01 - 05 - 2025

كرة القدم والحاكم الأجنبي: مفارقة الأولويات في زمن الأزمات

كرة القدم والحاكم الأجنبي: مفارقة الأولويات في زمن الأزمات

في الوقت الذي تعيش فيه البلاد أزمات سياسية واقتصادية وأخلاقية، وبينما يعاني المواطن من الغلاء والفقر وضياع القيم، نجد أنفسنا أمام ظاهرة تستحق التأمل: الهوس بكرة القدم. بالأمس، كان ملايين المصريين منشغلين بمباراة، يترقبون فيها أداء فريقهم، ويرفعون أصواتهم غضبًا عند الخطأ، أو فرحًا عند الانتصار. أما حين يتعلق الأمر بمصير الوطن، فلا نجد نفس الحماسة، بل نجد لامبالاة مخيفة.

ازدواجية المعايير: الحكم الأجنبي أم الحاكم الأجنبي..؟

من المفارقات الغريبة أن تطالب الجماهير بحكم أجنبي في المباريات، لأنه أكثر عدلًا من الحكم المحلي، ومع ذلك لا يفكر أحد في تطبيق المنطق نفسه على السياسة..! لماذا نثق في الأجنبي لضبط مباراة كرة قدم، ولكن نرفض مجرد مناقشة فكرة أن يكون للحكم الأجنبي دور في إدارة البلاد، ولو من خلال الاستشارة أو الرقابة على نزاهة الانتخابات؟ لماذا نرى أن الحكم الأجنبي أكثر كفاءة في الملعب، لكننا نتمسك بمنظومة سياسية محلية ثبت فشلها مرارًا..؟

هذه الازدواجية تكشف عن خلل في التفكير الجمعي، حيث يتم تضخيم الأمور التافهة، بينما تُهمل القضايا المصيرية. لماذا يشتعل الغضب إذا أخطأ حكم مصري، ولا نثور إذا أخطأ مسؤول في إدارة اقتصادنا؟ لماذا نحاسب مدرب الفريق إذا أخفق، ولا نحاسب من يدير شؤون البلاد؟

عصر الاضمحلال: حين تسود التفاهة..!

إن اهتمام الجماهير المفرط بكرة القدم في ظل هذه الظروف ليس مجرد تسلية، بل هو انعكاس لحالة فقدان البوصلة. عندما تنهار القيم، ويتراجع الوعي، يصبح الترفيه هو المخدر الوحيد الذي يبقي الشعوب هادئة. في عصر الاضمحلال، تنشغل الأمم بأشياء لا قيمة لها، بينما تضيع الفرص الحقيقية..،!!
----------------------------
بقلم: محمد سعد عبد اللطيف
كاتب وباحث مصري متخصص في علم الجغرافيا السياسية
[email protected]

مقالات اخرى للكاتب

ملامحنــا لا تقول الحقيقة: عن وجع الطبقة المثقفة في زمن المسخ ..!!