لقد كانت انتخابات الصحفيين 2023 بارقة أمل لمستقبل الانتخابات في مصر، وأسعد انتصار إرادة الجمعية العمومية للصحفيين في الانتخابات التي أجريت في ذلك العام لاختيار النقيب ونصف أعضاء المجلس، العديد من القوى الاجتماعية والسياسية في مصر وأيضا لقي هذا الانتصار ترحيباً من الهيئات والمنظمات الدولية المعنية بحرية الرأي والتعبير والتي تراقب عن كثب الانتخابات التي تجري في مصر، وفي غيرها من الدول في أنحاء العالم. لقد قدمت الانتخابات وما أسفرت عنه من نتائج نموذجاً مشرفاً لأبناء مهنة الصحافة وأظهرت للعالم كله أن في مصر صحفيين ينتصرون لمهنة البحث عن الحقيقة وتحري الدقة، ويتطلعون للنهوض بأوضاع الصحافة المصرية على كل المستويات، وسمحت هذه النتائج ببروز نمط جديد من العلاقة بين مؤسسات الدولة وبين ممثلي جموع الصحفيين الذين حصدوا أغلبية أصوات الناخبين، وجاءت النتيجة معبرة عن إرادة الناخبين، وحرص الطرفان، مؤسسات الدولة وممثلو الصحفيين، على التعاون من أجل تحقيق التوازن بين مصالح قد تكون متعارضة، وقدم المجلس نموذجاً جديداً للعمل النقابي المهني.
إن نظام الانتخاب الحالي فيه كثير من المزايا، لكنه لا يخلو أيضا من بعض العيوب التي يمكن تلافيها دون الإخلال بالمبادئ الأساسية للانتخابات الديمقراطية، وهناك أيضاً عيوب ناجمة عن الممارسة ينبغي التنبيه إليها لتداركها في المجلس الجديد، والتي كانت سبباً رئيسياً في مزاعم "الشللية" التي قد يروجها بعض الصحفيين، خصوصا من المرشحين المنافسين على مقاعد في المجلس في الانتخابات الحالية، نرجو ألا يكثر ترديدها في حمية المعركة الانتخابية التي تنبيء بأنها ستكون محتدمة، سواء على مقعد النقيب أو على مقاعد مجلس النقابة فوق السن وتحته، والذين بلغ عددهم وفق آخر تحديث يوم الخميس، قبل فتح الباب للطعون، وبعد انسحاب مرشح على مقعد النقيب يوم السبت 52 مرشحاً، منهم تسعة مرشحين يتنافسون على مقعد النقيب، و43 مرشحاً يتنافسون على ستة مقاعد، هي نصف عدد مقاعد المجلس.
مزايا وعيوب
النظام الحالي لانتخابات مجلس نقابة الصحفيين، والمعمول به منذ عام 1970، بموجب المادة 43 من القانون رقم 76 لعام 1970 والذي يقضي بإعادة انتخاب النقيب لدورتين متتاليتين، مدة كل منها عامان، وانتخاب نصف أعضاء المجلس كل عامين، يتضمن العديد من المزايا التي تسهم في تقوية أداء النقيب والمجلس، أملاً في كسب ثقة الناخبين من جديد، وتحفز الطامحين للفوز في الانتخابات على بذل قصارى جهدهم لتقديم خدمات للصحفيين من خلال النقابة والمؤسسات الصحفية، وتمنح الناخبين الفرصة لمعاقبة النقيب إذا كان أداؤه دون المستوى المرغوب أو المتوقع، وكان نقيب الصحفيين الأسبق عبدالمحسن سلامة والذي ينافس في الانتخابات الحالية على مقعد النقيب، بحث في عام 2019 إلغاء التجديد النصفي وأن تصبح انتخابات على كل المقاعد مثل باقي النقابات، وأن تتم مساواة منصب النقيب بعضو المجلس في المدة، مبرراُ ذلك بأن مدة النقيب لا تساعده على إنجاز مهامه، الأمر الذي يعارضه غالبية الصحفيين.
