كل حلفائك فازوا يا قيصر.. يقولها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بكل ثقة وهو يشاهد بعينيه الزرقاوتين ويسمع بأذنيه الحادتين اليميني القومي المتطرف والمؤيد لروسيا كالين جورجيسكو يحقق فوزا مفاجئا في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة في رومانيا، مما يثير مخاوف في الاتحاد الأوروبي من اتساع نفوذ موسكو بعد أن نجحت في استقطاب بوخارست إلى معسكرها في أعقاب الانتخابات المتنازع عليها في مولدوفا وجورجيا.
وحصل جورجيسكو على 22.94% من أصوات الناخبين في الجولة الأولى، متقدما على مرشحة يمين الوسط إيلينا لاسكوني من حزب "اتحاد إنقاذ رومانيا"، والتي حازت على 19.1%، واستطاع اليميني جورجيسكو أن يطيح برئيس الوزراء الديمقراطي الاجتماعي الشعبوي مارسيل شيولاكو .. لتصبح هذه هي المرة الأولى في تاريخ رومانيا منذ 35 عاما بعد حقبة نيكولاي تشاوتشيسكو، التي لايكون فيها للحزب الاشتراكي الديمقراطي مرشح في الجولة الثانية من السباق الرئاسي، وهو ما يمثل ضربة قوية لأقوى حزب في البلاد، ويؤكد على مشاعر الناخبين المناهضة للحكم.
إنها صحوة مذهلة للشعب الروماني .. هكذا وصف جورجيسكو المشهد الانتخابي عقب إعلان النتائج انطلاقا من أجندته التي رفع شعارها في حملاته والتي تركز على تقليل اعتماد البلاد على الواردات ودعم المزارعين وزيادة الإنتاج المحلي من الغذاء والطاقة.
8 ديسمبر المقبل .. موعد جديد يضربه اليميني المتطرف مع انطلاق الجولة الثانية من الانتخابات، ليتنافس فيها كل من جورجيسكو أمام منافسته إيلينا لاسكوني لتحديد من سيقود البلد العضو في حلف شمال الأطلسي "الناتو" والاتحاد الأوروبي .. ويثير الفوز المفاجئ لجورجيسكو المخاوف من اختراق روسيا صفوف "الناتو" وتقويض قدراته وسياسته لحماية أوكرانيا من الحرب الروسية .. وبعد أن كانت رومانيا عضوا موثوقا به في الاتحاد الأوروبي وحليفا للناتو، على النقيض من دول أصغر كالمجر وسلوفاكيا وبلغاريا، صارت الآن مصدر شك وريبة من تحولها في ظل وجود اليميني جورجيسكو إلى "حصان طروادة" تختبئ وراءه سهام بوتين لتوجيه المزيد من الضربات القاتلة لخصمها الأوكراني، بل وبما يهدد أمن واستقرار أوروبا بأسرها.
- إذا كنا نمتلك واحدا أو إثنين فقط من "فصيلة" بوتين في صفوف حكامنا وزعمائنا وملوكنا، وبكل ما نحظى به من كنوز وثروات وما تتمتع به دولنا من موقع وثقل إقليمي .. من المؤكد أننا سنقولها مرارا وتكرارا على رقعة الشطرنج العالمية :"كش ملك"!!
----------------------------
بقلم: شريف سمير
* نائب رئيس تحرير الأهرام