04 - 05 - 2025

"البلبلة التي صنعوها" .. بين الحربية والقضاء والداخلية والأعلى للأعلام والخط الأحمر !!

شركة المتحدة للإعلام، التي ضمّت منذ فترة قنوات مثل "القاهرة والناس" وغيرها، وأصبح يقودها منذ ذلك الحين؛ الإعلاناتي الكبير "طارق نور"، والذي جاء ليصنع "للمتحدّة" مكاسب ماليّة كما أُعلِن، ومعه الصحفي الكبير "عبد اللطيف المناوي" الذي يقدّم نفسه بأنّه رجل الأمن القومي الإعلامي، والمسؤول عن المحتوى السياسي فيها، ومعهم التلفزيوني الكبير "سمير يوسف"، الذي يوصف بأنّه منتج ترفيهي يجيد صناعة المكسب، وإدارة قنوات الطبخ الناجحة، فأتى ثلاثتهم كقيادات تُدير الشركة، ويأتمر بأمرهم رؤساء القنوات والإدارات، 

فهل هم من يتحمّلون ما يُثار من محاولات صناعة (بلبلة)، أو إن تصاعد الأمر (فتنة) ؟! 

- لقد أعلنت قنوات الشركة عن حوار تلفزيوني في بث مشترك على قناتي "on و القاهرة والناس" التابعتين لها، وأسموه ((أكبر حوار صحفي تلفزيوني)) في مُصطلَحٍ أثار التعليقات المهنية الساخرة، دون أن يعلموا أنّه (( ولا أكبر حوار ولا حاجة ))، وأن كثيرين قاموا بما هو أكبر منه "من صحفيين وإعلاميين"، ولكن لا بأس بمحدودية معلوماتهم وبحثهم، أن يشعروا أنّه أكبر حوار في صنائعهم المهنية، وأن يحتفوا بالحوار ((المُريب في توقيته، وطريقته)) !!

* خاصّةً مع تقديم الزميل الصحفي الكبير مصطفى النجار، المتخصص في الشأن السياحي، والذي (يحميه أنّه ليس مُقدّم برامج ولا مذيع)، وأنّهم أسموه حوارًا صحفيًا تلفزيونيًا، ولا بأس أن يأتينا "القيادات الثلاثة ومساعدوهم" بشيء يتحمّلون مسؤوليته التلفزيونية لتطوير إعلامهم، 

حيث لم يستعينوا مثلاً في إدارة الحوار بالإعلامية المُخضرَمة ا.لميس الحديدي وفريقها المتخصّص، أو الإعلامي المُخضرم ا.أسامة كمال وفريقه المتخصّص، أو غيرهم من داخل الشركة من الكبار مهنيًّا وفرقهم التي تجيد "الصنعة التلفزيونية"، ممن يستطيعون إدارة هذا الحوار ( الشائك ) بين نخبة من رجال الأعمال، وفيهم من هو قليل الخبرة في الظهور ، وفي ( ملف السياحة الدقيق حاليًّا) ، والذي يحتاج إدارة حرفية خاصّة (كملف أمن قومي) في هذه الظروف المُضطربة إقليميًا، 

فتحمّلت الشركة المسؤولية الإعلاميّة للحوار، الذي أُدير بطريقة صحفية مقروءة بحتة، وكان واجب على إدارة الشاشات؛ ضبطه ليصلح للعرض التلفزيوني،

* وقبل توضيح المخاطر، وجب توضيح القواعد، فلك أن تلاحظ عزيزي القارئ التالي:

- هذا الحوار مُسجّل، وتمت مراجعته من لجان الإدارة العليا لرقابة المحتوى بالقنوات، بكلّ ما فيها من خبرات صحفية وإعلامية ومديرين، ومهنيين، وفنيين، ومونتيرين، ومدققّين، ومتخصصين وكلهم نخب إعلامية المفترض أن تكون مُحترِفة !!! ومع ذلك أُذيع !!  

- هذا الحوار لابد أن يتمّ مراجعته من إدارة المحتوى السياسي والتلفزيوني، وفي مثل هذه الظروف الاستثنائية، لابد أن يطّلع عليه الرئيسان التنفيذيّان للملفين ( ا.عبد اللطيف المناوي، و ا.سمير يوسف )، ومع ذلك أُذيع !!

