30 - 04 - 2025

دمشق ترد على مطالب أمريكا: لن نسمح بأن تصبح سوريا مصدر تهديد لإسرائيل

دمشق ترد على مطالب أمريكا: لن نسمح بأن تصبح سوريا مصدر تهديد لإسرائيل

ردّت سوريا كتابيًا على قائمة الشروط الأميركية المتعلقة بإمكانية تخفيف جزئي للعقوبات، مؤكدة أنها استجابت لمعظمها، في حين أن البعض الآخر يتطلب "تفاهمات متبادلة" مع واشنطن، بحسب نسخة من الرسالة اطلعت عليها رويترز وقال نص الرد السوري : "لن نسمح بأن تصبح سوريا مصدر تهديد لأي طرف، بما في ذلك إسرائيل". 

وكانت الولايات المتحدة قد سلّمت سوريا الشهر الماضي قائمة من ثمانية شروط تريد من دمشق تنفيذها، من بينها تدمير ما تبقى من مخزونات الأسلحة الكيماوية وضمان عدم تعيين أجانب في مناصب عليا في الحكم. 

وتحتاج سوريا بشدة إلى تخفيف العقوبات لإنعاش اقتصاد انهار بعد 14 عاماً من الحرب، فُرضت خلالها عقوبات قاسية من الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا للضغط على الرئيس السابق بشار الأسد. 

ومنحت الولايات المتحدة إعفاءً لسوريا في يناير لمدة ستة أشهر من بعض العقوبات لتشجيع إيصال المساعدات، لكن الأثر كان محدودًا. وفي حال تنفيذ جميع المطالب الأميركية، ستقوم واشنطن بتمديد هذا الإعفاء لمدة عامين وقد تصدر إعفاءً إضافيًا، وفقًا لمصادر تحدثت لرويترز في مارس. 

وكانت رويترز أول من كشف أن المسؤولة الأميركية البارزة ناتاشا فرانشيسكي سلّمت قائمة الشروط لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني خلال لقاء مباشر على هامش مؤتمر المانحين لسوريا في بروكسل بتاريخ 18 مارس. 

وفي أول خطاب له أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة، سعى الشيباني إلى إظهار أن سوريا بدأت بالفعل الاستجابة للمطالب، بما في ذلك ملف الأسلحة الكيماوية والبحث عن أميركيين مفقودين في سوريا. 

وتتطابق تصريحاته العلنية مع محتوى رسالة سوريا الخاصة إلى الولايات المتحدة، التي اطلعت رويترز على نسخة غير مؤرخة منها، ولم يتم الكشف عن مضمونها سابقًا. وأكد مسؤولان غربيان ومسؤول سوري اطّلعوا على الرسالة أنها تطابق النسخة التي اطلعت عليها رويترز. 

وفي وثيقة من أربع صفحات، تعهدت سوريا بإنشاء مكتب ارتباط في وزارة الخارجية للبحث عن الصحفي الأميركي المفقود أوستن تايس، وشرحت جهودها في معالجة ملف الأسلحة الكيماوية، بما في ذلك تعزيز التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. لكنها لم تورد تفاصيل كثيرة بشأن مطالب أخرى أساسية، منها سحب المقاتلين الأجانب ومنح الولايات المتحدة الإذن بتنفيذ ضربات لمكافحة الإرهاب، وفقًا للرسالة. 

وأكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن تلقت ردًا من السلطات السورية على طلبها اتخاذ "إجراءات بناء ثقة محددة ومفصلة". وأضاف المتحدث: "نقوم حاليًا بتقييم الرد وليس لدينا شيء نعلنه في الوقت الحالي"، مشددًا على أن الولايات المتحدة "لا تعترف بأي كيان كحكومة لسوريا، وأن أي تطبيع محتمل للعلاقات سيعتمد على تصرفات السلطات المؤقتة." ولم يصدر تعليق فوري من وزارة الخارجية السورية. 

