01 - 05 - 2025

مؤشرات | قراءة في معركة انتخابات الصحفيين قبيل الاقتراع

مؤشرات | قراءة في معركة انتخابات الصحفيين قبيل الاقتراع

ساعات وتنطلق انتخابات الصحفيين، لدورة نقابية جديدة لمدة عامين، بالاقتراع على منصب النقيب، والتجديد النصفي للأعضاء؛ لاختيار مرشح واحد نقيبًا، وستة أعضاء، وسط منافسة حادَّة، وازدادت سخونة مع طول فترة الانتخابات والتي قاربت الشهرين.

ولكن ورغم هذه السخونة، قدمت هذه الدورة حجمًا من التطاول والافتراءات على الجميع، خصوصًا على منصب النقيب، وطالت الاتهامات الجميع، وفاقت أي وصف، بل ظهر (لا أستطيع أن أقول) جيل، بل "نفر" من المتسلحين بألفاظ لم يسبق لانتخابات أن شهدتها من قبل، وعلى مدى نحو 45 عامًا شاركت خلالها في انتخابات نقابة الصحفيين.

أدرك جيدًا أنه ومن منتصف ليلة الجمعة وصباح السبت المقبل، ستنهى المعركة الانتخابية، وسيصمت الجميع؛ احترامًا للنتيجة المنتظرة، وترك الأيام للمجلس الجديد أن يلملم الجراح التي تسبب فيها البعض، وشارك فيها مرشحون عن قصد أو بدون قصد.

وحتمًا ستبقى أصوات من هنا وهناك تثير الافتراءات، ولكنها ستختفي وستذهب مع الريح، ولن يلتفت إليها أحد، بعدما يستقرّ الصحفيون على اختيار من يمثلهم لمدة عامين كنقيب، وفي اختيار ستة أعضاء يستحقون أن يمثلوا الجمعية العمومية لمدة أربع سنوات.

مؤكدًا أنّ أغلبية المقترعين من الصحفيين قد استقروا على اختياراتهم لمنصب النقيب، واختيار العدد الأكبر من المرشحين على عضوية المجلس، وهذا حق طبيعي، ولا يمكن أن يفرض أحد رأيه على أحد، فالكل حدد هدفه، وربما قبيل الوقوف أمام صندوق الانتخابات يبقى مرشح أو اثنين لم يتم حسمهم لدى البعض، للاختيار من بين الأعضاء الستة المطلوب اختيارهم.

إذن المعركة الأكبر دائمًا على منصب النقيب؛ لأن الاختيار فيها لواحد فقط، وعلى مدى سنوات طويلة، يسألني بعض الزملاء في اللحظات الأخيرة، "من ترى هو الأجدر لأمنحه صوتي لعضوية المجلس؟".. وهو ما يعني أن البعض لم يرَ في المرشحين من يلفت نظره، وتلك طبيعة الانتخابات النقابية.

والدرس هنا مهم جدًّا، بأن المرشح على عضوية المجلس يحتاج إلى جهد أكبر؛ لجذب انتباه الناخبين، ومخاطبة عقولهم واحتياجاتهم، وربما ثقافتهم واهتماماتهم، وربما توجهاتهم.

وسألني أكثر من مرشح، عدة مرات، قبيل بدء فتح باب الترشح لانتخابات الصحفيين في هذه الدورة وغيرها، كانت إجاباتي قديمًا سهلة وتحتمل المرونة، ولكن في هذه المرة، وفي دورة 2023- 2025، كانت إجاباتي صعبة جدًّا، خصوصًا مع اختلاف تركيبة العضوية، ودخول جيل جديد من الشباب، لهم ما لهم من هموم وآراء، وما زال المرشحون بعيدين عنها، ولم يدخلوا في نقاش حقيقي بشأنها، إلا من هم من أجيال متقاربة سنًّا وفكرًا وثقافةً، والأهم: هموم تتعلق بالبحث عن الذات، والاحتياجات اليومية، في ظل ظروف اقتصادية هي الأصعب في مصر.

وللأسف حتى هذه الهموم ليس لها حلول ناجعة، ومن هنا جاءت دغدغة بعض المرشحين لمشاعر كتلة كبيرة وواسعة من الناخبين، خصوصًا من شباب الصحفيين، والإفراط في الوعود، والتي غالبًا لا يمكن أن تتحقق، ولو تحققت فتظل حلولها محدودة، ولا تلبي الجموع العامة من الصحفيين، كمثل حال الوعود في الانتخابات العامة في مصر.

صحيح أن تحقيق الوعود يحتاج إلى خيط يربط بين نقابة الصحفيين وأجهزة الدولة، وهذا طبيعي ولا يمكن إنكاره، وهو أمر تفرضه الضرورة، ولكن عندما يغيب دور الجمعية العمومية كقوّة ضغط، في ظهر النقيب والمجلس؛ لتحقيق مطالب المجموع، سواءً اقتصادية، أو سياسية، أو مهنية، تظلّ الوعود في خانتها الفردية، من جانب المرشح، خصوصًا إذا كان مرشحا يريده النظام، وأي نظام، وربما، بل غالبًا ما تتنصل منها "حكومة الدولة" بمجرد انتهاء "موسم الانتخابات".

ولو عدنا للعقود الخمسة الأخيرة، وانتخابات الصحفيين خلالها، والتي عاصرت غالبيتها، سنجد هذا واضحًا؛ فالعديد من الوعود ذات الصبغة الحكومية، في الغالب الأعم لم تتحقق، وتبقى بعض الوعود، التي جرت بجهد شخصي، وربما تنتهي بنهاية دورة صاحبها، بينما مطالب الجماعة الصحفية تبقى وتتحقق.

لست ضدَّ من يأتي بخدمات لمجموع الصحفيين، فكلنا في حاجة إليها، ولكن الأهمّ أن نؤمن بأن قوة النقيب من قوة جماعته الصحفية بكل توجهاتها، ومستوياتها، والنقيب القوي هو القادر ومجلسه على لملمة كل الجماعة الصحفية، بدلًا من الذي يسند ظهره على نمط هو أقرب لظاهرة "الطائفية المؤسساتية"، ولا حتى السياسية، ولا ذلك من يسند ظهره على وعود رسمية أو شبة رسمية.

وفي الختام: كفانا ونحن على بُعد ساعات من انتخابات الصحفيين في دورة 2025 – 2027، هذا الكمّ مما أسميته سابقًا بـ"لكمات الكلمات"، ولنغتسل من رذاذ من أطلقوها، والتي كادت أن تعلق بجلود أجسامنا، وتشوّه صورتنا، لننطلق نحو طريق خالٍ من مطلقي الافتراءات و"الطائفية الانتخابية"، ونختار من يصون كرامتنا، باختيار حر ونزيه، وبإرادة تحمي مهنة تواجه أصعب أزمات في تاريخها، وتواجه كل العاملين فيها.
----------------------------
بقلم: محمود الحضري



مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | قراءة في معركة انتخابات الصحفيين قبيل الاقتراع