- هذا الحوار تمت إذاعته منذ أيّام، ولم ينتبه أي شخص من الشركة، لمحتواه الخطير، حتى استغاث المصريون ممن تم إصابتهم به في وجوههم، ومع ذلك تجاهلوهم، حتى رُفعت قضايا !! شيء أغرب !!

- هذا الحوار، احتفى به كلّ صانعيه، دون أن يتبينوا سوءاته وكارثيته وخطورته على الأمن القومي "الاستثماري والسياحي والاقتصادي والسياسي والأمن الداخلي" !! أو كانوا يعلمون ، الله أعلم !!! 

- هذا الحوار، تم رفعه عبر منصّات التواصل الاجتماعي للقنوات، وتم اقتصاص (مقاطع شديدة الخطورة المهنية)، وإبرازها وتصديرها للترويج المجتمعي، والدعائي، ودون تراجع !!

- هذا الحوار تم نقل الأخبار منه للصحافة عن نفس المقاطع المريبة، بنفس ذات العناوين المثيرة للفتنة !!

- هذا الحوار لم يتم حذف (مقاطعه المُثيرة) حتى الآن؛ من منصّات التواصل الاجتماعي، وما يزال التحريض "وتوقيع المصريين في بعض" موجودًا حتى وقت كتابتي، رغم تصدير عوراته وخطورته وظهور مقاطعه في الإعلام الإقليمي والدولي !! 

* * * والآن، ما هو الجانب الأخطر ؟ ولماذا ؟ 

- المقطع الأبرز والأشهر؛ هو لرجل الأعمال البارز "حامد الشيتي"، وهو يتحدّث بما قد يثير بلبلة مجتمعية أو فتنة محتملة !! ولأنّ (الضيف) عادةً ليس خبيرًا بالإعلام !! فيقع الحوار على عاتق (المذيع) بالردّ الموضوعي، وتحجيم الضيف، وتبرئة ساحة القناة من المسؤولية، هذا إذا كان بثًا مباشرًا، 

ولكنّ لأنّ الحوار مُسجّل، فالمسؤولية تقع على القنوات، ومؤسسّتها المالكة معه، والتي برّأت ساحة الصحفي الذي أدار الحوار ، حين وصفته مُقدّمًا بأنّه حوار صحفي !! ولذلك تتحمّل القنوات مسؤولية العرض التلفزيوني،

* وقد جاء الحوار كالتالي نصًّا:-

- "ا.حامد الشيتي": عندنا مشكلة كبيرة جدًا هي مشكلة "البدو" ، لأن البدو (مش بيسمحوا للناس) إنها " تبني في الساحل الشمالي" ، دي مشكلة كبيرة جدًا جدًا جدًا ، وستعوق تنمية السياحة في الساحل الشمالي ، إلّا لو الدولة لقت لها حلّ جذري يعني !!، لأن دي مشكلة كبيرة جدًا !!!  

ليرد عليه مقدّم الحوار ا.مصطفى النجار قائلًا : 

- واضح إننا عاوزين حلقات كتير لو هنتكلم في السياحة الثقافية و (ضحك) !!   

فيردّ عليهم رجل الأعمال "المَعَلّم" ا.سميح ساويرس منبّهًا لخطورة ما يُقال :- 

- بلاش الموضوع ده عشان حساس !!! 

فيعود رجل الأعمال ا.حامد الشيتي قائلًا : 

- معلش بس لازم أقوله يعني ، أنا عندي ( فندقين ) بيتبنوا ، و كلّ شوية " البدو " ( يطلعوا لي ) يمنعوني من البناء !!! و و

- ليضحك الجميع في سعادة و هاهاهاهوهوهيهي عدا ا.سميح ساويرس، " المصري المفتّح الذي أدرك خطورة العنصرية والتمييز والفئوية " فهو الوحيد الذي بدأ منزعجًا !!! 

- وينتهي أكبر حوار صحفي تلفزيوني كما وصفه صانعوه ، من أعظم صرح متحفي آثاري في مصر ، ضاربًا مثلًا صارخًا لما تمر به مصر إعلاميًّا في هذه المرحلة !! 

* والسؤال إذًا؛ ما مدى خطورة ما حدث، وما وراء الحوار ؟! 

