04 - 05 - 2025

لا تأخذوا الحكمة من أفواه الفنانين!

لا تأخذوا الحكمة من أفواه الفنانين!

هروبا من مَللِ انتظار حدثٍ مُشرق، تتطلع إليه نفسي، أخذتُ جولة في عالم اليوتيوب، وقفت خلالها على بعض برامج (التوك شو)، التي تفننت فيها الفضائيات؛ لجذب المشاهدين من خلال أسئلتها الجُهنمية للمُستضَافين، والتي تُجبرهم على البوح بخبايا النفس عن طريق الغوص فى ( آبار ) أسرارهم، وإذاعتها للمُشاهدين!

والمؤكد أنه ساعد على رواج تلك البرامج أسبابٌ تتعلق بالمُشاهِد، جعلته يلوذ بها؛ لتضييع الوقت، ونسيان ما يُعانيه من إحباط نتيجة غلاء الأسعار التي (فلت) زمامُها، وأضحت لا تتناسب مع الدخول الزهيدة، إضافة إلى عدم توافر فرص العمل، التى زاد بسببها طابور العاطلين، فضلا عن الكيل بمكاييل ظالمة، زادت من ثراء الأثرياء، وهوت بأحلام البُسطاء إلى أسفل سافلين!

كلّ هذا ناهيك عما يُسمى بـ (الواسطة)، أو ما يُعرف فى قاموس البُسطاء بـ (الكوسة)، التى شوهت صورة الهيكل الإدارى في كثير من المصالح، حيث أتاحت لـ (ابن) القُنصل أن يكون قُنصلا، ولـ (ابن) القاضى أن يكون كذلك، ولـ( ابن) البط أن يكون سباحا، ولـ(ابن) الوز أن يكون عواما، وحرمت أبناء البسطاء من هذا الحق، دون اعتبار لكفاءة أو حسابٍ لأهلية!

أقول: كما أن هناك أسبابا لانتشار تلك البرامج تتعلق بالمُذيع، منها جرأتُه، وحضوره الطاغى، واختياره الجيد لأسئلته، التى تُجبرُ الضيف على الكلام والبوح بأسراره.

من تلك البرامج، التي هداني إليها البحث، برنامج كانت تبثه قناة الحياة، وتقدمه المذيعة (راغدة شلهوب)، والتي اعتادت أن تطرح علي ضيفها نحو ١٠٠ سؤال في الفن والحياة.

في إحدي حلقات هذا البرنامج، استضافت شلهوب مُمثلا يُشار إليه بالبنان - أفضى إلى فيض الكريم - إلا أنه أدلى بتصريحات مستفزة،  فأعلن أنه يرفضُ الحجاب والنقاب؛ لأنهما يحولان بيننا ومشاهدة جمال المرأة، وطالب بتقنين تعاطى الحشيش؛ بحجة أنه يعمل لمتعاطيه (دماغ)، بالإضافة إلى تأييده لعلاقات(ابنه النسائية) التي ظلت زمنا حديثَ الصحف، مؤكدا أن هذا مرجعه إلي (جينات) ورثها عن أبيه!

وإذا كنا لا نُنكر موهبة هذا الفنان، إلا أنّ ما صرّح به يفرضُ عدة أسئلة:

ما هو شأنُك أيها الممثلُ الكبير والتكلم فى الحجاب والنقاب، وهل عُدمتْ مصرُ علماءها حتى تحمل أنت لواء التقول فى الدين بغير علم؟

وحتى لو اعتبرنا أنّ ما صرّحت به هو مجرد رأى شخصى، فليس من حقك أن تجهر به على الملأ؛ لأنه يُخالفُ شريعة وثيقة الصلة بالعفة والطهارة، وهى شريعة (الحجاب)، الذى كان لباس أمهات المؤمنين، ونساء الصحابة والتابعين.  

فدعوتك أيها الفنان للعُرى، التى تعبر عنها أفلامك بما تحويه من مشاهد صارخة، لن تقوم على أشلاء الحجاب رمز العفة والطهارة.

أما مُطالبتك بتقنين تعاطي (الحشيش)، فهى دعوى لن تجد لها صدى فى الشارع المصرى؛ لأنها تجعل الشاب أسيرا لشهوةٍ تُفقده عقله وأهله وماله، وتتركه ذليلا يتخبط فى دروب التيه والضلال.

وبخصوص علاقات ابنك النسائية، التى تفتخر بها، رغم أنها أوصلته إلى قاعة المحكمة (مُتّهَما)، فلا نملك إلا أن نُذكرك بما أُثر عن السلف: وإذا بُليتم فاستتروا !

وحقا صدق نبيُنا: (كلُّ أُمتى مُعافى إلا المجاهرين، وإنَّ من المُجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يُصبح وقد ستره الله عليه، فيقول يا فلان عملتُ البارحة كذا وكذا، وقد بات يستُره ربه، ويصبح يكشف ستر الله تعالى) .. فشكرا لك أيها الفنان على آرائك العظيمة، التي جعلتني أندم على تلك الجولة في عالم اليوتيوب .
----------------------------
بقلم: صبري الموجي
* مدير تحرير الأهرام

مقالات اخرى للكاتب

ثورة العميد!