01 - 05 - 2025

تحليل اقتصادي | ميناء طابا البحري.. قوة اقتصادية جديدة علي أرض الفيروز

تحليل اقتصادي | ميناء طابا البحري.. قوة اقتصادية جديدة علي أرض الفيروز

* تحويل سيناء إلي مركز لوجيستي للتجارة الإقليمية يربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط
* إنشاء خط سكة حديد بطول 500 كيلو متر يربط طابا بالعريش

تسعى مصر إلى تعزيز مكانتها الإستراتيجية في مجال التجارة البحرية من خلال خطة طموحة لإنشاء ميناء بحري في مدينة طابا على خليج العقبة..والذي يهدف إلى تحويل سيناء إلى مركز لوجيستي يربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط عبر إنشاء خط سكة حديد يربط ميناء طابا بميناء العريش.

ومنذ أيام قليلة مضت وبالتحديد في 30 يناير الماضي تم الإعلان عن بعض التفاصيل حول الإنتهاء من الدراسات الخاصة بإنشاء ميناء (طابا البحري) والذي سيتضمن منفذا بريا وأرصفة بحرية بالإضافة إلى مبنى مخصص لشحن البضائع والركاب. ويتوقع أن يبدأ تنفيذ هذا المشروع قريبا.. والذي خصص له 52.5 فدان لإنشاء هذا الميناء.

ويهدف ميناء طابا إلى خدمة حركة التجارة في مناطق بئر العبد والفردان والعريش، ووصلة بورسعيد وقد أبدت كل من الأردن والعراق والسعودية اهتماما كبيرا به وبنقل جزء كبير من تجارتهما عبر هذا الممر اللوجيستي.

والأكثر والأجمل أيضا أن مصر تخطط في نفس الوقت لإنشاء خط سكة حديد بطول 500 كيلومتر يربط بين طابا والعريش مرورا ببئر العبد والفردان..والذي يهدف إلى تسهيل نقل البضائع والركاب بين البحرين الأحمر والمتوسط وتعزيز التكامل بين الموانئ المصرية المختلفة.

ومع تنفيذ مصر لمشروع ميناء طابا والممر اللوجيستي المرتبط به ستعزز مصر من قدراتها التنافسية في مجال التجارة البحرية..مما قد يقلل من جدوى مشروع القناة الإسرائيلية المحتملة.. خاصة وأن إسرائيل تسعى منذ فترة طويلة إلى إنشاء ممر مائي يربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط، يُعرف بمشروع "قناة بن جوريون" بهدف منافسة قناة السويس المصرية..

إلا أن هذا المشروع يواجه تحديات تقنية وبيئية كبيرة بالإضافة إلى تكلفته المالية الضخمة..كما يتطلب تنفيذ هذا المشروع حفرا يصل إلى عمق أكثر من 400 متر مما يجعل تنفيذه صعبا للغاية.

ومن المتوقع أن يسهم مشروع ميناء طابا والممر اللوجستي المرتبط به في تعزيز مكانة مصر الاقتصادية في المنطقة من خلال تحسين البنية التحتية وتسهيل حركة التجارة بين آسيا وأوروبا عبر الأراضي المصرية، وستتمكن مصر من جذب المزيد من الاستثمارات وتعزيز دورها كمحور لوجيستي إقليمي.

علاوة على ذلك.. فإن تطوير هذا الممر سيعزز من العلاقات التجارية بين مصر والدول المجاورة مثل الأردن والعراق والسعودية وفلسطين مما يسهم في تعزيز التعاون الاقتصادي الإقليمي.

كما أن تحسين البنية التحتية في سيناء سيسهم في تنمية هذه المنطقة وزيادة فرص العمل مما يدعم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في مصر.

ويمثل مشروع ميناء طابا والممر اللوجستي المرتبط به خطوة إستراتيجية نحو تعزيز مكانة مصر في مجال التجارة البحرية وقد يسهم في تغيير توازن القوى الاقتصادية في المنطقة لصالح مصر، مع تقليل تأثير المشاريع المنافسة المحتملة حتى الآن

ولكن ورغم كل هذه الأهمية الاقتصادية لميناء طابا التجاري الجديد.. إلا إنه لا توجد أي تقديرات رسمية أو دراسات محددة تبين النسبة المتوقعة لعبور السفن عبر ميناء طابا الجديد من إجمالي حركة التجارة العالمية أو العائد الاقتصادي المتوقع على مصر بأرقام دقيقة.. خاصة وأن المشروع لا يزال في مراحله الأولى والقرار الجمهوري بتخصيص 52.5 فدانا لإنشاء الميناء.. مازال حديثا.

ومع ذلك فمن المتوقع أن يسهم ميناء طابا في تعزيز حركة التجارة والسياحة في منطقة سيناء من خلال استقبال سفن الركاب وتسهيل نقل البضائع.. بالإضافة إلى ذلك فإن ربط الميناء بخط سكة حديد يصل إلى ميناء العريش سيُعزز من كفاءة نقل البضائع بين البحرين الأحمر والمتوسط، مما قد يؤدي إلى زيادة حجم التجارة المارة عبر هذه المنطقة.

وأيضا وبالنظر إلى تجارب موانئ أخرى في المنطقة مثل ميناء صحار في عُمان الذي استقبل أكثر من 3000 سفينة في عام 2024 وحقق نموا بنسبة 77% في مناولة البضائع العامة يمكن الاستدلال على الإمكانات الكبيرة لميناء طابا في تحقيق عوائد اقتصادية ملموسة لمصر.

لذا..فإن التوقعات تشير إلى أن ميناء طابا قد يُسهم بشكل كبير في تعزيز مكانة مصر كمركز لوجستي إقليمي وزيادة حصتها من حركة التجارة العالمية، مما سينعكس إيجابيا على الاقتصاد المصري.
----------------------------------
بقلم: ضياء عبد الحميد