- الخطورة تكمن أنّه ( مهنيًّا ) ، مهما كان رأيك ممن يسمّونهم ( البدو، أو الفلاحين، أو الصعايدة، أو البحراوية) أو أيًا كان توصيفك، أو مسمّاهم الشعبي الدارج، أو أي فئة في المجتمع، سواء سكان المناطق الشعبية، أو المنايفة، أو الفيومية، أو السوهاجية ، أو الإسكندرانية، أو غيرهم؛ من عموم المصريين، ومهما كان ما يحدث منهم في كلّ مكان، فإنّ (العرض العام) ، (والنقل العام)، (والإخبار العام)، (والعمل الصحفي والتلفزيوني والإعلامي)، يمنع تداول مواد تحريضيّة، أو مثيرة للفتنة، أو تحمّل اتهامات مُطلقة، أو تحقير من شأن فئة أو مواطنين، أو توصيفات مهينة لهم ، أو إذاعة مواد تصنع بلبلة في المجتمع بين أبناء الدولة الواحدة !! 

- كما أنّ رجل الأعمال، والقنوات التي أذاعت الحوار ، لا يملكون دليلًا مُصرّحًا ببثه، ليتم تقديمه كدليل على صحّة اتهام "رجل الأعمال" المذكور، لجانب من المصريين، بأنّهم (يعرقلون التنمية ويبتزون المستثمرين، ويعطّلون بناء فنادقه،  وبيطلعوا له) ، (وكأنّهم عصابات مثلًا إن جاز التصوّر )  

- وأنّ هذا التشبيه المُهين، والاتهام المطلق، والتحريض ضدّ عموم البدو ، ((وتخويفهم من الدولة ومؤسسّاتها))، واستعداؤهم على المجتمع، وتخويف الاستثمار من التعامل معهم، عبر هذا المحتوى الذي تم مراجعته وبثّه وتصديره، وفي هذا التوقيت تحديدًا؛ يمثّل مساسًا بثوابت "الأمن القومي المصري"، في وقت شديد الخطورة، تتأهب فيه الدولة بكامل فئاتها؛ استعدادًا لمعارك عسكرية محتملة، وأخطار قائمة، ولا ينقصها إلّا محاولة إثارة ضجيج، أو ضخ وقود فتنة داخلية، في توقيتات الحروب والإضرابات الأقليمية !!! وقد كتبت مقالًا سابقًا عن مدى خطورة درجة هذا الاحتمال حاليًا !!! 

- وعلى هذا؛ فإنّ هذا الجزء الصريح من الحوار، مع بعض الإسقاطات الأخرى، يُحَمِّل القوات المسلحة وأمنها الحربي أو المعني (بالاستخبارات الحربيّة)، التي من مهامها المعتادة حول العالم؛ أن تتعامل باحتوائية مع سكّان المناطق الحدودية المتاخمة لتمركزات قواتها على أي اتجاه، يحملّهم مسئولية تهدئة أي نفوس مُعرّضة لفتنة محتملة، والوساطة لتسكين الأطراف، وتحجيم أي خسائر من هذا التحريض، ويضيف لعبء أمن الحدود المصرية، عبء تهدئة بعض المواطنين الآن !! 

- كما أنّه يحمّل (أجهزة الأمن الداخلي)  ووزارة الداخلية مسؤولية تهدئة أي نفخ في وقود أي تصعيد فيها، حيث قد تتصاعد حدة النزعة أو التفرقة العنصرية أو الفئوية أو التمييز في المجتمع، وتصنع بلبلة، أو تحريض عكسي، يتماس مع الاستقرار الحالي، خاصّةً إذا حدث تضامن سياسي أو نقابي أو شبابي مثلا ! 

وقد حدث من بعض النقابات بمطروح ! 

- هذا كلّه، ثم وعليه، فقد انتفضت صفحة موثّقة تحمل اسم"شيخ اتحاد القبائل" رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، مطالبةً من أخطأ في حقّ ( البدو ) بالاعتذار فورًا !! ثم مُعلنةً في منشور أخر تصنيف نوعي للمصريين، بأن البدو و الصعايدة (خط أحمر) !!!!  

