04 - 05 - 2025

الخديعة والانتخابات الساخنة "اشتغل يا حبيبي اشتغل"!

الخديعة والانتخابات الساخنة

- يسألني بعض الأصدقاء، لماذا لا أعلن الدعم المباشر للزميل "خالد البلشي" وأشارك في الترويج له هذه المرّة، كما فعلناها من قبل، أو كالمُعتاد في إعلان المواقف عموما ؟! 

- الحقيقة أن الكثيرين منّا كزملاء مهنة واحدة من الصحفيين أو الإعلاميين؛ يشعرون ببعض الحرج، خاصةً جيل الوسط، الذي يعرف ويحمل تقديرًا للأستاذ "عبد المحسن سلامة" الأهرامي الكبير، المُرشّح لموقع نقيب الصحفيين القادم، ويتذكّر له مواقف طيبة، 

- وكذلك يعلمون جيدًا ما أدّاه الأستاذ "خالد البلشي" المُعارِض البارز؛ في موقعه الحالي كنقيب للصحفيين، وكيف تفانى في خدمة الصحفيين، واستخدم كل المُتاح من أجل مصالحهم ومساحاتهم، وكيف تحمّل وغامر لأقصى ما يمكن من أجلهم، وأشهد له في هذا وأكثر، مما ستفصح عنه الأيام، 

* ولكن السباق في هذه الانتخابات ليس "بإعلان الدعم" أبدًا، فالانتخابات ليس فيها "حصان أسود أو ذهبي"، وشديدة السخونة أسفل طاولات المشهد، ومن يعرف العمق يعي هذا الأمر جيّدًا، والحالة مُختلفة تمامًا، 

** وقد تحدث "خديعة صحفية كبرى"، بإعلان عاصفة دعم شرسة لأحد المُرشّحين، ثم انتخاب مُرشّح أخر، وإعلان فوزه في "مفاجأة كبرى"، وقد يحدث العكس، فهذه الانتخابات مشهدها مُختلف، ومُدّتها التنافسية طويلة، وتفاصيلها مُعقّدة، وكفيلة بكثير من التغييرات، ولذلك وصفتها في مقال سابقًا بالمعركة الصعبة !! 

- ⁠ولكن؛ ولخصوصيّة حالتي هذه المرّة، فإنني أحمل الكثير من التقدير والاحترام للصديق العزيز الأستاذ "عبد المحسن سلامة"، وبيننا الكثير من المواقف المهنية والإنسانية والصداقة والمحبّة والتواصل والتلاقي لسنوات، 

وقد سخّر قلمه وكلمته كاتبًا عني عدّة مقالات في دعمي في عدد من المواقف السياسية والمهنية لعدّة مرات على مدار سنواتٍ طوال، وأذكر له ما أذكر مع مواقفي في عهد الإخوان البائد، أو في أول برنامج توك شو لي بنهاية عام ٢٠١٣ "على اسم مصر" على شاشات التلفزيون الرسمي، كما كان الرجل يشارك قبلها كضيف أو متعامل أحيانًا مع بعض محطّات دولية كنت أعمل بها قبل هذا التاريخ بسنوات، أو التماس بعدها معي في قناة دريم أو العربية أو الراديو أو غيرها، كما اشتبك مع مقالاتي في الصُحف ربّما منذ عام ٢٠٠٧، وأذكر له الكثير من المواقف بين البسيط والمهم، وأحمل له الكثير من التقدير الصادق والاحترام لمسيرته الواسعة،

وحتى أنني حاولت بشدّة واجتهدت في دعم ترشّحه لخوض الانتخابات الماضية، بجانب المساحة الإنسانية الطيبة التي جمعتني به الأعوام الأخيرة، رغم اختلافاتنا في بعض وجهات النظر، لكّنه دائمًا يحمل مرونة وتقدير واحترام للمساحة الإنسانية، وكان واضحًا في قناعاته بمواقفي ومدافعًا عنها رغم مروره بظروف صعبة حينها، لكنّه كان رجلاً متماسكًا ثابتًا، ومُحترَمًا معي، 

** أمّا الصديق العزيز الأستاذ "خالد البلشي"، فصداقتنا العميقة أمر معلوم ، وعلاقتنا الإنسانية الرفيعة لا تحتاج لتوضيح، ومواقفي معه معروفة بين ما هو مُعلَن، أو ما يعلمه هو والأصدقاء المقرّبون فقط ويعلم ما أسفرت عنه، كما أنّ مواقفه معي المُعلَنة وغير المُعلنة في أزمتي الأخيرة "لا تُنسى"، واستماتته من أجل وقف ما يحدث ضدي منذ يوليو الماضي، لا يُقدّر بثمن، وتحمّله "لخسائر وأضرار" في سبيل هذا؛ شأن مُقدّر أيّما تقدير، خاصّةً حين تراجع الجميع بالعصا أو بالجزرة؛ ممن يدّعون المروءة والحِنكة السياسيّة والمكانة، كبيادّق شطرنج تُحيي الملك حيًّا وميتًا من "قامات هزلية" وشخصيات مسحوقة، تكشّفت سوءاتها وقزامتها، حين أمرهم "سيّدهم" فانبطحوا ! 

