04 - 05 - 2025

عندما رد الرئيس على صديقي الإخوانجى

عندما رد الرئيس على صديقي الإخوانجى

فى علاقتنا اليومية مع من يحيطون بنا سواء فى السكن أو العمل أو المواصلات أو حتى المقهى، غالبا نلتقى مع أطياف الشعب المصري، نلتقى مع المثقف والبسيط  ومع الشرس والطيب ومع المردد والحافظ دون فهم وهذا النوع الأخير هو أسوأ من تحاورهم.

لى صديق أتحاور معه أحيانا وتمتد حواراتنا لساعات ونتناقش فى كل الموضوعات بداية من سعر البطاطس فى السوق ووصولا إلى الفارق الفكرى بين العقاد وطه حسين.

وللحقيقة ومع يقينى التام ومنذ ما يزيد عن 13 عاما بتوجهه الفكري والأيدولوجى إلا أنه أبدا لم يفصح وأنا لم أرد أن أسأله عن توجهاته، ولأنني والحمد لله قرأت جيدا وأعلم ما بين السطور فإننى اكتشفت مبكرا أنه من أيتام حسن البنا وسيد قطب وزينب الغزالى وصولا إلى الجولانى في سوريا.

صديقى هذا لا يدع مناسبة ولو حتى فى مشاهدة مباراة كرة قدم إلا ويلقى سهام المؤامرة والخيانة والمقارنة فى غير محلها بيننا وبين جيراننا ملاك النفط.

منذ أكتوبر 2023 ولا يكاد يجمعنا حديث إلا ويتكلم شارحا لمخطط مصر ونظامها فى محاصرة الأشقاء فى غزة، بل يجوّد بأننا ضالعون فيما يحدث لهم ويقسم طوال الحديث أننا سنهجرهم ونمنح أرض فلسطين لأبناء العم سام.

صديقى هذا يستمع معظم الليل لقنوات الإخوان ويأتى لى متحدثا وشارحا ماذا قال فلان وعاد فلان ويعتبرهم أنبياء قد أخطأهم الوحي، وعندما أشرح له أن فلان هذا كان عازفا فى فرقة موسيقية، والآخر كانت كل اهتماماته  قبل عشر سنوات فى كرة القدم، وتخصص فى برامج رياضية لا يشاهدها أحد وتسبب فى غلق قنواتها، إلا أنه يعود ويتهمنى بثقافة القشور.

قبل أسبوع من الآن فؤجئت به يحادثنى فى منتصف الليل متهللا وقد ظننت أنه أخيرا تحقق له حلم أو نال ترقية فى عمله، وبادرته بقولى "مبروك" قبل أن أساله عن السبب، وإذا به يخبرنى بصوت مبتهج "مش قولت لك إن المؤامرة هتكتمل وأن مصر ستقبل أبناء غزة فى سيناء وأن مصر أقامت وحدات سكنية أنفق عليها النظام الفلانى فى الخليج ليتم تصفية القضية، اليوم نشمت فيكم وفى اختياراتكم وتشعرون أن حكم الاخوان هو من كان يملك صك الوطنية الحصري"

وعندما سألته عن مصدره قال "ده فلان قال فى قناته إن الرئيس ترامب صرح بكده ومصر وافقت وزي الفل"

فى حقيقة الأمر لم أر فى حياتى مواطنا يسكن وطنا ويتهم الوطن فى عرضه ويرقص فرحا بهذا الاتهام، وأيقنت أن هؤلاء لازالت فكرة الوطن لا تروق لهم ولا يومنون بها ولا يلتقون معها أفقيا أو حتى رأسيا، وأن ولاءهم للجماعة وللمرشد يفوق ولاءهم لأي شىء آخر، وأنهم أجهزة تسجيل، تسجل ثم تذيع متى أراد مالكها ذلك"

بحثت فى الإعلام المصري والخارجى وسمعت ما صرح به سيء الاسم والذكر معا الرئيس الأمريكى ترامب، وقبل أن يطلع الصباح، وأنا أبحث فى القنوات، خرجت علينا وزارة الخارجية فى بيانات نارية متتالية شارحة موقف مصر وسقف تعاملها، وعن يقين كنت أعلم ما ستقوله لأننا ببساطه منذ 5 آلاف عام ونحن نعانى على حدودنا الشرقية منذ دخول الهكسوس مصر ومع كل جديد، تكون مصر وجيشها لا تلين مثل الحديد.

