04 - 05 - 2025

آخر مراحل الصراع

آخر مراحل الصراع

سيبقى دوماً التاريخ هو العبرة والمعلم لمن يعتبر ففي كل حروب العرب المسلمين كانت موازين القوى لصالح الأعداء عدة وعتاداً إلا سلاحاً واحداً كان يصنع الفارق دوماً ويقلب كل هذه الموازين والمقارنات، ألا وهو سلاح العقيدة، فعقيدة المقاتل هي جزء هام من أدائه القتالى في ميدان المعركة، وقد أدرك أعداؤنا ذلك جيداً بعد أن جربوا كل أسلحتهم الفتاكة في حروبهم معنا دون فائدة، لذا كان لابد من بدء الصراع الأخير والتجهيز له جيداً، لأنه من أهم مراحل الصراع، وهو تفكيك العقيدة وتغيير المفاهيم والأدبيات واستبدالها بمصطلحات جديدة، لذا لزم تجهيز أعوان الداخل لهذه المهمة، فكان منهم القادة ورجال الدين، وكذلك تجهيز الأبواق من الطبقة المثقفة والإعلاميين ليكونوا رأس الحربة لهذه المعركة الفاصلة التي بدأت ملامحها في بدايات سبعينيات هذا القرن، فظهر بقوة مصطلح الإرهاب وتم إلصاقه بكل مظاهر التدين (اللحية والجلباب والنقاب)، كما ظهر بقوة تيار الإسلام السياسى وتنامت معه نبرة الإتهام، وأصبح كل من يريد الإقتراب من السُلطة فعليه أن يكون في حالة من الإشتباك الدائم مع هذا التيار وأصحابه، صعوداً وهبوطاً، وفق متطلبات المكاسب السياسية المحققة من وراء ذلك، وأصبح المتدين البسيط في دائرة الإتهام، حتى طال الأمر الدين نفسه بإتهام بعض النصوص الدينية بأنها تُحرض على القتال والصراع والكراهية, وأصبح بعض الدعاة يتحاشون هذه النصوص في الدروس والمواعظ الخاصة بهم، ومع زيادة الدعم داخلياً وخارجياً لتيار التفكيك، بدأ التحرك نحو تيار المقاومة أو الممانعة أو ما تبقى من القابضين على الجمر وزايدوا عليهم وعلى وطنيتهم وصدق إنتمائهم في الوقت الذى يعج فيه الغرب ومعسكر الأعداء بالعنصرية والتطرف والعدوان لكل ما هو إسلامى، وبات الشرق الأوسط في نظرهم المصدر الرئيسى لتصدير الإرهاب والإرهابيين، ونسيت أوروبا تاريخها الإرهابى من التسلط الدينى وعمليات القتل والحرق في العصور الوسطى وقتل العلماء والمفكرين وظهور جماعات مثل داعش بل فاقتها إجراماً، وهى من قامت بقتل هيباتيا عالمة الرياضيات والفلك والفلسفة الأفلاطونية، وكان والدها آخر رئيس لمكتبة الأسكندرية، وحدث ولا حرج عن محارق النساء لإعتقادهم بأنهن من أسباب شرور العالم، وكان الإتهام بالزندقة تهمة كل مفكر أو عالم، وعلى النقيض تماماً أقام العرب المسلمون نهضة علمية في الأندلس، كانت جسراً لنقل أوروبا جميعها إلى حالة من الفكر والتنوير والإنطلاق نحو آفاق العلم والمعرفة وتأثر بها ونقل عنها علماء الغرب، كما لا ننسى الإمبراطورية البيزنطية وجرائمها الوحشية. 

خلاصة القول أنهم أولى من يُوصم بالإرهاب لا نحن، ولكن للأسف الشديد قد نجحوا في خلخلة العقيدة عبر صبيانهم في المنطقة العربية تحت مسميات الاعتدال وقيم الحب والتسامح حتى جاءت أحداث غزة لتفضح الجميع وتُسقط كل الأقنعة عن الوجوه القبيحة ولم ينج من المعركة إلا أصحاب العقيدة الذين وصمناهم بالإرهابيين دونما الإشارة إلى ما يفعله الأعداء، والحق ما شهد به العدو، فلتسمعوا شهادات الأسرى عن هؤلاء الأبطال ورجولتهم ونخوتهم في التعامل مع الأسرى ، وفى النهاية، لا نصْر على الأعداء إلا باستعادة عقيدتنا فهى السلاح الفارق بيننا وبينهم , المجد للمقاومة شرعة وهوى وإن كره المتخاذلون .
------------------------
بقلم: سعيد صابر

مقالات اخرى للكاتب