28 - 03 - 2025

"من الدبلوماسية التخلي عن الدبلوماسية"

في زيارة الرئيس المرتقبة لواشنطن أرجو أن يتحدث الرئيس بلغة جديدة يفهمها ترامب جيدا، ولا داعي لأدبيات السياسة القديمة بأن أمريكا هي شريك ضامن لعملية السلام، بل أثبت ترامب بتصريحاته الأخيرة بأنه الخصم الأول في الصراع العربي الإسرائيلي، وتحول من دور الراعي إلي الذئب، وإن كنت أري منذ زمن بعيد خطأ مقولة كل أوراق اللعبة بيد أمريكا فيما يخص السلام، وهذا أعطي لأمريكا واسرائيل الحق بأن تصنعا سلاما وفق مصلحة الثانية ويخدم أحلامها التوسعية، وآن للرئيس أن ينقل للأمريكان الصورة التي تراها مصر الواعية بحقيقة الصراع وكيفية إدارته، فمنذ بدأت مفاوضات السلام وأمريكا تري .. وأمريكا تقول.. ولا شئ يتحقق ولم نر إلا مزيدا من التوسع والعدوان، وها هو السلام ينهار الآن ولن يسمع أحد بعد اليوم أي نداء للسلام، خاصة إذا كان الراعي هو أمريكا نفسها، ولا بد أن يفهم الرئيس الأمريكان بأن المنطقة الأن تغلي وليست مصر وحدها، وأن دور الوسيط العاقل لمصر انتهي إلي غير رجعة، نحن أقرب الأن للمواجهة عن السلام ولا سبيل ولا خيار لإسرائيل إلا حل الدولتين، ودون مماطلة إسرائيلية ومرواغة أمريكية، وأن يتوقف العدوان فورا عن الضفة وعن كل أبناء الشعب الفلسطيني، وإن لم يتوقف العدوان فإن الدفاع عن هذا الشعب هو مسؤولية جماعية لكل العرب، وعلي العرب أن يفهموا أن الشعب الفلسطيني هو حائط الدفاع الأول عن كل العرب، ويجب  تقديم كل الدعم الإنساني والعسكري كلما لزم الأمر، فمن أعطي أمريكا حق دعم العدوان والمشاركة فيه لم يمنع العرب من دعم إخوانهم أصحاب الأرض والحق، بل بات من جبن العرب جميعا إعراضهم عن دعم المقاومة والنضال المسلح، بل أعتبروا المقاومة إرهابا، ولكن الآن حصحص الحق ولن يجرؤ متخاذل او ذليل أن يفتح فمه بما كان بهتانا من قبل. 

قل لهم سيدي الرئيس أن مصر لا تقبل هذا الترامب وتصريحاته، وأننا لسنا إحدى دول الموز التي يجتاحها المارينز، إياك وخطاب السلام فليس وقته الآن، بل سيغري هذا المهووس بقوته لأن يفعل المزيد، وعلك تعرف ماقاله جيدا، إنها مسألة كرامة وطن، وإن كان لي رجاء بل تساؤل، لماذا لم يقم الرئيس بجولة لزيارة الصين وكوريا الشمالية وروسيا وتركيا وإن إستدعي الأمر زيارة إيران نفسها، وفي هذه الزيارة مناورة ورسالة قوية قد تسبق الرئيس قبل لقاء ترامب نفسه، وعلي العرب إعادة النظر في العلاقات التجارية مع أمريكا وأن يحل محلها التجارة البينية بين الدول العربية، وأن تقوم الجيوش العربية بتدريبات مشتركة ودائمة ليحدث التناغم العملياتي بينها، فإن فرضت علينا المواجهة فأهلا ومرحبا، لكن كانت هناك رسائل من هذا النوع كان لابد وأن تسبق زيارة الرئيس، وأعتقد أنه لازال الباب مفتوحا أمام العرب ليفعلوا المزيد، وعلهم آمنوا أخيرا أن مصر هي الملاذ في الشدائد، وليس لنا فضل عليهم لأنهم أخوتنا في الهم والمصير. 

وأخيرا تمنياتي بزيارة ناجحة للرئيس يملؤها الشموخ والكبرياء، وليحمل معه كل كبرياء هذا الشعب العظيم وشجاعته، لقد آن الأوان أن يسمع العالم صوت مصر ورفضها كل ألوان التسلط والبلطجة.
--------------------------

بقلم: سعيد صابر


مقالات اخرى للكاتب

 جحيم ترامب وحريم العرب