المقاتلون الأجانب 

وأوضحت الرسالة أن المسؤولين السوريين ناقشوا ملف المقاتلين الأجانب مع المبعوث الأميركي السابق دانيال روبنشتاين، لكن القضية "تتطلب جلسة تشاورية موسعة".  وجاء في الرسالة: "ما يمكن تأكيده في الوقت الحالي هو أنه تم تعليق منح الرتب العسكرية، وذلك بعد الإعلان السابق بشأن ترقية ستة أفراد"، في إشارة على ما يبدو إلى تعيين مقاتلين أجانب، من بينهم من الإيغور وأردني وتركي، في مناصب ضمن القوات المسلحة في ديسمبر. لكن الرسالة لم توضح ما إذا تم سحب الرتب من أولئك المقاتلين، كما لم تتضمن خطوات مستقبلية بشأن ذلك. وذكر مصدر مطّلع على موقف الحكومة السورية من القضية أن دمشق ستحاول تأجيل التعامل معها قدر الإمكان، كونها ترى أن المقاتلين غير السوريين الذين ساهموا في الإطاحة بالأسد يجب معاملتهم بشكل جيد. 

أما بشأن الطلب الأميركي للتنسيق في قضايا مكافحة الإرهاب وتنفيذ ضربات على أهداف إرهابية، فأشارت الرسالة إلى أن "الأمر يتطلب تفاهمات متبادلة." وتعهدت بأن الحكومة السورية الجديدة لن تسمح بوجود أي تهديد للمصالح الأميركية أو الغربية في سوريا، ووعدت باتخاذ "إجراءات قانونية مناسبة"، دون تفاصيل إضافية. 

وكان الرئيس المؤقت لسوريا أحمد الشرع قد صرّح في مقابلة سابقة هذا العام أن القوات الأميركية المتواجدة في سوريا دخلت دون موافقة الحكومة، مضيفًا أن أي وجود من هذا النوع يجب أن يتم بالتوافق مع الدولة. 

وأشار مسؤول سوري مطّلع على الرسالة إلى أن المسؤولين السوريين يدرسون سبلًا أخرى لإضعاف المتطرفين دون منح الولايات المتحدة إذنًا صريحًا بتنفيذ ضربات، كون ذلك يُعتبر خطوة مثيرة للجدل بعد سنوات من القصف الأجنبي خلال الحرب. 

تعهد بعدم تهديد إسرائيل 

وذكر دبلوماسي رفيع وشخص آخر اطّلع على الرسالة لرويترز أن سوريا استجابت بالكامل لخمسة من الشروط، في حين بقيت الشروط الأخرى "معلّقة". وقالوا إن الرسالة أُرسلت في 14 أبريل – أي قبل عشرة أيام فقط من وصول الشيباني إلى نيويورك لإلقاء كلمته أمام مجلس الأمن. ولم يتضح ما إذا كانت الولايات المتحدة قد ردت على الرسالة السورية. وأكّد مسؤول سوري ومصدر أميركي اطّلع على الرسالة أن الشيباني كان من المقرر أن يناقش محتواها مع مسؤولين أميركيين خلال زيارته إلى نيويورك. 

وجاء في الرسالة أن سوريا تأمل أن تؤدي الإجراءات التي تم اتخاذها، والتي وصفتها بـ"الضمانات"، إلى عقد اجتماع لمناقشة كل نقطة بالتفصيل، بما في ذلك إعادة فتح السفارات ورفع العقوبات. 

وبخصوص الفصائل الفلسطينية المسلحة في سوريا، أوضحت الرسالة أن الرئيس الشرع شكّل لجنة "لمتابعة أنشطة الفصائل الفلسطينية"، وأنه لن يُسمح بوجود جماعات مسلحة خارج سيطرة الدولة. وقد أُرسلت الرسالة قبل أيام فقط من اعتقال سوريا اثنين من مسؤولي حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية. وجاء في الرسالة: "بينما يمكن مواصلة النقاش حول هذا الأمر، فإن الموقف العام هو أننا لن نسمح بأن تصبح سوريا مصدر تهديد لأي طرف، بما في ذلك إسرائيل." 

كما أشارت الرسالة إلى وجود "تواصل مستمر" بين السلطات السورية لمكافحة الإرهاب وممثلين أميركيين في عمّان بشأن مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، وأبدت استعداد سوريا لتوسيع هذا التعاون. ولم يُكشف سابقًا عن هذه المحادثات المباشرة بين سوريا والولايات المتحدة في عمّان.