12 - 05 - 2025

كِش وزير !

كِش وزير !

أعلم أن محمد عبد اللطيف وزير التعليم جاء وهو يحمل هَمّ إصلاح التعليم، فشرع منذ أيامه الأولى فى الوزارة فى سد خلل هاهنا، أو تدارك تقصير هنا، أو تقويم معوج هناك، وكلها أمور طيبة، ومساعٍ حميدة تذكر فيشكر، غير أنه لم يكن قائدًا حصيفًا لرجاله، فإن القائد الحصيف إذا كان مستقبلًا عدوه يريد الظفر به لم يكن من الحكمة منه أن يستعدى جنده ويوغر صدورهم عليه قبل لقاء العدو، فإن تدابيره لا تفلح إلا بجهدهم، وانتصاراته لا تُنجَز إلا بجهادهم، واسمه لا يعلو إلا بعملهم، ولن يعطوه ذلك إلا عن رضا لا سخط، ولقد دخل محمد عبد اللطيف الوزارة ومعه قريبًا من المليون من المعلمين، هم جنده وجيشه لإدراك ما هو قاصد إليه من الإصلاح والتجديد، لكنه لم يتألف قلوبهم، بل أسخطهم حين بدا لهم وللناظر أنه اتخذهم عدوًّا من الأعداء! فإنه قد أثقل عليهم بقراقوشياته، واستعداهم عليه بكثرة التكاليف التى يضيق عنها الوقت والجهد! وهو إذا تفقد المدارس لم يظهر كثير كرامة ولا توقير لرجاله المعلمين، بل يقتحمها عليهم هو وأهل ركابه كأنما هم فى إغارة على أعداء، أو فى حملة على أشقياء! ثم يعمد هو وأعوانه مستقصين الأوراق والدفاتر كفعل من يطلب لك ذنبًا، فإذا ظفر بتقصير لم يسعه الوقت أو حصر عنه الجهد بادرك بالتشهير والتسميع، ثم بالتحقيق والعقوبة! فصار محمد عبد اللطيف عند كثير من المعلمين لا يصنع تجديدًا ولا إصلاحًا، بل يصنع بيئة عمل غير آمنة لرجاله! وقد عرف معاليه أن المعلمين رواتبهم على أساسى ٢٠١٤ فلم يرفع لهم أساسى رواتبهم، ولا هو زادها بأجر تكميلى أسوة بغيرهم من منتسبى الوزارات، لعله كان بذلك أن يتألف قلوبهم!

لقد كان ينبغى على محمد عبد اللطيف وقد علم أنه منتدب لتجديد التعليم أن ينسج أحبال ود بينه وبين رجاله، وأن ينظر فى التماساتهم وشكاواهم ويجيبهم إليها، وأن يبدى لهم التقدير والتوقير لا التهديد والوعيد؛ لأنهم هم يمينه التى إن رضيت أطاعت وأصلحت، وإن استُكرهت آتت طاعة عاصية ملتوية لا تؤتِى أُكُلها، فالأمر إليه، ولينظر أى  الجنود يحبهم أن يكونوا رجاله فى مساعيه الحميدة، الطائعون الراضون أم المستكرَهون المستعصون؟!
----------------------------------------
بقلم: محمد زين العابدين
[email protected]

مقالات اخرى للكاتب

كِش وزير !