10 - 05 - 2025

ضوء | الحركة الصهيونية(٣)

ضوء | الحركة الصهيونية(٣)

أكتب في اللحظة الأليمة التي أرى الجثث أشلاء متناثرة في غزة، أكثر من ٦٠ ألف شهيد جُلهم من النساء والأطفال في غزة، وأكثر من مائة ألف جريح ومعاق، وأتساءل بعد الاتفاقيات الإبراهيمية مع الكيان الصهيوني: ألم تتعلم الأنظمة العربية من الدروس؟ لماذا لا نتعلم نحن العرب من الدروس السابقة؟ ولماذا يستفيد الصهاينة من أخطائهم ونحن لا نستفيد ولا نتعلم؟ حكاماً وشعوباً.

لماذا هذا اللهاث المتتابع والهرولة العبثية للتطبيع مع الصهاينة؟

ماذا جنت مصر بعد إتفاقية التطبيع؟ هل جنت النهضة أم المزيد من الفقر والثورات؟

ماذا حصد الأردن من التطبيع؟ المزيد من المعاناة الاقتصادية، ومطالبة الصهاينة بقضم القدس والضفة الغربية، وهي الأراضي التابعة للأردن رسميًا في الاتفاقيات الدولية.

ماذا حصد الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات بعد أوسلو؟ سوى الحصار والعذاب والموت، وماذا حصد الشعب الفلسطيني؟ سوى المزيد من نهب الأراضي وهدم البيوت والقتل والتشريد.

وماذا حصد العرب عمومًا بعد كل تلك الاتفاقيات؟ سوى مزيد من الذل والإهانة والتبعية.

أعتقد من الواضح إن جميع الرؤساء المطبّعين تم اغتيالهم بعد أن انتهى دورهم، وأولهم أنور السادات بالرصاص، وتلاه الملك حسين، ثم ياسر عرفات، بالسُمّ، فالصهاينة يريدون أن يكون الطرف الثاني في الاتفاقية ميتاً، لكي لا يلتزموا بالبنود الواردة في الاتفاقية.

وهكذا سيفعلون مع السودان وأثيوبيا، ومع كل دولة ضمن مخطط التطبيع، بل وإن أغلب دول أفريقيا التي سعى الصهاينة للتطبيع معها، لم تحصد سوى المزيد من نهب ثرواتها ومقدّرات شعوبها، لأن المحتل الصهيوني يفكر بعقلية المستعمر الذي يريد أن ينهب ويسيطر ويستفيد من كل الثروات الطبيعية في المنطقة ويسخّرها لمصالحه فقط، وأية دولة تتوقع أنها يمكن أن تستفيد من التطبيع فهي واهمة، لأنها حتمًا ستخسر أكثر مما تربح، اللهم بعض الأفراد الذين يستفيدون من الصفقة، لأن رأس الفساد نتنياهو، لا يبخل على رفاقه من العرب المفسدين الذين يهيؤون ويطبلّون للتطبيع، ويتسارعون إلى توقيع الاتفاقيات.

وكل الاتفاقيات التطبيعية السابقة والقادمة، سيكنسها الشعب الفلسطيني بصموده وتضحياته العظيمة.

يستخدم الصهاينة أسلوب العصا والجزرة، القتل والتطبيع والتدجين معاً، منذ أن تأسس هذا الكيان، ولقد ذكرنا سابقاً بعض الاغتيالات الفردية حتى عام 2000. عدا عن آلاف المجازر الجماعية،

أما ما بعد عام ألفين، فمن حركة فتح وكتائب شهداء الأقصى، تم اغتيال كل من المناضلين:

- جمال عبد الرازق، مع ثلاث أعضاء آخرين بالرصاص في غزة، والقيادي ثابت ثابت في 2000.

ومسعود عياد، وعماد أبو سنينه بالرصاص في الخليل في 2001.

ورائد الكرمي، ومحمود الطيطي، وحكم أبو عيشة، بالرصاص في 2002.

ومن حركة حماس وكتائب عز الدين القسام، تم اغتيال كل من المناضلين:

- في 2001، جمال منصور وجمال سليم، في الضفة الغربية، بصاروخ، ومحمود أبو هنود، مع اثنين من رفاقه.

- في 2002، ياسر سعيد رزق، ومهند الطاهر في نابلس، وصلاح شحادة، واغتيال زوجته وأطفاله.

- في 2004، تم اغتيال الشيخ المُقعد أحمد ياسين مؤسس حماس مع حراسه الشخصيين، في غزة، بقصف من طائرة أباتشي، واغتيال عبد العزيز الرنتيسي، مع ابنه. واغتيال عز الدين شيخ خليل، في دمشق، وعدنان الغول، وعماد عباس، وإحسان شواهنه، بقصف صاروخي على سيارتهم.

- في 2009 اغتيال الشيخ نزار ريان، وسعيد صيام، بقصف منزلهما.

- وفي 19 يناير 2010 نفذ الموساد بكل وقاحة عملية اغتيال محمود المبحوح القيادي في حماس، على أرض الإمارات العربية.

- وفي نوفمبر 2012 اغتالوا أحمد الجعبري، بغزة.

- وفي أغسطس 2014 اغتيال رائد العطار، ومحمد ابوشماله، ومحمد برهوم .

ومن الاغتيالات أيضا:

- في 19 ديسمبر 2015 اغتيال المناضل اللبناني سمير القنطار، عميد الأسرى العرب، في دمشق.

- وفي 15 ديسمبر 2016 اغتيال المهندس التونسي محمد الزواري، في مدينة صفاقس في سيارته، وهو أول تونسي يصنع طائرة إستطلاع بدون طيار.

- وفي 2017، اغتيال الشاب باسل الأعرج، بالضفة. واغتيال الأسير المحرر مازن فقها.

- في 2018، اغتيال الشاب أحمد نصر جرار، في جنين. واغتيال الشاب أشرف نعالوة، في نابلس.

- 19 مارس 2019، اغتيال الشاب عمر أبو ليلى، في رام الله.

وطبعًا قائمة الاغتيالات لا تنتهي، بتصريح قادة الصهاينة، فكل عربي بالنسبة لهم دمه حلال.

هذه التضحيات تحتّم على العرب أنظمة وشعوبًا، أن تضع الشهداء والمقاومين والمناضلين شموعاً تهديهم لطريق الحرية وطرد المحتل، وشموساً تحميهم من ذُلّ التطبيع، لكي لا يؤول مصير الحكام المُطبّعين حالياً إلى مصير من سبقهم، ولكي لا يؤول مصير الشعب والأمة العربية إلى مصير الهنود الحمر.
---------------------------
بقلم: د. أنيسة فخرو
سفيرة المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام


مقالات اخرى للكاتب

ضوء | التطرف والطائفية (العوامل الذاتية)