* مهنة تعتمد على الإحساس بالمقام الأول
اشتهرت محافظة قنا بجنوب مصر منذ القدم بصناعة الفخار، إذ يتوارث هذه المهنة الأبناء عن الآباء الذين تعلموا سرها من أجدادهم المصريين القدماء الذين صنعوا الكثير من الأساطير حول الفخار، حيث لقبوا أحد أربابهم باسم الإله الفخراني وهو خنوم الذي يقوم بعملية الخلق المادي للإنسان من طمي النيل على عجلة الفخار، وفي رواية أخرى أنه كان يشكل الأطفال الصغار من طمي النيل المتوفر عند أسوان، ويضعهم في أرحام أمهاتهم، وكان مركز عبادته في أسوان وإسنا القريبة من محافظة قنا، وكذلك منف أول عاصمة لمصر الموحدة على يد نارمر.
مهنة الإحساس
ويقول عم حربي الذي فقد بصره منذ الصغر أنه يعمل في مهنة الفخار وهو بعمر التاسعة، حيث تعلمها من والده، الذي ورثها عن أجداده، مضيفًا أن مهنة الفخار تعتمد على الإحساس في المقام الأول وخاصة حاسة اللمس أكثر من حاسة البصر، مما يجعل هذه المهنة هي الأكثر ملائمة إليه.
خطوات صنع الفخار
وتسير عملية صنع الأدوات الفخارية طبقا لمراحل متعددة أولها خلط الطمي وتركه حتى يتخمر، ويكون جاهزًا بعدها للوضع على الدولاب، تلك الآلة التي يستخدمها الفخار لصنع الشكل الذي يريده حيث يقوم بتجويف قطعة الطين بيديه، ولفها بقدمه. والدولاب هو عبارة عن أسطوانة حديدية، ورأس تستخدم باليد، وأسطوانة أخرى من أسفل، يتم تشغيلها بالقدم، وبمجرد تحريكها باليد أو القدم، تسير عكس عقارب الساعة والعمل على الدولاب يتطلب الصبر والدقة، وبعد تشكيل الآنية يتركها الفخار في الشمس حتى تجف ثم تأتي مرحلة الحرق حيث توضع الأواني الجافة في الفرن ثم تجيء المرحلة الأخيرة التي يتم فيها ثقل أو تنعيم الأواني الفخارية تمهيدا لبيعها للجمهور.
المنتجات
ويشير عم حربي إلى أنه لا يخلو بيتا في جنوب مصر من الأواني الفخارية حتى الآن، مشيرًا إلى أنها كانت من مستلزمات الزواج فيما مضي، ومضيفًا أنه الآن بعض الأشكال الفخارية قد اختفت لقلة الطلب عليها، مثل الأباريق والماجور الذي يتم عجن الدقيق داخله، والجرار التي كانت السيدات يحملنها فوق رؤوسهن لملأها من مياه النيل.
أما عن الأواني الفخارية الأكثر طلبا من الجماهير فهي الأزيار الموجودة في كل بيت بالصعيد وكذلك في شوارعه، بالإضافة إلى القلل، والبرمة، والطواجن، وأصص الزراعة، لافتًا إلى أنه رغم التقدم التكنولوجي الهائل فإن الطلب على الأواني الفخرية ليس بالقليل وأكثر من وجه بحري.
صحية
عن سبب تمسك الأهالي بالصعيد بالأزيار في الشرب رغم توفر الثلاجات والكولديرات داخل المنازل يقول عم حربي لأن مياه الزير والقلة صحيحة، كما أنها تجعل طعم الماء أجمل يروي العطشان.
وسيلة البيع
ويقول عم حربي أنه يبيع بضاعته للتاجر الذين يحملون الأواني على عرباتهم الكر أو السيارات ويطفون بها على البيوت عارضين بضاعتهم، مشيرا إلى السعر يختلف على حسب حجم الأنية فكلما كان حجمها أكبر كان السعر أكبر.