16 - 02 - 2025

تحليل اقتصادي | التحديات تحاصر مصر بفعل عوامل عالمية.. وتوقعات بوصول الدولار لـ54 جنيها نهاية العام

تحليل اقتصادي | التحديات تحاصر مصر بفعل عوامل عالمية.. وتوقعات بوصول الدولار لـ54 جنيها نهاية العام

* سيناريو الاقتصاد العالمي ينذر بإنخفاض معدلات النمو لـ  3.3% ويعاني التضخم وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء

تعيش الساحة الدولية حالة من التوترات الشديد نتيجة الحروب والنزاعات المسلحة التي تندلع في مناطق مختلفة من العالم ولا سيما منطقة الشرق الأوسط.. وتأتي هذه الحروب في وقت يعاني فيه الاقتصاد العالمي من تحديات كبيرة من تضخم، وتباطؤ في معدلات النمو وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء.. ويشهد العالم تأثيرات عميقة لهذه الأزمات على مختلف المستويات.. وتشير الدلائل المدعومة بالأرقام أن النمو العالمي سينخفض إلي "3.3%" خلال عام 2025 مع توقعات أن يصل إلى 3.5% في عام 2026.

وأمام ذلك تواجه الاقتصاديات الناشئة بما في ذلك مصر تحديات كبيرة نتيجة لهذا التضخم العالمي والضغوط المالية العالمية وتتأثر هذه الاقتصاديات بشكل أكبر من الاقتصاديات المتقدمة بسبب اعتمادها على الصادرات والاستثمارات الأجنبية والتي تتأثر بالتضخم والضغوط المالية. .

ولا شك فإن الحروب الدائرة في الشرق الأوسط وتصاعد التوترات بين أطراف دولية وإقليمية تلقي بظلالها على استقرار أسواق النفط والغاز حيث تُعد المنطقة مصدرا رئيسيا للطاقة عالميا مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز، خاصة وأن الاقتصادات العالمية تعتمد على الشرق الأوسط في تأمين نسبة كبيرة من احتياجات الطاقة، مما يجعل الأسواق عرضة لأي اضطراب في الإمدادات.

وثانيا.. ارتفاع أسعار الغذاء حيث تؤثر النزاعات القائمة على سلاسل التوريد العالمية، خاصة إذا طالت دول منتجة للحبوب أو الموانئ الرئيسية.

ثالثا .. عدم استقرار الأسواق المالية العالمية وهي نتيجة طبيعية لما تؤديه الحروب من تزايد حالة الحذر لدي المستثمرين، مما يدفعهم نحو الاتجاه لأصول أكثر أمانا "كالدولار والذهب" بينما تتراجع استثماراتهم في الأسواق الناشئة.

تأثير الأوضاع العالمية على الاقتصاد المصري..

ومصر بإعتبارها دولة مستوردة للطاقة والغذاء وتعتمد على في المقام الأول علي التجارة الدولية فهي - بلا شك - ستواجه تحديات متزايدة بسبب الأوضاع الراهنة منها ارتفاع فاتورة الواردات، حيث يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة تكلفة استيراد الوقود، مما يضع ضغوطا إضافية على إحتياطيات النقد الأجنبي التي تعاني بالفعل من التراجع.

ومع زيادة تكلفة إستيراد الغذاء خاصة القمح الذي تعتمد عليه مصر بشكل كبير، يعاني المواطنون من ارتفاع أسعار السلع الأساسية.

يضاف إلي ذلك أن تراجع معدلات التوترات الإقليمية التي تؤثر بالسلب علي حركة السياحة وإيرادات قناة السويس وتراجع حجم الاستثمارات.

وهي مصادر من المصادر الحيوية للنقد الأجنبي.

ومع زيادة الطلب على الدولار لتلبية احتياجات الإستيراد، تزداد الضغوط على الجنيه المصري مما يؤدي إلى مزيد من الإنخفاض لقيمته أمام العملات الأجنبية كلها.

تحديات العملة..

ويشكل استمرار تراجع قيمة الجنيه المصري التحدي الأبرز في المشهد الاقتصادي خاصة وأن هناك إجماع شبه تام على استمرار ضغوط سعر الصرف علي الجنيه أمام الدولار.. وتزداد التوقعات لوصول الدولار إلى مستويات تتراوح بين 54 جنيها و58 جنيها بنهاية 2025، ويأتي هذا في سياق سياسة المرونة في سعر الصرف التي تبنتها مصر ضمن برنامجها مع صندوق النقد الدولي

ولكن كيف يمكن لمصر مواجهة هذه التحديات؟

في ظل هذه الظروف المعقدة تحتاج مصر إلى إتباع إستراتيجيات فعالة للتخفيف من الآثار السلبية منها

• تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات من خلال دعم القطاعات الزراعية والصناعية لزيادة الاكتفاء الذاتي.

• وجذب الاستثمارات وتحسين البيئة الاستثمارية لتشجيع تدفق رؤوس الأموال الأجنبية، خاصة في القطاعات الإنتاجية.

• وتنويع مصادر الطاقة عن الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة لتقليل الاعتماد على النفط المستورد.

• وتوسيع الشراكات الاقتصادية والبحث عن شراكات جديدة مع دول غير متأثرة بالصراعات لتأمين الإحتياجات الإستراتيجية.

وفي النهاية وأمام كل هذه التحديات الكبري العالمية..وفي ظل تلك الأوضاع الاقتصادية الصعبة فإن الأمور تفرض علي مصر التحرك السريع والمدروس من جانب الحكومة لتقليل الآثار السلبية وتحقيق قدر من الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي..وإن كان هذا لن يتحقق إلا بجهود جماعية بين الحكومة القطاع الخاص والمجتمع المدني.
--------------------------
بقلم: ضياء عبد الحميد