) و (علي صالح)، ويلحقهم (الأسد)، تختفي أنظمة حكمت أكثر من مليون عربي، وتصبح خارطة الشرق بها العديد من الثقوب، التي بانتظار كيف ومن سيملؤها، والرياح لا تزال تحرك الرمال (وهنا يأتي دور الفوضى الخلّاقة)، وإذا سارت الأمور كما ينبغي، فسيكون نصف الشرق ملكًا لإسرائيل".
أما جو بايدن فهو مهندس فكرة عسكرة التنظيمات المتطرفة، وتأسيس (داعش)، وهو من صوّت مع احتلال العراق وتهجير شعبه، ومع تصفية الجيش العراقي، وطرح فكرة تقسيم العراق على أساس طائفي 2006. ومن مقولاته:
"أنا صهيوني، وإسرائيل ضرورة لأمن يهود العالم ". وأكد أنَّ بلاده تُقدم إلى الكيان الصهيوني 8.5 مليون دولار يوميًّا.
أما (ريتشارد بيرل) الصهيوني الأمريكي، في كتابه "نهاية الشر 2004" فيقول: "الحرب العالمية خيار لا مفر منه، وضرورة تقسيم العراق، وإنهاء الحكم في سوريا، والتخلي عن الوهم بأن دولة فلسطينية مستقلة تساهم في حماية الأمن الأمريكي".
وفي أدبياتهم وكتبهم، تنص الاتفاقية الجديدة لتقسيم الوطن العربي على أساس طائفي وعرقي بحت، كالتالي:
"يُقسّم العراق إلى ثلاث دول: كردستان، سنيستان، شيعستان.
كردستان: وتضم كردستان العراق وكركوك، وأجزاء من الموصل وديالي، وأجزاء من تركيا، وإيران، وسوريا، وأرمينيا، وأذربيجان، وستكون الأكثر موالاةً لنا.
شيعستان (دولة الملالي): وتشمل جنوب العراق، والجزء الشرقي من السعودية والأهواز، (والبحرين تعتبر تابعًا للجزء الشرقي من السعودية)، وهي حزام يحيط بالخليج العربي.
سنيستان (دولة الدواعش): وتضم ما تبقى من أرض العراق، وتُدمج مع أراضٍ في سوريا.
ومن الملاحظ أنَّ كل الدول المصطنعة تقوم على أساس عرقي، أو طائفي، أو ديني متطرف؛ وذلك من أجل التبرير ليهودية الكيان المحتل لأرض فلسطين.
وتُقسّم سوريا إلى أربع دول طائفية، وكل الدلائل تشير إلى أن تقسيم العراق وسوريا قادم لا محالة.
وتُقسّم السعودية إلى دولتين: دينية إسلامية على غرار الفاتيكان؛ تشمل: مكة، والمدينة، والمناطق الدينية، ودولة سياسية، ويتم اقتطاع أجزاء من السعودية لصالح اليمن والأردن، وتبقى الكويت وعُمان بلا تغيير.
أما فلسطين فبعد أن تم التقسيم فعليًّا على الأرض إلى غزة والضفة، يسقط حق العودة، ويصبح فلسطينيُّوا الشتات يتبعون الأردن، ويُرحّل قسرًا عرب الأراضي المحتلة عام 1948؛ لتحتفظ فلسطين بالعرق اليهودي فقط".
ويأتي ضمن السياق، القرار الأخير برفض إعطاء المهاجرين الروس (غير اليهود)، الذين هاجروا منذ سنوات طويلة لأسباب اقتصادية، إقرارًا من الكيان الصهيوني بيهوديتهم. فالهدف النهائي من كل هذا الخراب والدمار، لتقسيم العالم على أساس ديني أو عرقي؛ من أجل التبرير ليهودية الكيان الغاصب.
ونذكّر بالمقولة المشهورة لـ (ريتشارد بيرل): "العراق هدف تكتيكي، والسعودية هدف استراتيجي، أما مصر فهي الجائزة الكبرى".
من الفرات إلى النيل.. أليس هو حلم الصهيونية والماسونية منذ أن نشأت؟
--------------------------
بقلم: د. أنيسة فخرو *
* سفيرة السلام والنوايا الحسنة
المنظمة الاوروبية للتنمية والسلام