04 - 05 - 2025

الانتخابات والأحزاب

الانتخابات والأحزاب

لاشك أن الظروف والتحديات المحيطة بالوطن تمثل تحديا وجوديا يستدعى ويستوجب التوحد الوطنى الحقيقى الذى هو الضمانة التاريخية والحضارية لسلامة مصر والمصريين طوال التاريخ.

كما أن لا فرق ولا انفصال بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية فكلاهما تخدم على الأخرى وتتكامل معها.

ولذا، فبالرغم من خطورة التحديات التى نواجهها، وأهمها الآن ما يحاك لنا من مؤامرات تحت مسمى التهجير القسري لفلسطينى غزة إلى مصر والأردن، فهناك استحقاقات انتخابية قادمة هذا العام يجب الاهتمام بها، لما ستنتجه من نتائج تؤثر على ذلك التوحد والتراص المصرى الذى نحن فى أشد الحاجة إليه. فالانتخابات هى إحدى الوسائل السياسية التى يتم من خلالها ممارسة الحق الدستورى بالمشاركة فى اتخاذ القرار. وتلك المشاركة يحب أن تكون حالة سياسية حقيقية لتوزيع المسؤولية الوطنية بين الجماهير والسلطة . 

كما أن الدستور قد حدد نظام التعددية الحزبية، ذلك النظام إلذى تتسابق من خلاله الأحزاب السياسية فى طرح برامجها السياسية لجماهير الناخبين، لإمكانية اختيار الناخب لبرنامج الحزب الذى يتوافق مع مصلحته وفكره وتوجهاته السياسية. 

فهل واقعنا السياسى والحزبي الآن يتوافق مع هذا الطرح؟ لاشك أن الظروف التى مر بها الوطن بعد ٣٠ يونيو، خاصة مواجهة الهجمة الإرهابية التى طالت الوطن والتى مثلت خطرا حقيقيا، كان ولازال يستهدف الوطن وسلامته قبل استهداف النظام السياسى. هذا الظرف وغيره فرض شكلا سياسيا وحزبيا أقرب للنظام الموجه. فغاب الدور السياسى والحزبي للأحزاب واستبدل بدور مجتمعى حدث فيه خلط بين الدور السياسى والدور الخدمى، وكأن الأحزاب جمعيات أهلية تقدم الخدمات الاجتماعية ناسين أن هذا ليس دور الأحزاب ولكن الجمعيات الأهلية . فليس دور الأحزاب توزيع البطاطين وكراتين الشاى والسكر ...الخ، بل دورها هو إعداد وتأهيل الكوادر السياسية والحزبية للقيام بالدور السياسى الذى يعبر عن جماهير الناخبين لتنفيذ البرنامج الحزبى للحزب الحاصل على الاغلبية. 

دور الأحزاب الالتحام بالجماهير للمساهمة فى حالة من الوعى السياسى والثقافى الذى يؤهلهم للاختيار السليم الحر، دون أى وصاية سياسية أو طائفية أو قبلية أو جهوية ...الخ

هنا وعند الاكتفاء بالدور الخدمى الذى يحتاج إلى تمويل، يصبح طبيعيا التجاء الأحزاب إلى ضم القادرين ماديا بديلا للقادرين سياسيا وحزبيا . تصبح القدرة المالية بديلا للتاريخ والموقف والرؤية السياسية!! هنا يتحول الأمر إلى مزايدات مالية مليونية، هنا هل سيكون هناك دور لغير القادر ماديا، مع العلم أنه مؤهل سياسيا؟ فما علاقة هذا الواقع بالدستور والديمقراطية الحقيقية؟ وهل هذا على المستوى القريب والبعيد فى صالح الوطن والمواطن والنظام السياسي؟ وهل نظام القوائم المطلقة يعبر عن حرية الاختيار الحر على أرضية سياسية؟ ولماذا لايكون هناك نظام انتخابي يجمع بين المطلق والنسبى والفردى حتى يكون بداية حقيقية لترسيخ حياة سياسية وحزبية حقيقية، تساهم فى مشاركة سياسية تؤسس لتلاحم وتوحد وطنى الوطن فى أشد  الحاجة إليه؟

مصر تحتاج من الجميع التضحية بالمواقف الذاتية، تحتاج تقديم مصلحة الوطن والجماهير على أى مصلحة شخصية وذاتية . 

حمى الله مصر وحفظ شعبها العظيم وجيشها الوطني .
-----------------------------
بقلم: جمال أسعد


مقالات اخرى للكاتب

الفكر الديني والمؤسسات الدينية