تتبنى بعض المؤسسات الأهلية الآن نشاطات متعددة مرتبطة بالفن التشكيلى. وهذا التبنى لدعم الفنانين ولا توجد هذه المساهمات بنفس الكثافة فى الفنون الأخرى كالكتابة والموسيقى والمسرح وغيرها. 

فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك مؤسسة فاروق حسنى التى تهتم بالشباب، فتقيم له مسابقة سنوية بجوائز قيمة، وكذلك هناك جائزة الفنان أحمد نوار وهى معنية بالشباب أيضا، ويوجد ملتقى البرلس الذى يجمع الفنانين المصريين والأجانب بمؤسسة الفنان عبدالوهاب عبد المحسن. ومؤخرا أطلق الفنان محمد عبلة مؤسسة تحمل إسمه لدعم الفنانين، وخاصة رسامى الكاريكاتير. وتسبق كل هذه المؤسسات موسسة "العرب للثقافة والفنون" التى أنشأها هشام قنديل لتفتح مجالات متتعددة للشباب وكبار الفنانين من إقامة معارض لمسابقات لندوات عن الفن التشكيلى، وأمسيات ثقافية، وإقامة ورش وملتقيات فنية تدعمها المؤسسة من الألف الى الياء.

ومن أهم النشاطات التى تقوم بها مؤسسة العرب للثقافة والفنون معرض سنوي جماعي للفنانين العرب يجمع بين عدد كبير من الفنانين بإتجاهاتهم المخلفة، فرصة مثالية لتسليط الضوء على إبداعات المشاركين وتقدم لمحة عن المشهد الفنى المعاصر، وتظهر التفاعل بين مختلف الأساليب الفنية، كما أنه يعكس القضايا الإجتماعية والثقافية التى تعبر عنها هذه الأعمال.

وقد حقق المعرض هذا العام نجاحا لافتا لقطاع كبير من الجمهور، والنقاد، وطلبة الكليات المتخصصة. فقد حرص كل المشاركين على تقديم أعمالهم الحديثة التى تعكس القضايا الاجتماعية والثقافية التي تعبر عنها هذه الأعمال.

أحد أهم جوانب هذا المعرض هو التنوع الفني الذي يجمع بين الفنانين المشاركين. يمكن ملاحظة اختلاف الأساليب من التجريدية إلى الواقعية، ومن الفن الحديث إلى التقليدي. وكذلك تنوع الموضوعات مثل الهوية، الحياة الإجتماعية، البيئة، والتكنولوجيا. هذا التنوع يُعزز من تجربة الجمهور ويتيح لهم فرصة التأمل والتفكير للتفاعل ولإكتشاف الأعمال برؤى مختلفة.

لا أبالغ إن قلت أن هذا المعرض يوازى المعرض العام الذى يقيمه قطاع الفنون بميزانيات ضخمة. الأمر الذى يدعو الجميع الى إعادة التفكير فى الصياغات القديمة لإقامة تلك الفعاليات.

ليس معنى هذا أن معرض ضي لم يكلف القائمين عليه مبالغ ضخمة, فلو تم تأجير جزء من المكان فقط لتجاوز مئة ألف جنيه شهريا، لكن إيمان صاحبه بأهمية المشاركة المجتمعية والدور الكبير الذى تقدمها الثقافة فى خدمة المجتمع تتجاوز هذه الماديات سواء فى هذا المعرض أو فى مسابقة مهرجان ضى للشباب، أو غيرها من النشاطات غير الربحية، والتى تهتم فقط بخدمة الفنانين. وتعرف قيمة ما تقدمه في توحيد الثقافات والأفراد. من خلال تنوع الأساليب الفنية والرسائل الاجتماعية والثقافية، يُشكل هذا المعرض نافذة واسعة على العالم المعاصر، ويسلط الضوء على أهمية الفنون في حياة المجتمع ودورها في التعبير عن القضايا الإنسانية بطريقة مبتكرة وجذابة.

تميز المعرض هذا العام بمشاركات 100 مصور من النخبة المتميزة، وزينت القاعات بأعمال ضيف الشرف الفنان الراحل حامد عبدالله، وأيضا شارك فى مجال النحت 30 نحاتا من المتميزين، وكان الافتتاح تظاهرة فنية كبيرة شارك فيها عدد كبير من الفنانين والمثقفين والجمهور، ويستمر المعرض حتى نهاية رمضان.

فى تواز مع افتتاح المعرض، فوجئ الحضور بإعلان هشام قنديل رئيس مؤسسة العرب للثقافة والفنون عن تدشين قاعة جديدة بضى الزمالك تحمل إسم الفنان الراحل حامد ندا. 
--------------------
بقلم: د. سامي البلشي