05 - 05 - 2025

ماذا يريد الشعب؟ (٢٧)

ماذا يريد الشعب؟ (٢٧)

تعددت الأقوال وتباينت التعريفات الخاصة بالرئيس الأمريكى ترامب حول عدم منطقية ومعقولية وقانونية أقواله وتصريحاته وقراراته .

نعم هناك عدم معقولية وغياب منطقية فى تلك القرارات. ولكن هذا لا يعنى أن تلك الممارسات بشكل عام منبتة الصلة عن الواقع الفعلى الذى يعيشه العالم الان . فالعالم الآن يعيش فى ظروف شبيهة بالعالم ما قبل القانون الدولى وسيادة الدول (ما قبل وستفاليا) واحترام حقوق الإنسان...الخ

والأحداث العالمية أكدت أن العالم يعيش الآن فى ظل واقع استبدل الصراع بديلا للحوار والقوة بديلا للقانون والسيطرة والاستغلال بديلا للعدل. وقد تجسد ذلك الواقع في غزة مابعد ٧ اكتوبر ٢٠٢٣ من إبادة للبشر وتدمير للحجر والاستهانة بكل القيم الدينية والإنسانية والقانونية. فلا قانون ولا مؤسسات ولا منظمات دولية، بل أصبحت المحاكم الدولية تحاكم على أحكام تصدرها حماية للعدل الدولى!! وذلك لأن الواقع العالمى قد أفرز ذلك المناخ الذى سمح لترامب أن يفعل مايحلو له. 

وإذا تركنا الهم العالمى جانبا، واستدعينا الهم العربى وهو ما يعنينا الآن . نجد أن هذا الهم العربى لا يسعد حبيبا ولكن يرضى كل الأعداء. ولو حددنا الأمر فى القضية الفلسطينية وهى عنوان المرحلة فماذا نجد ؟ الواقع الفلسطيني: صراع سياسى وسلطوى ودام بين الفصائل الفلسطينية (فتح وحماس) وللأسف ليس على مزيد من التضحية من أجل القضية ولكن من أجل سلطة افتراضية متخيلة لا علاقة لها بأرض الواقع . فتحولت القضية بين هذا وذاك إلى صراع على مغانم شخصية ومكاسب مادية وطموحات ذاتية، وكل هذا على حساب الشعب المنكوب الذى يعانى معاناة لم ولن  يتحملها بشر؟ هنا من الطبيعى أن يجد ويحقق الكيان الصهيونى كل ما يريد لعبا على الطرفين . الواقع العربى: باختصار فهو واقع مفتت ومتشرذم ( رغم عوامل التجمع ) وضعيف ( رغم مقومات القوة ) لايجيد غير الشعارات ولا يفعل غير الشجب وإصدار التصريحات الشعاراتية. يسعى كل نظام لصالحه وعلى حساب الآخرين، فتم الاختراق الصهيونى والابتزاز الأمريكى !!! أما الواقع الاسلامى: هى الاجتماعات والمؤتمرات والبيانات وإعلان الاستشهاد فى سبيل الحفاظ على الأقصى وكفى المؤمنين شر القتال. 

فى ظل هذا الواقع كان من الطبيعى أن نشاهد ما يحدث من ترامب أو نتنياهو وهم يتصرفون وكأنهم هم أصحاب الجغرافيا والتاريخ والمتحكمون فى البشر . وهنا وبعيدا عن أى شوفونية مصرية نجد ان مصر بالرغم من قيود كامب ديفيد التى ورطنا فيها السادات، هى التى دفعت وتدفع الثمن طوال الوقت وذلك لايمان مصر بأن القضية الفلسطينية مرتبطة عضويا بالأمن القومى المصرى طوال التاريخ. 

الآن وبعد تصريحات ترامب بالاستيلاء على غزة وتهجير أهلها . وبعد الموقف المصرى والاردنى والعربى القوى . فماذا يجب أن نفعل سواء كان كلام ترامب قائما أو أن هناك تراجعات يمكن أن تتم حول تلك التصريحات؟ لابد هنا أن ندرك أن المخططات الاستعمارية والأهداف الصهيونية لن تسقط ابدا ولكنها التكتيكات المتغيرة حسب الظروف واتساقا مع الواقع حتى يتم تحقيق أهدافهم الاستراتيجية وهى تحقيق اسرائيل الكبرى وتغيير الشرق الأوسط . فهل وسريعا أن تتم قمة عربية تأخذ موقفا عمليا وليس شعاراتيا بالإصرار على قيام الدولة الفلسطينية على أرضها حسب القانون الدولى؟ على الدول العربية وقف التطبيع وتفعيل الإمكانات الاقتصادية التى يتم ابتزازها بحجة حماية الأنظمة فى سد الفجوات الاقتصادية التى تراهن عليها امريكا فى شكل المعونات. 

نحن نملك الكثير من المقومات والمواقف التى تجعلنا قوى فاعلة فى المنطقة والعالم . بالاتحاد والتوحد حول مواقف تحمى الأرض وتصون الكرامة . غير ذلك فقل على الجميع السلام . حمى الله مصر وشعبها العظيم وجيشها الوطنى.
------------------------------
بقلم: جمال أسعد

مقالات اخرى للكاتب

الفكر الديني والمؤسسات الدينية