لم أتمالك نفسى وهاتفت صديقى "المصري بالرقم القومي" فقط، وقرأت عليه بيان الخارجية وما حوله وما أكدته المصادر تواليا، العجيب أنه قابلنى بابتسامة باردة لا روح فيها ولا طعم وهو يخبرني: " ده كلام على الفاضي، لو صحيح ده موقف مصر يطلع الرجل الاول يتكلم ويصرح وهذا لن يحدث"

ضربت كفا بكف على عقول تعطلت، يردد ولا يفهم ولا يقتنع، حتى أنى تجاوزت فى الحديث وخرجت عن النص معه، ولأن التقية تحكمهم لم يرد ولم يعلق بل وقابلنى ضاحكا "الحق بيزعل الناس دلوقتي"

تمنيت وقتها لو أن الرئيس يخرج لأى مناسبة ويخرس الجميع ويعلنها مدوية، والحمد لله، ما هى إلا أيام وفى إحدى زيارات ضيوف مصر، خرج الرئيس بكل ثبات وهدوء وكأنه يبحث فى الحضور عن صديقى هذا ليلقى كلمات ستنزل على البعض مثل الرصاص الحي، تمزق معتقدات ظلت قياداتهم وقنواتهم ليل نهار تطعمهم وتسقيهم إياها.

 خرج الرئيس قائلا "إن مصر لن تشارك فى تصفية القضية ولن تفرط فى حبة رمل ولن تخرج عن مسار تاريخها الذى يؤكد أن فلسطين دولة عربية ، ولا حل إلا بإقامة دولة على حدود 4 يونية 1967 بغزة هاشم وضفتها وقدسها المباركة " وأن هذه القضية لا نقاش فيها ولا مجادلة. 

 سريعا بحثت عن هاتفي لأطلب رقم هذا الصديق وهاتفته عشرات المرات ولم يجب، بل أغلق جواله واختفى وهو يبحث فى ذاكرته عن 13 عاما قضاها من عمره مهاجما ومتهما لوطنه وجيشه وقيادته بالخيانة والعمالة ليفاجأ بعد كل هذا بأن من خان وباع وتنازل منذ عام التأسيس فى الإسماعيلية هو من حاول تفجير القاهرة طبقا لاعترافات سيد قطب ذاته في قضية ننظيم 1965، وهو من لم يمانع في خلع العباءة وإزالة اللحية وارتداء "الهوت شورت " لو أن هذا سيوصله للحكم.

الخلاصة أن هذه النوعية لازالت ترعى وتوزع أفكارها، خاصة فى المؤسسات التعليمية فى صعيد مصر وجامعاتها ومنهم من تبوأ مناصب، قطعا سياتي يوما ويتم محاكمة من وافق وأقر لهم ذلك، وهم يتعاملون مع هذه المؤسسات على أنها غنيمة لهم، يغتصبون قدراتها ليزرعوا أفكارا شيطانية لا تهدف إلا إلى تكفير الطالب بوطنه وإعادة تدويره فى المجتمع، يوزع كتب بن تيمية وسيد قطب ويعتبر رسائل حسن البنا "قرآنا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه"
--------------------------
بقلم: عادل عبدالحفيظ

مقالات اخرى للكاتب

مصر تدين استهداف البنى الأساسية والمرافق الحيوية في مدينتى بورسودان وكسلا