عن القمة العربية القادمة، المزمع عقدها في القاهرة، أتحدث. هذه القمة تُعقد في ظروف صعبة ومختلفة عن كل ما واجهه العرب من مخاطر سابقة وعلى القادة العرب جميعًا، بلا استثناء، أن يدركوا أن استقرار بلادهم بات مهددًا، بل إن استقلالها نفسه أصبح في خطر.
إن القضية ليست فلسطينية فحسب، وما يحدث في غزة والضفة الغربية لا يخص الفلسطينيين وحدهم، بل إن الجميع بات في مرمى النيران. لقد أصبح المشروع الصهيوأمريكي واضحًا وجليًا، خاصة بعد الانحياز الأمريكي الأعمى لمطالب الكيان المحتل.
يجب على العرب أن يتخلوا عن أوهام السلام، فلا سلام مع محتل، ولا تفاوض إلا بتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة، وعلى رأسها حل الدولتين وانسحاب إسرائيل إلى حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967. لا وقت لدينا لإضاعته في مفاوضات عبثية استمرت نصف قرن، فالحل موجود في القرارات الدولية التي يجب تنفيذها، وليس في مزيد من الحوارات العقيمة.
أما عن القمة العربية، فلا بد أن يتضمن جدول أعمالها وقف العدوان نهائيًا وفورًا، وبلا شروط، على كل أبناء الشعب الفلسطيني. ويجب أن تفهم أمريكا قبل إسرائيل أن هذا ليس مجرد قرارات تُصدر، بل هو موقف عربي لا تراجع عنه، ولو كلفنا ذلك المواجهة المسلحة دفاعًا عن الشعب الفلسطيني وحقوقه.
يجب وضع خطة عربية موحدة تحسبًا لأي مواجهة محتملة، ووضع كل القوات العربية في حالة تأهب قصوى، مع البدء فورًا في مناورات مشتركة استعدادًا لما قد تفرضه الظروف. لا بد من حماية أرواح أهل غزة قبل الحديث عن إعادة الإعمار، فالأولوية الآن لوقف العدوان والتصدي له، وإدخال المساعدات إلى غزة دون استجداء إسرائيل وأمريكا، لأن الحصار والتجويع مخالفان للقوانين الدولية، ومن حقنا كسر هذا الحصار بالقوة إن لزم الأمر.
كما يجب أن تشمل مقررات القمة تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، بحيث تصبح قيد التنفيذ الفعلي، لا مجرد حبر على ورق. ولا بد أن تعلن الدول العربية موقفها بصراحة، وألا تظل بعض الدول - وهي معروفة - تؤدي دور الوكيل للصهاينة. ومن يتعاون مع هذا الكيان يجب أن تُشطب عضويته من جامعة الدول العربية.
يجب كذلك التطرق إلى الملف السوري، ودعم الشعب السوري الشقيق في استعادة الأمن والاستقرار. كما يجب أن يؤكد البيان الختامي على الدفاع العربي المشترك، وصون كرامة الأمة، وتفعيل العمل العربي المشترك في جميع المجالات، بدلًا من إصدار قررات لا طائل منها ولا فائدة.
إن لم ندرك هذه اللحظة الفارقة، سنكون أمام خيار واحد: الهاوِية وحينها سيصبح العالم العربي مجرد كانتونات أمريكية، يحكمها صهاينة يتحدثون العربية بطلاقة.
-------------------------
بقلم: سعيد صابر