لكن هناك مزايا كثيرة لنظام الانتخابات الحالي المعمول به في نقابة الصحفيين، جنبت النقابة الكثير من المشكلات التي واجهتها الكثير من النقابات المهنية من ناحيتين، الأولى منح الجمعية العمومية للصحفيين الفرصة لتقرير ما إذا كانت ستمنح النقيب تفويضاً ثانياً لمدة عامين آخرين، إذ رأت ضرورة لذلك من واقع سجله وأدائه الانتخابي في فترة ولايته، والثانية، منح الجمعية العمومية للصحفيين الفرصة لتغيير نصف أعضاء المجلس كل عامين لمعاقبة الأعضاء الذي لم يفوا بتعهداتهم الانتخابية أو اتخذوا مواقف ضد الصحفيين وتضر بالمهنة، أو التدخل لإحداث توازن في تكوين المجلس بما يضمن تحقيق مصالح الصحفيين. فإذا كان قصر مدة النقيب غيباً في النظام الحالي، إلا أنه عيب يمكن تلافيه من خلال الممارسة الانتخابية، ويقظة أعضاء الجمعية العمومية للصحفيين وتصويتهم لصالح المرشح الأفضل أداء، والذي يدافع عن المهنة والعاملين فيها، وضمان أن تكون نتيجة الانتخابات معبرة عن إرادة أغلبية الناخبين من أعضاء الجمعية العمومية.
الحقيقة، أنه من الصعب الحديث عن تلاعب في نتيجة التصويت بموجب القانون الذي ينظم عملية الانتخابات التي تجرى تحت إشراف قضائي كامل، وإشراف المرشحين على عملية فرز الأصوات، لكن يظل التدخل في توجيه الناخبين من المؤسسات الصحفية للتصويت لصالح مرشح ينتمي للمؤسسة أو التصويت لصالح مرشح يحظى بدعم من مؤسسات الدولة، رغم تراجع هذا التدخل في انتخابات نقابة الصحفيين على الأقل، إذ شهدت النقابة عدة انتخابات تمكنت خلالها الجمعية العمومية من فرض مرشحها في مواجهة من يصفون أنفسهم أو يوصفون بأنهم "مرشحو الدولة"، كما شهدت معارك للانتصار للمهنة والتصدي للقوانين التي تحد من حرية الصحفي في ممارسته لمهنته، مثل معركة النقابة ضد قانون تنظيم الصحافة 93 لسنة 1995، وإجبار الحكومة على سحبه. وفي كل الأحوال، فإن فرصة المرشح المدعوم من مؤسسات الدولة في الفوز في الانتخابات، لاسيما على مقعد النقيب محكومة باعتبارات تتعلق بشخصية المرشح ومواقفه وقدرته على كسب ثقة غالبية الصحفيين، وهذا ما أثبتته انتخابات 2023 بشكل واضح، بالنسبة للنقيب وأعضاء المجلس أيضاً.
هناك عيوب كثيرة ناجمة عن الممارسة وعن الثقافة السائدة في أوساط الصحفيين والصحفيات، يتعين التنبيه إليه وبحث سبل لمعالجتها. أبرز هذه العيوب هو تدني تمثيل المرأة في مجالس نقابة الصحفيين على نحو لا يعكس التطور في تركيب الجمعية العمومية وعدد المشتغلات في مهنة الصحافة والحضور القوي للمرأة في النشاط النقابي. وظل تمثيل المرأة في مجالس النقابات المتعاقبة في السنوات العشر الأخيرة محصوراً في مقعد واحد. وقد أثيرت هذه المشكلة في الانتخابات الأخيرة وتعالت أصوات الصحفيات للمطالبة بتحسين تمثيل المرأة. من العيب أن نطرح في وسط الجماعة الصحفية مطلباً خاصا بالتمييز الإيجابي واشتراط حد أدنى لتمثيل المرأة في مجالس النقابة، فالصحفيون على قدر من الاستنارة والثقافة الذي يفترض معهم غياب التمييز ضد المرأة في الانتخابات، لكن لا بد من التنبيه إلى أن هذه إشكالية يتعين على الروابط والتيارات والتكتلات الانتخابية المختلفة مراعاتها. يضمن القانون الحالي تمثيلاً أفضل للأجيال الشابة من الصحفيين من خلال عدم وضع قيود على تمكين المرشحين تحت السن الحاصلين على أكبر عدد من الأصوات، حتى لو كان جاء أعضاء المجلس جميعاً من تحت السن، أراهن على أن يقدم الصحفيون نموذجاً في الممارسة الانتخابية العادلة لا نضطر معه لإدخال تعديل على القانون يضمن التمييز الإيجابي للمرأة.