فكان "خالد البلشي" حاضرًا ومُسانداً ومُناورًا بما يستطيع، ورُجلاً نزيهًا صامدًا حين غاب مُدّعو الشرف، فزاد قدره وتقديره، هذا بجانب قناعتي ودفاعي المهني عن دوره النقابي، واحترامي الكبير لقدراته وجدارته وأدواته التي يُجيد استخدامها، وشهادتي له في الدفاع عن كثيرين، والتعامل بحرفية مع كل الأطراف، وتحمّل عدم فهم ومزايدة الكثيرين أيضًا ! 

 ولهذا؛ فالحرج مرفوع عني هذه المرّة، بعدم إعلان دعمي الدعائي لأي من النقيبين المُحتَمَلين لاحقًا، من منطلق أرض المحبّة والتقدير لهما والخجل منهما، وكذلك وافر تقديري لكلّ المُرشّحين، خاصّةً أن الأمر شديد الأهمّية، وما يخدم مصالح الصحفيين هو بالضرورة مصلحة للإعلاميين، والعكس صحيح، وصداقتي الطيبة السويّة بعدد هائل من أعضاء الجمعية العموميّة للصحفيين، تكفل لي الأريحيّة التامّة في هذا القرار، وكما قالت العرب: "أهل مكّة أدرى بشعابها"، أو كما نقول دائمًا: الصحفيون لا ينقصهم توجيه.

- أمّا ما كان وسيبقى يعنيني ويعني كلّ الزملاء من أبناء مهنة الإعلام والصحافة الواحدة، فهو الحقوق الثابتة، التي سيتبناها أي عاقل، وفي وجود أي نقيب، ومن أي موقع، أولها الحقّ في "مساحات حُرّية" أكثر اتساعاً؛ وهذا ما يجاهد من أجله أي صحفي أو إعلامي يحترم مهنته ويحمل فهمًا، وثانيها "حقّ البدل" وزيادته، وعدم استخدامه في "مساومات انتخابية"، 

 وقد أكد الصديق العزيز الكاتب الصحفي والمعارض البارز "محمد عبد الحفيظ" وكيل نقابة الصحفيين، والمُرشّح لمجلسها مجددًا، والمعروف بخدمة مصالح الصحفيين والدفاع عنها بكلّ وسيلة وقد تكبّد في هذا عناءً و أثمانًا نعلمها، أكد أن "الحكومة" ستعلن عن "زيادة البدل" خلال الفترة القادمة؛ كحقّ للصحفيين وعلاقة تربطهم بالدولة، بعيدًا عن أي نقيب أو انتخابات، 

 وهذا ما يخصّنا جميعًا، وخيرًا فعلت "الدولة" بهذا القرار، حين أخرجت "ورقة التلاعب بأرزاق الناس" من منافسة انتخابات نقابة الصحفيين، فقد كان القرار صائبًا، وكفى استخدامًا لهذه "الورقة القذرة" مع البشر، في ظروف اقتصادية لا يعلم وطأتها على الناس إلّا الله سبحانه وتعالى. 

- وعليه؛ فإنني سأكتفي هذه المرّة بمتابعة منافسة شديدة السخونة، لا بأس فيها بأي ممارسة أو سلوك انتخابي، بعيدًا عن "الشعارات المُزيّفة"، والكلمات المُنَمّقة، والادّعاءات الفارغة، و"المثالية المُبالَغ فيها"، 

فالانتخابات "لُعبة" لمن يُجيدها ومن يتحمّلها "فقط"، وأجواء الانتخاب الطبيعيّة تكون دائمًا مشحونة بالكثير والكثير، وهذا شأن تنافسي طبيعي، لا مجال فيه لأي نظريات، حتى في أكبر الدول الأوروبيّة، وحتى في الانتخابات الأمريكيّة، وكل الانتخابات النقابية الحقيقيّة، التي تستهدف الوصول للمقعد ! 

* وكفانا "تنظيرًا فارغًا"، فلا مكان للبكاء والعويل والمظلوميّة وصناعة "الكربلائيات" في تنافس انتخابي ساخن، فلا يوجد في الانتخابات "قامات ومقامات"، والجميع مُعرّض لغضب الناخبين، وردود الفعل الحادّة، والمُزايدات، والتطاولات، والمُعايرات، والشُبهات، والتلاعبات، والأكاذيب وتفنيدها، والادّعاء والردّ، وكذلك في عموم العمل العام، 

** كما لا يوجد في أي انتخابات طبيعيّة في العالم أجمع "مكان محفوظ" أو "مقام رفيع"، ولم نشهد انتخابات واحدة في أي مجال؛ ممزوجة "بالمُثُل العُليا والقيم الحميدة"، حيث يفعل الجميع كلّ ما يستطيعون من أمور، مادامت "لا تخالف القانون"، كيّ يفوز مُرشّحهم، ومهما كان هذا مُخلّاً ومرفوضًا، فإنّه أمر واقع، "وحين تشتكي منه، سيُنهي الحوار معك أحدهم قائلًا "اللي مش قد اللعبة، ما ينزلش الملعب" !!

*** أو كما أنهى الممثل القدير "نظيم شعراوي" الحوار مع الزعيم "عادل إمام" حين قال له يا سلام عليك يا كبيرنا، في فيلم "طيور الظلام" حاسمًا المشهد بجملته الشهيرة:- 

 - "اشتغل يا حبيبي اشتغل" !!
------------------------
بقلم: قصواء الخلالي

مقالات اخرى للكاتب