01 - 05 - 2025

الموالاة والمعارضة

الموالاة والمعارضة

"اه يا بنت اللذين" لم أجد ما اعبر به عن مدى إعجابي وشغفي  المجنون ببلدي مصر غير هذه العبارة، مختصرة جداً وممتلئة جدا حتى حافتها بمعان يصعب وربما يستحيل التعبير عنها، ففي هذا البلد حيثما تجولت تجد حكما تشملك برعايتها وحمايتها لو أنك استمعت لها وقدرتها حق قدرها، ومن العجيب أنها تجيد السفر عبر القرون أملاً في الوصول إلى أحفاد الأحفاد وإليك واحدة من هذه الحكم التي قد تقابلها باستخفاف وسخرية " يا فرعون ايش فرعنك قال مش لاقي حد يلمني"

صدق أولا تصدق هذا المثل العامي الذي قد تقوله أم حميدة وهي تردح لجارتها أم شوقية، يضع أمامك الشق الأهم في الديمقراطية وهي العلاقة بين الموالاة والمعارضة فطالما كانت هناك معارضة قادرة على كبح جماح الموالاة فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، أما إذا سحقت المعارضة أو كتمت أنفاسها شطحت الموالاة ونسي فرعون نفسه وضاعت الدنيا، فمثلا لو أن عبد الناصر وجد أو سمح بوجود من يلمه  "المعارضة" لما أمم قناة السويس منفردا ودون استشارة أحد وحتى دون علم أحد برغبته هذه، رغم أن مصر كانت ستستردها قانوناً بعد اثنى عشر عام فقط أي في عام 1968 دون التعرض للعدوان الثلاثي في عام 1956 وفقد سيناء واحتلال لبور سعيد، وربما كان يمكن أن يكون ما هو أكثر لولا مجلس الأمن والحرب الباردة، ولو كانت هناك معارضة لما زج بجيشه وضيع أموال مصر في حرب عبثية مثل حرب اليمن، ولو وجد من يلمه لما أغلق خليج العقبة أمام الملاحة الاسرائيلية ليشعل حرباً لا لزوم لها بجيش يعرف انه يدار بقيادات فاشلة وغير مؤهلة.

 ولو أن صدام حسين وجد من يلمه ما غزا الكويت وما حارب إيران، ولو أن حافظ الأسد وجد من يلمه لما جعل الأقلية العلوية (10%) تحكم الأغلبية وتتسلط عليها فأورث ابنه إرثا مسموماً قضى عليه وعلى سوريا معاً، وهو ما حدث مع القذافي ومع على عبد الله صالح ... الخ 

هذه حكمة مصر القديمة تقَدم لنا اليوم فهل نقدرها حق قدرها، هل أطمع ان تقولوا معي وبصوت عال يسمعه العالم كله "اه يا بنت اللذين".
------------------------------
بقلم: فتحي عبدالغني

مقالات اخرى للكاتب

الاغتيال الثاني لعائلة الفايد