01 - 05 - 2025

ترامب.. رئيس في مهمة إشعال العالم

ترامب.. رئيس في مهمة إشعال العالم

منذ عودته إلى البيت الأبيض، لم يضيع دونالد ترامب أي وقت في تنفيذ أجندة أكثر تطرفًا، وكأن سنوات غيابه عن السلطة لم تكن سوى استراحة محارب. قراراته ليست مجرد تعبير عن نزعة عدوانية، بل هي خطوات مدروسة لصالح مشروع صهيوني يسعى إلى إحكام قبضته على الشرق الأوسط، ولو كان الثمن هو إشعال العالم بنيران الحروب.

اليمن.. ضحية جديدة لحرب ترامب بالوكالة

في 15 مارس 2025، أصدر ترامب أوامره بشن ضربات جوية مكثفة على العاصمة اليمنية صنعاء، مستهدفًا الحوثيين المدعومين من إيران. تذرعت واشنطن بضرورة "حماية الملاحة في البحر الأحمر"، لكن الجميع يعلم أن هذه الحرب ليست إلا جزءًا من حملة أوسع لإعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط بما يتناسب مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية.

لقد تحولت اليمن إلى ساحة اختبار جديدة، كما حدث في العراق وسوريا وليبيا. آلاف المدنيين باتوا تحت القصف الأمريكي، بحجة "إعادة الاستقرار"، بينما الحقيقة أن هذه الحروب لا تخدم سوى شركات السلاح، وتعزز الهيمنة الصهيونية على المنطقة.

الكيان الصهيوني.. المستفيد الأول

لا يخفى على أحد أن ترامب يُعدّ الرئيس الأمريكي الأكثر قربًا من إسرائيل. منذ ولايته الأولى، اعترف بالقدس عاصمة لها، ونقل السفارة الأمريكية إليها، ودعم الاحتلال في كل محافله. واليوم، يعود أكثر تطرفًا، فها هو يضغط على غزة بتهديدات بالموت، ويهدد إيران بضربات عسكرية إذا لم تتوقف عن دعم حلفائها في المنطقة.

أصبح البيت الأبيض اليوم أشبه بمكتب تنفيذ الأوامر الصهيونية، حيث لا تُتخذ أي خطوة إلا بعد موافقة تل أبيب. قرارات ترامب ضد اليمن، وتهديداته لإيران، وحتى موقفه المتصلب تجاه غزة، كلها تصب في خانة واحدة: حماية الكيان الصهيوني وضمان استمراره قوة مهيمنة في المنطقة.

لماذا يعجز ترامب أمام كوريا الشمالية؟

المثير للسخرية أن هذا "الرئيس المتهور" الذي يتفنن في تهديد الدول العربية والإسلامية، يقف عاجزًا أمام دول مثل كوريا الشمالية. لماذا لا يجرؤ ترامب على توجيه ضربة عسكرية لبيونغ يانغ، كما يفعل مع صنعاء أو غزة؟ ببساطة، لأنه يعلم أن هناك قوة حقيقية قادرة على الردع، وليست مجرد أنظمة عربية منشغلة بالتبعية وتنفيذ الأجندات الغربية.

لو يجب علينا أن نرى كيف يكون ردع أمريكا

عندما تعربد امريكا يكون الردع، رئيس وزراء كندا هدد ترامب شخصيًا بأنه لن ينتصر فى حرب تجارية مع كندا و لن تكون ولاية امريكية وقام برفع أسعار الكهرباء على أمريكا. وقامت المكسيك بنفس التهديد ، مما جعل هذا المنحرف المتعجرف يتراجع عن فرض الرسوم الجمركية. هكذا يكون ردع أمريكا، القوة فقط. الذل يجعله يستمر في جعل حياة العرب جحيمًا حتى تنعم إسرائيل بالأمان.

إلى متى يستمر هذا الذل؟

أصبحت الشعوب العربية والإسلامية تعيش تحت وطأة قرارات تُتخذ في واشنطن، وتُنفذ في عواصمها. كلما أراد البيت الأبيض إشعال حرب جديدة، لم يكن عليه سوى إصدار الأوامر، فتتحرك الجيوش والطائرات لضرب شعب عربي آخر.

إن الوضع الحالي ليس مجرد مصادفة، بل هو نتيجة عقود من التبعية والارتهان للإرادة الغربية. نحن أمام مشروع واضح يسعى إلى تقسيم العالم العربي، وإضعافه، وإشغاله بصراعات داخلية لا تنتهي.

هل من سبيل للخلاص؟

إن الخلاص لا يكون إلا بامتلاك الإرادة الحقيقية لمواجهة هذا الطغيان. لا يكفي أن نستنكر، أو نكتب بيانات الإدانة، فقد ملّت الشعوب من الخطابات الرنانة التي لا تقدم ولا تؤخر. ما يحتاجه العالم العربي والإسلامي اليوم هو مشروع نهضوي حقيقي، يحرر قراره السياسي، ويضع حدًا لسياسات الانبطاح والتبعية.

فهل سيبقى العالم العربي متفرجًا، بينما ترامب ومن خلفه اللوبي الصهيوني يشعلون النيران في كل مكان؟ أم أن هناك وعيًا جديدًا يولد، يستعد للوقوف في وجه هذه الهيمنة؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة على هذا السؤال.
---------------------
بقلم: عز الدين الهواري

مقالات اخرى للكاتب

محكمة الذكاء الاصطناعي التجارية: ثورة فى عالم العدالة الرقمية