لو أن ما يحدث في المنطقة العربية من أحداث ملتهبة وساخنة كان يحدث في أي مكان آخر من العالم، لرأينا ردة فعل مختلفة تماماً من الشعوب والحكام في آن واحد، لكن هكذا تمضي الأمور عندنا، حكام لا يعنيهم إلا كرسي الحكم الذي غالباً ما يكون مغتصباً خارج الإرادة الشعبية أو مملوكاً بالتعاضد من الوليد إلى الوليد، لذا تجدهم جميعا لقمة سائغة للابتزاز الأمريكي، ودائما ما يدفعون للفتوة حتى يبقوا على كراسيهم أطول فترة ممكنة، ويصل الأمر صراحة أو وقاحة أن يصرح ترامب بأنه على السعودية أن تدفع تريليون دولار للبودي جارد الأمريكي، حتى يتجلى لهم على الأرض العربية، وقال أنهم سيدفعون ويمولون كل ما تطلبه أمريكا، هذا في الوقت الذي ارتعد العرب من الـ 53 مليار دولار، كلفة إعادة إعمار غزة، وفقاً للخطة المصرية، وتعدى الأمر أنهم وضعوا الشروط والعراقيل للتمويل، واقذر هذه الشروط تخلي المقاومة عن سلاحها وإخراجها من المشهد الفلسطيني، وكأنهم يتكلمون بلسان نتنياهو، وألقوا الكرة المشتعلة على مصر وحدها.
تعالوا نستعرض معا المشهد السوري، وما حدث من أيام من محاولة فلول الأسد وشبيحته العودة لسدة الحكم أو التمهيد لذلك، ولولا تدخل سلاح الجو التركي الذي قام بقصف قوات قسد وإضعاف جبهة التمرد، لتغير الأمر كثيراً. أعرف أن تركيا لم تفعل ذلك لوجه الله، ولكن لإضعاف الورقة الكردية في المشهد السياسي السوري، وهنا يبرز السؤال أين العرب ؟!! لا خبر (ماكو عرب).
نعرج جنوباً على السودان المشتعل بالأحداث، فتجد دولة الإمارات ودورها هو من أهم أسباب تفاقم المشكلة وإطالة أمد الصراع، بدعم حليفها حميدتي وقوات الدعم السريع، ولقد أدى تأخر الدور المصري في السودان إلى تنامي قوة الدعم السريع، دون أن تجد أي تضييق على وصول السلاح إليها، عبر ضربات جوية تقطع كل خطوط الإمداد والتمويل، والوحيد القادر على ذلك هو الجيش المصري، لكنه فعل ذلك متأخراَ جدا ولا أدري لماذا ؟؟!!
زاد الأمر سوءاً أن الدور الإماراتي زاد اتساعاً حتى وصل القرن الإفريقي، وبدأ يعمل ضد الأمن القومي المصري، وليس اجتماع نيروبي بكينيا ببعيد، مما جعل مصر تعرب عن قلقها من الموقف الإماراتي عبر تسريبات وتلميحات، لكنها بعيدة عن اللغة الرسمية، ناهيك عن الدور السعودي في لبنان واليمن وما وصلت إليه الدولتان من حالة هشاشة، والأمر برمته مخجل من دول تتحدث عن العروبة والأخوة والمصير المشترك وكلها باتت شعارات مستهلكة وتدعو للغثيان.
العرب جميعاً يتآمرون ضد بعضهم البعض ويشعلون المكائد، وجميعهم قد أسلموا ظهورهم إلى الأعداء في وداعة تدعو للعجب
فوق فراش غانية ... هناك مجاهد يحكي
قصة بيروت والضفة ... ونبيذ الشام والعرق
ولافون أقسم وشارون ... أن يركع تحتهما الشرق
------------------------
بقلم: سعيد صابر