04 - 05 - 2025

الأزهر والموقف الحاسم: قيادة الأمة في مواجهة الإبادة

الأزهر والموقف الحاسم: قيادة الأمة في مواجهة الإبادة

إن ما يحدث في غزة ليس مجرد عدوان عسكري، بل هو عملية تطهير عرقي وإبادة جماعية موثّقة تستهدف الإنسان والأرض والتاريخ. لم يقتصر الاحتلال الصهيوني على قتل المدنيين وقصف المستشفيات والمساجد، بل امتدّ إلى تدمير الجامعات، بما في ذلك جامعة الأزهر في غزة، في محاولة للقضاء على كل مقومات الحياة والفكر والمقاومة.

لم يعد مقبولًا أن يقتصر موقف الأزهر على بيانات الشجب والإدانة. هذه مرحلة مفصلية تتطلب تحركًا عمليًا، يقوده الأزهر، بوصفه المرجعية الإسلامية الأكبر، لفضح جرائم الاحتلال، وتحفيز العالم الإسلامي على اتخاذ خطوات فاعلة تتجاوز الاحتجاجات الموسمية. على الأزهر أن يتحرك في أكثر من اتجاه:

إطلاق حملة إعلامية عالمية لكشف جرائم الاحتلال وداعميه

يجب أن يتبنى الأزهر حملة إعلامية موثّقة، تنشر الحقائق بالصوت والصورة في الصحف والقنوات العالمية، خاصة في أوروبا وأمريكا، لكشف الدور المباشر لهذه الدول في دعم الجرائم الإسرائيلية. يجب استغلال كل المنصات الإعلامية المتاحة، بما في ذلك الصحف الكبرى مثل The New York Times وThe Guardian وLe Monde، إضافة إلى القنوات الفضائية، لعرض وثائقيات ومقالات تحليلية مدفوعة تفضح المجازر اليومية بحق الفلسطينيين. هذه الحرب الإعلامية ضرورية لتغيير الرأي العام الغربي، الذي يتم تضليله بشكل مستمر لصالح إسرائيل.

تحريك منظمة التعاون الإسلامي نحو العدالة الدولية

على الأزهر أن يلعب دورًا فاعلًا في تحريض منظمة التعاون الإسلامي للانضمام رسميًا إلى محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، للانضمام الى الدعاوى القانونية ضد إسرائيل وحلفائها بتهمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب. هذه الخطوة ليست رمزية، بل يمكن أن تؤدي إلى ملاحقة قادة الاحتلال قانونيًا، وتجعلهم مطلوبين دوليًا. يجب أن يخاطب الأزهر قادة الدول الإسلامية، ويدفعهم إلى تفعيل هذه المسارات القانونية، بدلًا من الاكتفاء بالإدانات اللفظية.

ممارسة الضغط على الحكومات الإسلامية لاتخاذ مواقف رسمية

لا يمكن للأزهر أن يكتفي بدعوة الشعوب إلى التحرك، بينما تواصل بعض الأنظمة العربية والإسلامية تطبيع علاقاتها مع الاحتلال، أو التزام الصمت أمام المجازر. يجب أن يخاطب الأزهر حكام الدول الإسلامية بشكل مباشر، ويطالبهم باتخاذ مواقف رسمية واضحة، تشمل طرد السفراء الإسرائيليين، ووقف التعاون الاقتصادي والعسكري مع الدول الداعمة للعدوان.

إعادة إحياء مفهوم الجهاد الشامل

الجهاد ليس مجرد مواجهة عسكرية، بل هو معركة على كل الجبهات: الاقتصادية، والسياسية، والإعلامية، والقانونية. يجب أن يوضح الأزهر أن دعم المقاومة، ولو بالمقاطعة والضغط السياسي، هو واجب شرعي. لا يجوز أن تستمر الشعوب الإسلامية في تمويل آلة القتل الصهيونية عبر استهلاك منتجات الشركات التي تدعم الاحتلال.

إعادة بناء غزة علميًا وثقافيًا

لقد دُمّرت جامعة الأزهر في غزة، كما دُمّرت معظم مؤسسات التعليم، في محاولة للقضاء على الوعي الفلسطيني. على الأزهر أن يتبنى مشروعًا متكاملًا لدعم التعليم في غزة، سواء من خلال إرسال منح دراسية، أو إنشاء منصات تعليمية رقمية، أو تمويل إعادة بناء المؤسسات التعليمية التي استهدفها العدوان.

هذه اللحظة التاريخية تتطلب موقفًا شجاعًا يتجاوز الكلام إلى الفعل. على الأزهر أن يكون في مقدمة هذه المواجهة، يقود الأمة الإسلامية إلى التحرك الحقيقي، بدلًا من الاكتفاء بدور المراقب. فإن لم يتحرك الآن بكل قوته، فمتى سيتحرك؟
_________________
بقلم: عز الدين الهواري

مقالات اخرى للكاتب

محكمة الذكاء الاصطناعي التجارية: ثورة فى عالم العدالة الرقمية