01 - 05 - 2025

نفحات العشر الأواخر | الإمام الطيب: القرآن والسنة حكمة الحكيم.. والرسول كان يغار على أسماء الله

نفحات العشر الأواخر | الإمام الطيب: القرآن والسنة حكمة الحكيم.. والرسول كان يغار على أسماء الله

من أسماء الله الحسنى المذكورة بالقرآن الكريم وجاء ذكرها في الأحاديث النبوية، "الحكيم" والذي ذكر بالقرآن الكريم كاسم من أسماء الله الحسنى 38 مرة، فيما وردت صفة الحكيم 40 مرة.. والملاحظ أن "الحكيم" جاء مقترنا مع ثلاثة من أسماء الله في القرآن الكريم: "العزيز الحكيم" 29 مرة، و"العليم الحكيم" أربع مرات، و"الحكيم العليم" مرتين.. وجاءت صفة "حكيم" مع صفات الذات الإلهية كالتالي: "عزيز حكيم" 18 مرة، و"عليم حكيم" 14 مرة، و "حكيم عليم" 5 مرات، و"واسع حكيم" مرة و"تواب حكيم "مرة، و"حكيم حميد" مرة.

وفي الأحاديث النبوية، ما رواه البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فأقول كما قال العبد الصالح عيسى ابن مرْيَم: (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).. فيما روى مسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: (جاء أَعْرَابِيٌّ إلى رَسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: عَلِّمْنِي كلاماً أقوله، قال: قلْ: لا إلَه إلَّا اللَّه وَحْدَه لا شريك له، اللَّه أَكْبَر كبِيرا، والْحَمْد لله كثيرا، سُبْحَان الله رَبّ العالمين، لا حَوْل ولَا قُوَّة إلَّا باللَّه العزيز الحكيم).

** حكمة الله تحمل 15 معنى

شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين الدكتور أحمد الطيب من خلال برنامجه "الإمام الطيب"، أوضح أن اسم الله تعالى "الحكيم" يعني الحكمة التي تحمل 15 معنى، منها: العقل، والعلم، والقرآن الكريم، والسنة النبوية، والعلم بشرط العمل أي العمل بما علم، والحكمة تعني أيضا اللفظ القليل الذي يتضمن معاني كثيرة، والمقصود بها جوامع الكلم.

ومن معاني اسم "الحكيم" أيضاً، أنه يعني عليم وعالم ومحكم.. وفسر شيخ الأزهر "عليم وعالم" بقوله هو يعلم منذ الأزل لكل الوجود قبل أن يوجد ومتى سيفارق الوجود، ومحكم أي متقن لما خلق.

ولفت شيخ الأزهر إلى أن من صفات الحكيم "الإدارة" وهي تخصيص المخلوق.. و"القدرة" وهي صفة التأثير بالإخراج للوجود من العدم.. و"العلم" وهي أنه سبحانه يكشف المعلومات وهي في العدم.. ومن الأسماء أيضاً لأسم الله تعالى "الحكيم" الإتقان والحسن.

وقص شيخ الأزهر قصة رفضه كني أحد الصحابة بـ "أبا الحكم".. فقد جاء أحد الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم، فلاحظ النبي أن قومه يكنونه بأبي الحكم، فسأله النبي عن هذا، فقال: إن قومي إذا اختلفوا يأتون لي فأحكم بينهم ويعجبون بهذا الحكم وكل طرف يرضى عن الآخر، فقال النبي: ما أحسن هذا، فمالك من الولد؟، فقال له: عندي شُريح ومسلم وعبد الله، فمن أكبرهم؟ فقال شُريح، فقال له: فأنت أبو شريح.. وقال له النبي: إن الله هو الحكم، وإليه الحكم، وذلك – كما قال شيخ الأزهر – يوضح غيرة من النبي على حدود الوحي والشريعة وأن هذا الاسم لا يصح ولا يليق إلا وصفا أو تسمية لله سبحانه وتعالى.

