30 - 04 - 2025

الجارديان: كان عليّ أن أهرب وإلّا قتلوني.. "لماذا يملأ لاجئو الحرب السودانيون السجون في اليونان"

الجارديان: كان عليّ أن أهرب وإلّا قتلوني..

- يقول محامو المهاجرين: إنَّ المدعين العامين يستخدمون قوانين صارمة لمكافحة التهريب لسجن الأشخاص الذين لا علاقة لهم بالجرائم الجنائية

فرَّ طالب القانون السابق صموئيل (19 عاما) من بلدته الجنينة، بعد وقت قصير من نهبها، خلال واحدة من أسوأ المذابح في الحرب الأهلية الوحشية في السودان؛ والتي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف، ونزوح أكثر من 13 مليون شخص.

بعد أن نجح في الوصول إلى ليبيا برًّا، أمضى صموئيل يومين في عبور البحر الأبيض المتوسط، في يونيو، قبل أن يتمَّ إنقاذه بواسطة سفينة شحن، ويرافقه خفر السواحل اليوناني إلى جزيرة كريت.

وهو محتجز الآن في سجن أفلونا للشباب، على بعد 45 كيلومترًا شمال أثينا، إلى جانب ما يقدر بنحو 50 رجلًا سودانيًّا آخرين، معظمهم - كما يقول المحامون والناشطون - لاجئوا حرب، تمَّ اعتقالهم، واتّهامهم بتهريب المهاجرين، بعد طلب اللجوء في أوروبا، ووصولهم إلى جزيرة كريت اليونانية.

تعرّف ركاب آخرون على صموئيل باعتباره قائد القارب؛ وهو ما يُعدّ انتهاكًا لعدة قوانين يونانية، بما في ذلك المساعدة في نقل المهاجرين غير الشرعيين. في حال إدانته، يواجه صموئيل عقوبة سجن محتملة تصل إلى 15 عامًا.

يقول: إنّه ليس مهربًا، بل لاجئ يبحث عن الأمان في أوروبا. دفع للمهربين 12 ألف دينار ليبي (1660 جنيهًا إسترلينيًا)، وهو ما يقول إنه أجرة مخفضة، بشرط أن يقود القارب. وقال: إنّهُ لم يكن يجيد قيادة القارب أو حتى السباحة. وقال للمدّعين العامين اليونانيين في شهادته: "كان عليّ أن أقود القارب وإلَّا قتلوني".

أُلقي القبض على مئات الأشخاص بموجب قانون مكافحة التهريب اليوناني الصارم، الذي دخل حيز التنفيذ عام ٢٠١٤، والذي يُعاقب بالسجن لمدة تصل إلى ٢٥ عامًا. ويُشكل مهربو المهاجرين المُدانون الآن ثاني أكبر مجموعة في السجون اليونانية بعد المسجونين بتهم تتعلق بالمخدرات.

يقول ناشطون ومحامون: "إنَّ الأكثر ضعفًا هم من يقودون القارب في كثير من الأحيان، بمن فيهم الرجال الذين يوافقون أحيانًا على ذلك، مقابل تخفيض تكلفة الرحلة لهم، أو لأفراد أسرهم". ويضيفون: إنَّ تجريم اللاجئين وطالبي اللجوء غير فعّال في تفكيك شبكات التهريب، إذ نادرًا ما يكون المهربون الحقيقيون على متن القارب".

يقول سبيروس بانتازيس، محامي صموئيل: "لقد كان قانون مكافحة التهريب الصارم سلاحًا حكوميًّا أبديًّا؛ للحدّ من الهجرة غير الشرعية. في الواقع: هو عديم الفائدة تمامًا، ولا يؤدي إلا إلى ملء السجون اليونانية بأشخاص لا سجل لهم، ولا صلة لهم بجرائم جنائية".

يصف بانتازيس، وهو محامٍ جنائي مقيم في أثينا، صموئيل بأنه "شجاع وملتزم بمستقبل أفضل"، ويقول: "إنَّ قضية الادعاء اليوناني تعتمد كليًّا على إفادات الشهود التي سجلها خفر السواحل اليوناني، دون أي تسجيلات، أو أدلّة رقميّة، أو إثباتات على مكاسب مالية". كما يقول بانتازيس: "إنَّه لن يُطلب من أي شهود المثول أمام المحكمة، ممَّا يحرم صموئيل من حقه في مواجهة متهميه".

"تشتت عائلتي. لديّ أم وأب، وأنا الأكبر بين ستة. أخبرني أصدقائي أنهم في مخيمات للاجئين، لكنني لم أتحدث إليهم منذ أكثر من عام" هذا ما أدلى به صموئيل أمام الادّعاء اليوناني في يونيو/حزيران 2024، بعد وصوله بفترة وجيزة.

برزت جزيرة كريت مؤخّرًا كنقطة دخول رئيسية للمهاجرين إلى اليونان؛ حيث استقبلت أكثر من ربع إجمالي الوافدين منذ يناير 2025، متجاوزةً بذلك بؤرًا ساخنة سابقة مثل ليسبوس وساموس. ووفقًا لمسؤولين يونانيين، وصل أكثر من 2500 شخص إلى كريت من أفريقيا حتى الآن هذا العام.

يشكل المواطنون السودانيون رابع أكبر مجموعة من طالبي اللجوء في اليونان، متجاوزين بذلك الفئات التقليدية كالسوريين والفلسطينيين. وتشير أرقام مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن عدد الوافدين إلى جزيرة كريت زاد بأكثر من ستة أضعاف في عام ٢٠٢٤ مقارنةً بعام ٢٠٢٣.

تقول غابرييلا سانشيز، الباحثة في جامعة جورج تاون، إنَّ تجريم اللاجئين الفارّين من الحرب الأهلية في السودان، يتعارض مع بروتوكول الأمم المتحدة بشأن تهريب المهاجرين، الذي ينص بوضوح على عدم جواز مقاضاة المهاجر لتسهيله تهريبه. كما أنّ ممارسة مقاضاة المهاجرين الشباب في دول الاتحاد الأوروبي كمهربين تتعارض مع مبادئ البروتوكول".

لاجئ حرب آخر، جاستن أنجوي، 19 عامًا، والذي فرَّ من السودان في عام 2023، أُدين بالتهريب الشهر الماضي؛ لكنّه الآن يستأنف ضد إدانته. يقول: إنه رأى والده يُقتل قبل أن يفرَّ من السودان. في شهادته أمام المحكمة قال: "أخبرتني والدتي أن أغادر بأيّ ثمن؛ لذلك هربت إلى ليبيا. عملت في سوبر ماركت لتوفير المال، ثم استخدمت هذه الأرباح - إلى جانب المبلغ الصغير الذي أعطته لي والدتي - لدفع المال لمهرب والقيام بالرحلة إلى هنا".

يقول أنجوي: إنّه يتوق للتحدث إلى والدته، وشقيقتيه الصغيرتين "لم أتواصل معهما منذ سجني قبل ستة أشهر. لقد فقدت الأمل - كل شيء مظلم الآن".

تقول جوليا وينكلر، عالمة السياسة التي شاركت في تأليف تقرير عام 2023 حول تجريم المهاجرين في اليونان: "ما يحدث في جزيرة كريت هو مثال وحشي على كيف أن ما يسمى بـ"حرب أوروبا على التهريب" يجرم في الواقع فعل الهجرة ذاته".

من جهتها قالت وزارة الهجرة واللجوء اليونانية: إنها لا ترغب في التعليق.