04 - 05 - 2025

مؤشرات | نتمنى أن يفهم السمسار الأمريكي .. ولكن

مؤشرات | نتمنى أن يفهم السمسار الأمريكي .. ولكن

ربما تكون التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي المتهور "دونالد ترامب" حول خطته بخصوص قطاع غزة، وما يمكن وصفه بتراجعه عنه، بداية لمنهج جديد للتعامل مع قضايا الشرق الأوسط، وخصوصًا القضية الفلسطينية، وما يتعلق بسياسة التهجير التي تتمناها، وإصرار مصر من جهة والأردن من جهة أخرى على رفض كافة المحاولات لتهجير سكان غزة، وربما الفلسطينيين من كل الأراضي الفلسطينية، والتمسك بحل جذري للقضية وإقامة دولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس.

ويبدو أن فريق العمل حول "ترامب" أقنعه بتهور خطته وتصريحاته غير المتزنة بشأن القضية الفلسطينية، عندما قال نصا في تصريحاته إلى راديو فوكس نيوز "خطتي بشأن غزة جيدة لكنني لا أفرضها وسأكتفي بالتوصية بها"، وهو ما يمثل تراجعا للخلف عن موقفه وتصريحاته والتي أثارت جدلا، وغضبا عربيًا، وفلسطينياً، واسعا، بل ودوليا، وأممياً.

إلا أن ترامب يلعب بالألفاظ، وبدا أنه يحرض "الكيان الصهيوني"، عندما قال " إن قطاع غزة يتمتع بموقع رائع، ولماذا تتخلى إسرائيل عنه؟"، متابعا " "الولايات المتحدة ستمتلك غزة حسب خطتي ولن تكون هناك حماس وسنبدأ في تطويرها"، كما أن "غزة حاليا غير صالحة للعيش، مدعيا "إذا منح سكانها الخيار فسيخرجون منها".

بهذه الكلمات الأخيرة يتلاعب دونالد ترامب بالألفاظ، ليخاطب قوات الاحتلال ويحضها على التمسك بغزة لاستغلال موقعها الجغرافي على شاطئ البحر المتوسط، وهو نفس الأسلوب الذي يصر عليه، كسمسار عقارات، ومقاول عقاري، ووصل الأمر أن يتحدث باسم سكان غزة، بأن لديهم الرغبة في الهجرة والخروج من أرضهم، في ترانسفير أقل من يقال عنه أن "سخافة رئاسية أمريكية".

ومن محاولات "ترامب" لإفساد وقف إطلاق النار والذي بدأ في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق "جو بايدن"، ما يدعيه بأن عددا من المحتجزين "الإسرائيليين "الذين أطلق سراحهم في صفقة التبادل بين حماس وإسرائيل كانوا بحالة سيئة للغاية، وأن حماس تحاول الإفراج عن المحتجزين الذين هم بحالة جيدة أولا"، بينما العكس هو الصحيح، فكل الشواهد تؤكد أن الأسرى الفلسطينيين خرجوا بحالة صحية يرثي لها، وعدد كبير منهم احتاجوا ومازالوا بحاجة إلى رعاية طبية مكثفة، بينما المحتجزين الإسرائيليين في وضع صحي أفضل كثيرا وبمراحل.

ورغم كل ذلك، فإن نبرة تصريحات "ترامب" يمكن أن تكون بداية لمسار جديد لتنفيذ الرؤية العربية لإعادة إعمار غزة، والتي اقترحتها مصر بتفاهمات وتنسيق عربي، ومن المتوقع أن تكون من نتائج قمة القاهرة المرتقبة في 4 مارس المقبل، ولتنفيذ إعادة الإعمار في ظل تواجد الفلسطينيين على أرضهم، وهي خطة تواجه أي خطط أخرى، والعمل على الحيلولة، دون تمكين أو تمكن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من تنفيذ أي برامج أو خطط لإعادة توطين سكان، وهو المرفوض بكل الأشكال.

الشاهد في المرحلة الحالية، يتطلب ضغطا عربيا، وتشددا وتشديدا في الطرح، ورفض أي نوع من التراجع عن المواقف الثابتة للقضية الفلسطينية، والخروج في القمة المرتقبة برؤية تتوازن مع موقف الشارع العربي، والرافض أي شكل من أشكال الضغوط الأمريكية لحلول وسط، أو يحل يعيد للفلسطينيين حقوقهم، وإقامة دولتهم، وفق حدود الرابع من يونيو 1967.

وفي نفس الوقت لابد من برمجة متطلبات إعادة اعمار غزة، والتي تصل تكاليفها إلى 53 مليار دولار، بحسب تقديراتهم الأمم المتحدة، مع ضمانات قوية، تقف أمام العدوان الصهيوني، ومواجهة أي محاولات لتكرار هذا الدمار الذي ارتكبته قوات الاحتلال في حق أهالي غزة، واقتصادهم وبيوتهم وأرضهم وزراعتهم.

ولا شك أن الإدراك العربي لذلك أصبح مهما، مع تساؤلات الشارع العربي عن غياب أي ضمانات لعدم تكرار جرائم الاحتلال الصهيوني مرة أخرى، خصوصا في ظل ما يجري من جرائم حاليا في الضفة، وانتهاك رئيس وزراء الكيان الصهيوني "بنيامين نتنياهو" مدينة طولكرم بالضفة الغربية، وإشادته بعمليات تدمير المنازل في الضفة لمواجهة ما يدعيه بالإرهابيين، وتوجيهه لجيش الاحتلال بزيادة العمليات العسكرية في الضفة الغربية، وهو ما يمثل إنذار خطر بدمار آخر يناظر دمار غزة.
-----------------------
بقلم: محمود الحضري


مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | نتائج انتخابات الصحفيين وماذا جرى؟