ومن اللافت في الانتخابات الحالية ترشح عدد من الصحفيات اللاتي أبدين اهتماماً لهذه المشكلة في الانتخابات الأخيرة، إذ تقدم عدد من الصحفيات للترشح على مقاعد في المجلس، وهو تطور اعتبره البعض لا يصب في صالح تمثيل المرأة في المجلس إذ أن العدد الكبير من المرشحات سيؤدي إلى تفتيت الأصوات بما يؤثر على فوزهن وفوز مرشحين آخر من الصحفيين كان من الممكن أن يحصلوا على عدد من الأصوات التي ذهبت للمرشحات. وهذه مسألة صعبة إذ من المفترض في ظل البيئة التنافسية للانتخابات حصول المرشح الأكثر نشاطاً، خصوصا في الدفاع عن قضايا المهنة من أصحاب المواقف المعروفة والدراية بالعمل النقابي والتفرغ له، بغض النظر عن النوع، لكن هذا لا يحدث إذ تتداخل في قرارات التصويت اعتبارات أخرى تتعلق بالجهوية والانتماء المؤسسي والانتماء السياسي. قد يوفر زيادة عدد المرشحات على قوائم المرشحين التي تتشكل أثناء الانتخابات والتي تخضع لمساومات بين المرشحين تتعلق بحساب الكتل التصويتية حلاً مؤقتاُ لهذه المشكلة إلى أن تثبت المرأة جدارتها واستحقاقها الانتخابي على قدم المساواة مع الصحفيين.
هناك مشكلة أخرى تتعلق باهتمام المجلس بالمشكلات الخاصة بالصحفيات، خصوصاً في بيئات العمل، يتعين على المجلس القادم زيادة الاهتمام بها، وجزء من هذه المشكلات متعلق بفرصة العاملات في الصحافة في الحصول على عضوية النقابة، وهي جزء من مشكلة أعم تتعلق بالشروط التي يضعها القانون، وهو ما عبرت عنه الصحفية إيمان عوف، المرشحة لعضوية مجلس عضوية نقابة الصحفيين، وهي مؤسسة "تجمع صحفيات مصريات"، وعلى الرغم من أنها أبدت استيائها مما اعتبرته شروطا ”مجحفة“ للانضمام لنقابة الصحفيين التي تمنع حصول صحفيين محترفين حققوا إنجازات في مجال الصحافة على عضوية النقابة، إلا أن هذه المشكلة تؤثر بشكل خاص على الصحفيات.
بين السياسة ومشكلات المهنة
علاقة الصحفي بالعمل السياسي علاقة وثيقة نظراً للطبيعة الخاصة لدور الصحافة والإعلام في الشأن العام وقدرتها على التأثير في الرأي العام، هذه الطبيعة الخاصة هي التي مكنت الصحفيين من الانتصار في خلاف مع مجلس النواب بخصوص حق الصحفي في ممارسة العمل السياسي، في أول صدام بين المجلس، ونقابة الصحفيين، عند مناقشة مسودة القانون رقم 10 لسنة 1941، أول قانون لنقابة الصحفيين وضعت مسودته النقابة. واعترض النواب على خلو مشروع القانون من نص يحظر اشتغال نقابة الصحفيين بالسياسة، أسوة بالنقابات المهنية الأخرى، وانتصرت النقابة في هذه المعركة وأصبحت أول نقابة لا يحظر قانونها الاشتغال بالسياسة. إلا أن هذا الوضع تسبب في مشكلات تتعلق بتضارب المصالح بين الصحفي المنخرط في العمل السياسي وبين دوره المهني، وعمل صحفيو النقابة في ذلك الوقت على اتخاذ إجراءات تضمن عدم الخلط بين اهتمام النقابة والصحفيين بالسياسة، بحكم طبيعة عملهم، وبين العمل الحزبي، ولم يسمح الصحفيون سواء على مستوى الجمعية العمومية أو مجالس النقابة أن تكون النقابة أو مجلسها بوقاً لأحد الأحزاب أو أي تيار أو جماعة سياسية. غير أنه في فترة التنظيم السياسي الواحد، تمتع الاتحاد الاشتراكي العربي، الحزب الواحد الحاكم، بوضع مركزي في قوانين النقابة التي صدرت لاحقاً، وآخرها القانون رقم 76 لسنة 1970، إلى أن تم تعديله في عام في نوفمبر عام 2012، بعد مرور ما يقرب من خمسة عقود على انتقال مصر من نظام الحزب الواحد إلى نظام التعددية الحزبية، الأمر الذي كان له ضرر بالغ مع بروز تجربة الصحافة الحزبية مع الانتقال للتعددية.