* ولا أعلم حقيقةً؛ ماذا ستفعل (صفحة شيخ القبائل) في من يتم التجاوز في حقّهم ؟ ولماذا لهجة التهديد والوعيد لمن أخطأ، وكأنّها تملك عقابه ومحاسبته !!  وماذا عن البقيّة !! فهل توافق ما أسموها صفحته، بأن يتم استباحة بقيّة المصريين، لأنّهم ليس لهم (اتحاد, وشيخ, وخط أحمر) يحميهم !!

*** فأصبح المشهد عبثيًا، واستعرض الجميع قوّته عشوائيًا، 

بين إصرار "القنوات" على عدم حذف الحوار، وعدم محاسبتها، وعدم اعتذارها، لا رسميًا، ولا من خلال القناتين ومنصّاتهما، ولا من خلال القيادات الثلاثة التي تدير المؤسسّة، حتى أصبح الأخرون أمام هذا (الصَلَف)؛ يعلنون تأمين من يهمهم بطريقتهم الخاصّة، وكلّ له خطه الأحمر !! 

- وأصبحت مؤسسات الدولة الأمنية المتنوعة، في وضع ترقّب وتحمّل أعباء زائدة لا تُحسد عليها، ويواجهون سؤال المصريين: هل سيتم توجيه بلاغ قانوني ضد هذا المحتوى التلفزيوني، الذي يحاول إقامة هذا القلق وهذه الفتنة في هذا التوقيت، تحقيقًا ( للردع العام) واحترامًا لدورها، وضمانةً لاستقرار المجتمع ؟؟! 

- وكذلك قد يصبح "القضاء المصري" ومكتب السيد النائب العام مترقّبًا، أمام تساؤلات حول من قد يواجه الأمر قانونيًا من أجل حقّ المجتمع كُلّه (الدولة والأفراد) ؟! 

- وأصبح "البدو" في حالة ترقّب وشعور بأنّهم تم استحقارهم على الشاشات التي تخاطبهم باسم الأمن القومي، 

وأصبح المجتمع ينتظر من سينتصر في هذه الفتنة النائمة !! 

**** وبين هذا وذاك، يقف (المجلس الأعلى للإعلام)، والذي يحاول أن يقدّم لنا صورًا متكررّة لاجتماعات التصدّي للشائعات، وضبط المحتوى، ومراقبة الشاشات، ومحاسبة المُخطئين، و الحفاظ على الأمن القومي، وغيره ؛ حائرًا، مترقّبًا، بين محاسبة القنوات ومسؤوليها، وبين تحويل بلاغات ضد الحوارات المُحرّضة المثيرة للقلق أو للفتنة؛ شأنها شأن غيرها من منصّات، أم لا ؟! 

أو الاكتفاء بالصمت، أوالدفع لاعتذار لطيف من رجل الأعمال والقنوات وقيادات الشركة، ويعفيهم من الحرج ؟! فيستريح الوزير "خالد عبد العزيز" رئيس المجلس من هذا الصداع ! 

- أم أنها قد تصبح دعوة، للحرّية غير المسؤولة ((واللي عاوز يشتم حد ويتهمه، يتفضّل براحته، دون معايير أمن قومي، أو ضوابط أخلاقية، أو اعتبارات مجتمعية، والأمن يلم وراء الإعلام ))؟!!!!  

* وفي النهاية، أعاننا الله جميعًا كمصريين، وأعان مؤسساتنا الرسميّة، وقيادتنا السياسيّة، على كلّ ما نواجهه من خارج مصر، ومن داخلها أيضًا، في مشهد أصبح معكوسًا، من ( فتنٍ ) من نوع جديد، أصبحت تحاول إثارتها المؤسسات، ويتصدّى لها الأفراد، وندفع نحن ثمنها !! 

* لقد قامت الدنيا، من أجل جملة واحدة، فانتبهوا لما تحملون من سلاح خطير، وما يأتمنكم الوطن وأهله وقيادته عليه؛ "سلاح الكلمة"، فلا تستهينوا به في هذه الظروف، فإنّ مُعظم النار، من مستصغر الشرر، فاللهم احفظ مصر وأهلها، وقنا شرّ القلاقل والفتن، ما ظهر منها (وما بطن).
-------------------------
بقلم: قصواء الخلالي

مقالات اخرى للكاتب