04 - 05 - 2025

أيها العبَّار الإماراتي: أُغُرُب عن مدينتنا فأنت مال لا تعبأ هي به وهي روُح تنْقُصُك

أيها العبَّار الإماراتي: أُغُرُب عن مدينتنا فأنت مال لا تعبأ هي به وهي روُح تنْقُصُك

لٌعاب الملياردير الإماراتي محمد العبار يسيل علنا على منطقة وسط البلد بقلب القاهرة، فقد أفصح عن مخطط للاستيلاء عليها والتحكم فيها بفجاجة، وبدأ بمراودتها عن نفسها بقوله في تصريح له قبل يومين أنه سيأتي لها بسياح يعادلون نصف سكان الكرة الأرضية.

 لهذا الشخص أقول: ارحل بملياراتك عن قلب مدينتنا ودرَّتها، واذهب العب بأموالك على شاطئ بحر أو قمة جبل، أو استثمرها في مكان يلهو فيه أوغاد الأرض.

اغرب عن قاهرتنا فأنت لا تفهم قيمتها في نفوسنا، نحن نريدها قلبا وأطرافا، بزحامها بغبارها بعبقها بتاريخها بناسها بفقرها بغناها، بحرفييها ببنائيها وحتي بالسواد على واجهات مبانيها، نريدها كما هي، من أقدم مبنى وأصغر كناس في شوارعها إلى أجمل مبني وأروع شارع و أكبر فنان ومفكر يعيش فيها ويجلس علي مقاهيها.

نريدها كما هي ... تاريخا وحضارة ومركزا بدأ يسجل جزءا مهما من ذاكرة وطننا منذ ما يزيد على 150 عاما قبل أن تظهر دولتك ومدينتك للوجود أصلا.

اذهب بعيدا واصنع بملياراتك مكانا بلاستيكيا بلا روح ولا تاريخ على غرار ما تتحدث عنه في بلادك، واجعله مرتعا لتجارة السلاح واللحم الرخيص وغسيل الأموال، للصهاينة العرب والصهاينة الأقحاح.

ملياراتك تصنع مدن ملح، سكانها طارئون عارضون يعبون كل شيء، فلا يرتوون من شيء، وظامئون دائما لكل شيء، مدنك تصنع النهم والرغبات المتوحشة، وقلب مدينتنا يزرع القناعة والرضا والمتعة البريئة الصافية.

لا تراود مدينتنا عن نفسها، فنحن نعلم مقدما أن ملياراتك ستسرق الروح من صدرها، وستنزع الإنسانية والقلب الكبير من بين أضلاعها، وتحيلها في نهاية المطاف إلى منطقة حجرية تحت السيطرة بلا حياة، تحلبها حلبا، وتعصرها عصرا تحت سنابك زبائنك، لتضاعف ملياراتك من دم تاريخنا وعقل وطننا وروح شعبنا.

شوارع قلب مدينتنا يُزِّينها الأزهر، ومشى فيها نجيب محفوظ الذي لم تطأ قدمه دبي، وعاش فيها العقاد بعبقرياته التي لم تر مثلها دبي، وغنت فيها ام كلثوم، وخطب فيها عبدالناصر، وسارت فيها دبابات جيشنا صباح 23 يوليو.

هذه  أمور سندافع عنها ولو بأظافرنا ووجوهنا التي لن تنال منها ابتسامة، بل سمو وإعراض، يُطِّوح ملياراتك بعيدا لتسقط في حانة من حانات اللهو مع الصهاينة في شوارع مدن الملح التي تبنيها.

.. أغرب عن مدينتا وابحث لملياراتك عن ملاذ أمن في احدى جزر المحيط الهادي مع ناهبي أموال شعوبهم، وخائني قضايا أممهم.

أيها العبَّار: قلب قاهرتنا سيكون الحجر وسط قالب الزبدة، الذي سيشرخ اسنان أموالك ويضيق عليها النفس حتى تنسحب أو تختنق.
------------------------------
بقلم: جمال غيطاس

مقالات اخرى للكاتب

أيها العبَّار الإماراتي: أُغُرُب عن مدينتنا فأنت مال لا تعبأ هي به وهي روُح تنْقُصُك