كان لهذا الأمر تأثير ضار على العمل النقابي، إذ اتسم العمل النقابي بتعددية للتيارات السياسية وغياب التعددية النقابية وحرية تنظيم نقابات مستقلة، ومن ثم لم يكن أمام التيارات السياسية بديلاً آخر سوى السعي للتأثير في تشكيل مجالس النقابات عبر الانتخابات، وأدى هذا الوضع إلى استمرار الجدل حول العلاقة بين النشاط الحزبي والسياسي وبين العمل النقابي، وأبدى صحفيو المؤسسات القومية عادة نفوراً من هذا الخلط بين المواقف السياسية والقضايا المهنية. نتيجة لذلك تبلور في الانتخابات الأخيرة "تيار الاستقلال النقابي"، وهو جبهة نقابية متنوعة الانتماءات السياسية والفكرية تدافع عن استقلال النقابة، عن التيارات السياسية المختلفة، وتزايد نفوذ هذا التيار خصوصاً بعد واقعة اقتحام قوات الأمن لمقر النقابة لإلقاء القبض على اثنين من الناشطين، أحدهما عضو في نقابة الصحفيين، أثناء احتجاجات "تيران وصنافير"، في عام 2016، وهي الواقعة التي أثارت اعتراضات من أعضاء مجلس النقابة وتسببت في أزمة بين الصحفيين والدولة وأثارت انقسامات في أوساط الصحفيين، خصوصاً مع تعالي أصوات صحفيين يعارضون عودة المحتجين المعارضين من التيارات السياسية، لاستخدام سلالم مبنى النقابة كمنصة للاحتجاجات والتظاهر ضد الحكومة وسياساتها.
يخوض تيار الاستقلال في الانتخابات الحالية معركة مع من يُطلق عليهم "مرشحو الحكومة" في إشارة إلى المرشحين الذي يستخدمون اسم "الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية" و"الحكومة"، والذي باتوا يعرفون بمرشحي "المتحدة" في دعايتهم الانتخابية في محاولة لتعويض العدد الذي خرج منهم من المجلس الحالي. وهناك مرشحون في هذه الانتخابات من خارج هذين التيارين وتهيمن شركة المتحدة على عدد كبير من الصحف الخاصة، عبر عمليات للاستحواذ والدمج، لتصبح مؤسسة صحفية كبيرة في مصر، تنافس مؤسسات مثل الأهرام والأخبار ودار التحرير ووكالة أنباء الشرق الأوسط، الأمر الذي أحدث تغييرات مهمة في الخريطة الانتخابية، ويؤثر على وضع المرشحين غير المحسوبين على "تيار الاستقلال" أو المتحدة، لفقدانهم لكتل تصويتية مرجحة، الأمر الذي من المرجح أن يتحول التنافس على عضوية المجلس، "معركة تكسير عظام"، إذ من المتوقع أن تشهد تنافساً شرساً بين مرشحي تيار الاستقلال والمقربين منهم ومرشحي "المتحدة" أو "الحكومة"، وهي معركة لها صلة مباشرة بالتوازن في المجلس الحالي حيث يوجد أربعة 4 أعضاء محسوبين على تيار "الاستقلال"، ومن شأن فوز مرشحين آخرين محسوبين على هذا التيار أن يعزز من هذا التيار.
