تربطني بالشاعر والكاتب المسرحي أحمد سراج صداقة وطيدة تمتد لسنوات طويلة ورسخت تلك الصداقة قواسم مشتركة عديدة في مقدمتها عشق مصر أرضا وشعبا وحضارة ، التقينا على حب حقيقي لهذا الوطن العظيم .
جمعنا أننا أبناء فلاحين كادحين بسطاء يزرعون قيم الخير والجمال في نفوسنا كما يزرعون قمحهم ونخيلهم في قراريط معدودة تكفي بالكاد ما يسد الرمق .
جمعتنا القاهرة فمشيناها شارعا وحارة وزقاقا و درنا في دروبها وعشقنا ليلها الساهر ونهارها الضجر وكلما مشينا ينشد سراج عشقه وشعره في هذا البلد الذي يسكننا ، كان عشقه حقيقة بلا ادعاء أو مزايدة ، عشق الكادحين البسطاء لوطن ليس لهم غيره وطنا ، يفدونه بأرواحهم وما يملكون .
جمعتنا العاصمة السعودية الرياض - يوم كان يعمل سراج محررا ومشرفا على المحتوى في جهة سيادية عليا - منوط بها العدالة والتحقيق .
كل ليلة نلتقي فيغلبنا الحنين لمصر المحروسة فلا حديث إلا عنها محبة وشوقا وانتماء ، ضبطته متلبسا بالبكاء يوم احتفلنا في الرياض بمناسبة وطنية وغنينا مع شباب الجالية المصرية في السعودية (يا حبيبتي يا مصر )
ظل سراج أكثرنا حنينا لمصر حتى تركنا وعاد لحضنها ونيلها وناسها ولم يجلس إلا شهورا معدودات رغم مغريات المنصب والمكان والمكانة.
أحمد سراج شاعر حقيقي وكاتب كبير ومثقف عضوي فاعل في الحياة الثقافية المصرية ومن يعرف سراج أو قرأ له شعره وسرده ومسرحه ودراساته سيدرك مع أول سطر أن هذا الشاعر الكبير والمثقف الواعي أبعد - كل البعد - ما يكون عن فكر متطرف أو جماعة إرهابية ، فسراج العاشق تراب هذا البلد يقف في الصفوف الأولى مدافعا عن وطن يعشقه ويتيه فخرا بمصريته وتاريخه العريق ولا يقبل بحال أن يمس أحد بلده بسوء .
أحمد سراج مصري نبيل من طين هذا البلد الجميل ، تربى أحمد وسط ناسه وأهله على نيل مصر العظيم في المنوفية في بيئة مبدعة تحيل الطين فخارا وإبداعا مثل جدوده القدماء الذين حمل جيناتهم الإبداعية في كيانه وحول هذا الجمال شعرا وسردا ليعلن في كل حرف أنه ابن بار بوطن عظيم يليق بنا ونليق به.
يا أحمد النبيل هي سحابة صيف عابرة بعدها تنجلي الحقيقة المؤكدة التي نعلمها جميعا أنك ابن بار منتم لبلده و كاتب وشاعر كادح شريف ونبيل .
-------------------------------
بقلم: عماد علي قطري
(كقال كتبه الشاعر والكاتب المسرحي قبل رحيله المباغت في 9 فبراير الجاري)