أما رضا فهى الفاضلة وكيلة مدرسة بمحافظة الشرقية، وأما وسام فهى الفاضلة طبيبة كفر الدوار، إن شئت فقل نصف متهمتين حتى يثبت ذنبهما، وإن شئت فقل نصف مذنبتين حتى تثبت براءتهما، فأما الأولى فجرمها أنها قبلت يد زوجها ورأسه فى اصطفاف الصباح وأذيعت مرئية بذلك على الشبكات والمنصات فعُدّ هذا خروجًا على مقتضيات الوظيفة! وقد جُوزِيَت هى وزوجها بالنقل والخصم من الأجر، ثم وُجِّه بإعادة التحقيق معهما ومراعاة الجانب الإنسانى فى الأمر. وأما الأخرى فقد بثت مرئية شَكَت فيها مما تراه فى عملها بأقسام النساء من حالات حمل وولادات مجهولة الأب (من غير ذكر اسم واحدة منهن)، وهى تستغيث الناس أن يربوا بناتهم تربية قويمة، فعُدّ هذا من نشر الأكاذيب والتشهير بالمرضى وإساءة استخدام وسائل التواصل... إلخ، وقد حُبست ثم أُخلى سبيلها، ولا تزال قضيتها منظورة أمام القضاء.
وإنى هاهنا لست أتحدث فى قرار مجازاة الوكيلة ثم الرجوع عنه، ولست أعقب على قرار إحالة الطبيبة إلى المحكمة ولا أتعرض له، لكنى كنت أود لو أن هاتين المسألتين نُظرتا وحُقق فيهما من دواوين ووزارات أخرى تكون معنية أكثر بعلاج ما وقع أو ذُكر من وقائع، وليس فى الشؤون القانونية والنيابة الإدارية اللتين أُحيلت إليهما الواقعتان.
إن الأستاذة الفاضلة رضا وقد قَبَّلت يد ورأس زوجها علنًا فى اصطفاف الصباح فإنها لم تأتِ عملًا قبيحًا فاضحًا لتستتر به، لكنها معلمة وعملها أن تكون قدوة فى زمن كثر فيه النفور والتشاحن بين الأزواج، فلو أخذنا هذا الفعل على أنه قدوة ومثال لحسن العشرة بين الزوجين المعلمين، وأنه لا ينبغى ستر القدوة خلف جدران البيوت لكرَّمنا الزوجين ولأذعنا لهما محاضرات تربية أسرية للطالبات والطلاب.
أما الطبيبة وسام فإنها تعمل فى قسم النساء والولادة فتعرض عليها الحالات كل يوم فترى من أحوالهن ما ذكرت فى مرئيتها المشهورة التى لم تذكر فيها اسمًا واحدًا لمريضة واحدة منهن، لكنها كانت نذيرًا للناس أن يربوا بناتهم على الخلق الفاضل، فهب هذه الطبيبة سكتت عما رأت كما سكت غيرها عما رأى، وزاد ارتكاب هذه الفواحش وكثر مجهولو النسب، فهل هذا سيُرضى المجتمع؟! إن كتمان هذه الأمور كمن يكتم القيح فى جسده حتى تشتد عليه الحمى والآلام والأوجاع منه، وإن تلك الفئات الذين يستحى المجتمع أن يسمع بهم ويعالج أمرهم سيكونون يومًا ما ثقلًا على المجتمع وشرطته وقضائه.
لقد كنت أود لو تولى ديوان رئاسة الوزراء أو قسم أبحاث الرصد فى وزارة التضامن الفحص عن الأمر والتحقق منه وتمحيصه؛ إذًا لكان أنفع لهذه الأمة من التخويف وإقامة المحاكم لها، لقد كنت أرجو أن يُستمع إليها على أنها نذير وأن يُستجاب لإنذارها الاستجابة المستحقة، إذًا لتداركنا أمة من الانحراف، ولأنقذنا أطفالًا من أن يحملوا اسم مجهولى النسب.
وختامًا فإن الإسراع بكل صاحب لقطة أو مشهد على الشبكات إلى النيابات ومجالس القضاء سيحمل كثيرين على ترك القدوة الحسنة لئلا يساءلوا عنها فتزيد القدوة السيئة ومقلدوها، كما سيمتنع من يرون الشر أن يُنذروا الناس ويحذروهم منه مخافة أن يساقوا إلى التحقيقات والمحاكمات، وربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم..
--------------------------
بقلم: محمد زين العابدين
[email protected]