لا شك أن للصحفيين ونقابتهم وضعاً مميزاً بسبب دورهم في الدفاع عن حق المواطنين في الإعلام بموجب المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على "حقُّ (المواطن في) التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود"، وهي المادة التي تعطي للعمل الإعلامي والصحفي صفة النشاط العابر للحدود، والذي تزايد مع ثورة الاتصالات والثورة العلمية والتكنولوجية. وكان تفاعل المجلس الحالي مع قضية فلسطين بعد حرب غزة، ملحوظاً وهي نقطة تحسب له. ومن شأن تغير خريطة المؤسسات الصحفية في مصر وتزايد عدد أعضاء النقابة المنتمين لصحف خاصة تتبع شركة المتحدة أن يؤثر على قرارات الناخبين من أعضاء الجمعية العمومية، في وقت لا تزال فيه أوضاع الصحف القومية الرئيسية مهددة بسبب التحولات الكبيرة التي طرأت على المهنة جراء التطور التكنولوجي وبروز أشكال جديدة منافسة للصحافة الورقية والمطبوعة، وهي تطورات تدفع إلى ضرورة إعادة تعريف الصحفي، ذلك أن التعريف الوارد في قانون نقابة الصحفيين الحالي لا يعبر عن الواقع الجديد للعمل الصحفي مع ظهور وسائط جديدة غير الصحافة المطبوعة والورقية، مثل الصحافة الإلكترونية أو الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي، ومع التوسع في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي. وكان تأثير هذه التطورات واضحاً في المؤتمر العام السادس للصحفيين المصريين، الذي نظمته نقابة الصحفيين في منتصف مارس الماضي، واستغرق التحضير له قرابة عام، كما يتبين من القضايا التي هيمنت على محاوره الخمسة.
قضايا معلقة
لقد أحرز المجلس الحالي إنجازات مهمة ليس هذا المقال مكان لذكرها، لكن كانت هناك بعض الملاحظات التي وردت على أدائه والتي يتعين على المجلس القادم العمل على تلافيها من أجل تحسين أداء النقابة ودورها. قد يكون من الصعب دفع تهمة الشللية التي يرددها خصوم النقيب والمرشحين المحسوبين على الحكومة ومؤسسات الدولة، عن المجلس في ظل شغل بعض أعضائه أكثر من منصب وغياب الشفافية والمعايير الواضحة في استغلال قاعات النقابة في أنشطة عامة. هذه المسألة يجب تداركها في المجلس القادم. كذلك يتعين على المجلس الإعلان عما فعله في موضوع الميزانية بعد رفضها من الجمعية العامة في دورتين متتاليتين.
تظل هناك مشكلة متعلقة بالتغطية التي توفرها النقابة للمشتغلين في مهنة الصحافة ولم يتمكنوا من الحصول على عضوية النقابة والمهددين بالسجن بتهمة "انتحال صفة صحفي"، التي أصبحت إحدى أشهر الاتهامات المستخدمة لتقييد حرية الصحفيين، والتي تجعل النقابة أداة من أدوات السيطرة على الصحفيين في رأي البعض، فموقف مجلس النقابة من هذه القضية تدفع البعض إلى اتهام النقابة بعدم الاستقلالية وبأنه يكمل دور الهيئات المنظمة لقطاع الصحافة والإعلام، في التضييق على نشاط الصحفيين والمراسلين، ويدفع البعض لانتقاد دورها في الدفاع عن حقوق الصحفيين ومصالحهم، بأنها تمارس "دوراً رقابياً مكمّلاً لمؤسسات الدولة على أرض الواقع، في ظل غياب التعددية النقابية وحرية إنشاء نقابات مستقلة.
لعل الإنجاز الرئيسي لنقيب الصحفيين الحالي هي قدرته على إنهاء الانقسامات داخل المجلس وقيادته بأسلوب هادئ ومتوازن من أجل الصالح العام للصحفيين وإظهاره ميلاً واضحاً لتفضيل العمل النقابي على العمل الحزبي ونجاحه في التواصل مع مؤسسات الدولة والمسؤولين لحل مشكلات الصحفيين، وهذا دور أصيل للنقابة، حيث كان نشاط لجنة التسويات واضحاً.. هناك كثير من الملفات لا تزال مفتوحة وقد يكون في مصلحة الصحفيين منح النقيب الحالي فرصة ثانية لاستكمال ما بدأه خصوصاً أن النشاط المستمر والعمل من أجل الصحفيين كان ملمحا مميزاً للنقيب وللمجلس. لاشك أن المعركة في هذه الانتخابات أصعب والقرار الأول والأخير هو للجمعية العمومية التي أظهرت في الانتخابات السابقة تحليها بروح المسؤولية.
------------------------------
بقلم: أشرف راضي