منذ أكثر من سبعين عاما بدأ ذلك الصراع المرير بين أمتنا العربية بشكل خاص و الإسلامية عامة، عندما شرعت بريطانيا بدعم من العالم الغربي في تنفيذ وعد بلفور المشئوم بإقامة وطن لليهود على أرض فلسطين بعد 30 عاما من إعلانه عام 1917.
قاموا بجمع اليهود من كل العالم في السفن و أنزلوهم على أرض عربية و إسلامية لم تكن ملكهم يوما، و لكنها تحت الانتداب البريطاني، و في مايو عام 1948 تم الإعلان عن إنشاء الدولة العبرية باسم إسرائيل، و حتى يكون الأمر مبررا قاموا بتزييف التاريخ و الدين ليختلقوا وهما صدقوه بأن تلك هي أرض الميعاد التي منحهم الله إياها، و لا تقتصر فقط على فلسطين، و إنما تمتد من النيل للفرات وهكذا تم إنشاء هذه الدولة على أساس فكرة دينية.
في فلسطين يوجد المسجد الأقصى أولى القبلتين و ثالث الحرمين الشريفين، وهو من أهم المقدسات الإسلامية، فمنه عرج الله بنبيه الكريم محمد عليه الصلاة و السلام إلى السماء، و هكذا تكون أيضا قضية فلسطين ليست سياسية بل عقائدية و دينية أيضا و بحق، و فرض عين على الأمة الإسلامية تحرير هذا المسجد الأسير المهدد بالهدم و الذي يتم انتهاكه و تدنيسه بشكل دائم بيد الصهاينة.
ولكن لأن إبقاء تلك القضية دينية يعد أمرا مقلقا لدولة الاحتلال ومن يساندها، كون المطالبة بالحق ستكون على نطاق أوسع، و سوف تشمل كل مسلم في العالم وكذلك أكثر إلحاحا وشراسة، فقد عملوا على مدار سنوات الصراع لجعلها قضية سياسية تنحصر في إطار احتلال أرض تسمى فلسطين، ومع الوقت بكل أسف تم ابتلاع الطعم وأصبح الجميع يتعامل معها بهذا الشكل.
إنما الحقيقة أن الأمر كله عقائدي وديني، وهناك في فلسطين مدينة مغتصبة تسمى القدس، يوجد بها المسجد الأقصى الذي يستحق أن يتحرك له مليار و نصف مسلم على هذا الكوكب من أجل تحريره، و ذلك ما يجب الانتباه إليه وفهمه جيدا، وحينها سوف تتغير المعادلة تماما ونخرج من ذلك الفخ الذي وقعنا فيه دون أن ندري.
فتحولت القضية الفلسطينية إلى حدث سياسي عربي في البداية، ومع الوقت وتشتت العرب وفرقتهم وذهاب كل منهم خلف مصالحه الخاصة بفعل فاعل، وليس هكذا دون تخطيط من عدو يتربص ليل نهار ولا يهدأ أبدا، بينما العرب دخلوا في حالة من السبات العميق، فتحول موضوع فلسطين إلى أزمة لدى دولة جارة، وليس شعبا شقيقا علينا كعرب و مسلمين واجب الدفاع عنه ومؤازرته بكل الوسائل والطرق، و أن تلك قضية هي الأشرف و الأكثر عدالة ونبلا على وجه الأرض.
----------------------
بقلم: السعيد حمدي