** الجمال الإلهي بالإتقان والدقة وليس الشكل

واستطرد شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين الدكتور أحمد الطيب، في تفسير اسم الله تعالى "الحكيم"، مبيناً أنه يعني "المُحكم" وهي تحمل معاني الإتقان والدقة والتقدير.. موضحاً أن الله خلق كل شيء وأحسن خلقه فقد خلق الإنسان من الطين وهو لا يحمل صفات الطين، كذلك تلقيح الزهور.. هناك نباتات يلقحها الريح وأخرى تلقحها الحشرات، وهذه النباتات تم تزويدها بألوان ورائحة معينة لجذب الحشرات. الإمام الطيب، قال إن الله جميل يحب الجمال، لا تعني الجمال بمفهومه البهاء والشكل، ولكن الجمال الإلهي هو الحسن، والإتقان، والدقة، والتقدير.

الحكمة.. معرفة أفضل الأشياء لأشرف العلوم

ويرجع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وصف الله سبحانه وتعالى بالحكمة لمعرفته أفضل الأشياء لأشرف العلوم.. مشيراً إلى الفرق بين "العلم" الإلهي الأزلي و"المعرفة" البشرية المكتسبة، بأن المعرفة تفترض سابقَ جهلٍ، وهو ما يستحيل على الله تعالى، وأن العلاقة بين العلوم المادية والإيمان، أن العلم الحديث يدفعك دفعًا للبحث عن الله، فالعالم المادي يكتفي بنصف الطريق ولا يكمل المشوار، أما العالم الإلهي لا تنقطع لديه سلسلة الاستفهامات، لأن عقله في حالة تساؤل دائم يستفهم عن الذي جعل كل ذلك موجود.. مستشهدًا بتجربة غليان الماء عند (100) درجة، والتي تُظهر أن القوانين الطبيعية مُصمَّمة بإرادة إلهية، محذرًا من نسب الصفات الحادثة إلى الله، مؤكدًا أن صفاته أزلية، وأنه لا يُتصوَّر أن يتصف القديم بصفةٍ طارئة.    

** الحكمة هي القرآن والسنة

وفي حديثه عن اسم الله تعالى "الحكيم" والذي امتد لأربع حلقات على التوالي من برنامجه "الأمام الطيب"، أوضح شيخ الأزهر أن من معاني الحكيم السنة النبوية والتي هي جوامع الكلام، فالسنة هي المصدر الثاني في التشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم.. كما أن الله سبحانه وتعالى خص الرسول صلى الله عليه وسلم بجوامع الكلام.. شارحاً ذلك بأن جوامع الكلام ناشئة من الحكمة، والإنسان الحكيم لا يقف عند صغائر الأمور، والحكيم هو من يعرف الله، وبات يعرف كل العلوم الأخرى، وبالتالي كما قال الإمام الغزالي ونقل عنه شيخ الازهر "من عرف الله هو الحكيم حتى ولو كان كليل اللسان قليل البيان".

وأنهى شيخ الأزهر تفسيره لمعنى اسم الله "الحكيم"، الذي أشتق من الحكمة، بأنها هي القرآن والسنة النبوية، ولكن التفسير الأعم هي العلم بالله.. وكما قال الإمام الغزالي رأس الحكمة مخافة الله.

أوضح شيخ الأزهر جواز، إطلاق اسم "حكيم" على البشر، بقصد أنه حكيم بين نظرائه، أي العاقل والرزين، لكنه حذَّر من التشبيه بصفات الله، لأنه إذا نُظر إلى الإنسان كمن يشارك الله في الحكمة المطلقة؛ فهذا ممنوع شرعًا.. لأن أن اسم الله "الحكيم" من الأسماء التي تختصُّ به سبحانه، ولا يجوز أن يُشاركه فيها أحد حين يكون هذا الاسم مأخوذًا من الحكمة الإلهية التي هي «معرفة أشرف معلوم بأشرف العلوم"؛ مستشهدًا بكلام أئمة المفسرين كالغزالي والرازي، الذين رأوا أن الحكيم هو "من يعرف أشرف الأشياء بأفضل العلوم".

وختم شيخ الأزهر حديثه عن اسم الله "الحكيم" بقوله: بأن الابتلاءات التي تصيب الإنسان هي ليميز الله الخبيث من الطيب، ليثبت المؤمن ويزيل الكافر.