16 - 02 - 2025

مجلس النواب والشيوخ على خط النهاية وقانون عمل عادل لم ير النور

مجلس النواب والشيوخ على خط النهاية وقانون عمل عادل لم ير النور

اقتربت شرعية مجلس النواب ومجلس الشيوخ من الانتهاء ولم يصدر قانون العمل الجديد الذي طال انتظاره رغم أن العمال هم من يدفعون الثمن كل يوم في ظل قانون ظالم لا يحمي حقوقهم ولا ينصفهم أمام تعسف أصحاب الأعمال هذا القانون الذي وُضع منذ أكثر من عشرين عامًا ليخدم فئة على حساب الملايين من الكادحين لا يزال سيفًا مسلطًا على رقاب العمال لم يوفر لهم الأمان الوظيفي لم يحفظ لهم حقوقهم لم يمنحهم حتى القدرة على العيش الكريم في بلد هم من يصنعون ثرواته بعرقهم وكدحهم ومع ذلك لا يزال البرلمان يماطل والحكومات المتعاقبة تتجاهل كأن العمال ليسوا جزءًا من هذه الدولة كأنهم عبيدٌ يعملون بلا حقوق وكأننا في عصر الإقطاع من جديد

إن من يتحمل مسؤولية تأخير قانون العمل الجديد هم نواب البرلمان الذين لم يدافعوا عن حقوق العمال ولم يتحركوا بجدية لإقرار تشريع يحميهم هؤلاء الذين يتغنون كل يوم بشعارات زائفة عن تحسين أوضاع العمال وهم في الحقيقة لم يقدموا لهم شيئًا سوى المزيد من الوعود الفارغة والمماطلة المستمرة وها نحن نقترب من انتهاء صلاحية هذا المجلس دون أن يرى قانون العمل الجديد النور فماذا كانوا يفعلون طوال هذه السنوات؟ أين تلك الجلسات والاجتماعات واللجان التي زعموا أنها تناقش القانون؟ لماذا لم يصدر حتى الآن؟ الإجابة واضحة لأن إرادة أصحاب الأعمال أقوى من إرادة النواب لأن رأس المال يفرض كلمته على حساب حقوق العمال لأن الحكومة لا تريد قانونًا ينصف الطبقة العاملة بل تريد استمرار هذا القانون المجحف الذي يجعل العامل مجرد ترس في آلة بلا حقوق بلا أمان بلا ضمانات بلا مستقبل

نحن لا نريد قانونًا مفصلًا على مقاس رجال الأعمال لا نريد نصوصًا فضفاضة تمنحهم اليد الطولى في التحكم بمصير العمال لا نريد قانونًا يسمح لهم بالفصل التعسفي متى شاءوا ولا بقهر العامل وسلبه حقه في التنظيم النقابي الحر لا نريد قانونًا يعيد إنتاج نفس الظلم والقهر بل نريد قانونًا حقيقيًا يحمي العامل من الاستغلال يوفر له الحد الأدنى من الكرامة يحفظ له أجرًا عادلًا يوفر له تأمينًا صحيًا واجتماعيًا يضمن له حقه في الأمان الوظيفي ويضع حدًا لجبروت أصحاب العمل الذين لا همّ لهم سوى جمع الأرباح حتى لو كان الثمن هو سحق العمال وإلقاؤهم إلى الشارع بلا رحمة

نحن نعيش في واقع مرير يدفع فيه العمال ثمن التخبط الاقتصادي والفشل الإداري للحكومات المتعاقبة المصانع تُغلق أبوابها والشركات تُسرّح عمالها والأجور المتدنية لا تواكب الارتفاع الجنوني للأسعار والفقر أصبح ينهش حياة الملايين بينما تُترك حقوق العمال على الهامش وكأنهم ليسوا بشرًا وكأنهم ليسوا مواطنين من حقهم العيش بكرامة وأمان كأنهم مجرد أرقام في كشوفات الحكومة لا وزن لهم ولا قيمة في حسابات السلطة السياسية التي تنحاز دائمًا لرأس المال ولا ترى في العامل سوى أداة للإنتاج يمكن الاستغناء عنها متى شاءت

هذه ليست أزمة قانون عمل فحسب بل هي أزمة إدارة اقتصاد بلد بأكمله الذي يُدار لصالح فئة محدودة بينما الأغلبية الكادحة تعاني الفقر والبطالة والتهميش الحكومة تقترض المليارات وتصرفها على مشروعات لا تفيد المواطن البسيط والبرلمان منشغل بصراعات سياسية ومصالح شخصية ولا أحد يهتم بالعمال الذين يُطحنون كل يوم تحت رحى الظلم الاجتماعي والتعسف الاقتصادي

لماذا لم نرَ حتى اليوم قانونًا يحمي العمال؟ لأن هناك من يريد أن يظل العامل ضعيفًا لا حماية له ولا صوت ولا حقوق هناك من يرى أن القانون إذا أنصف العمال فإنه سيحد من استغلال أصحاب الأعمال لهم هناك من يعتقد أن العامل يجب أن يظل في موقع التبعية لا يطالب بشيء ولا يعترض على شيء ولا يدافع عن نفسه في وجه الاستغلال

لكننا نقولها بوضوح ومن دون خوف العمال ليسوا عبيدًا ولن يقبلوا بالاستمرار في هذه المعاناة وإذا لم يتحرك البرلمان فورًا لإقرار قانون عمل عادل يتوافق مع المعايير الدولية ويحمي حقوق الطبقة العاملة فإن العمال أنفسهم هم من سيقررون مصيرهم بيدهم لن يصبروا أكثر لن ينتظروا أن يمنحهم أحد حقوقهم لأن الحقوق لا تُمنح بل تُنتزع بالنضال بالنقابات الحرة بالتحرك الجماعي وبالصوت العالي الذي يرفض الظلم والاستغلال والطبقة العاملة لن تظل صامتة إلى الأبد فإما قانون عادل ينصف العمال أو فلتتحملوا نتائج صبرهم الذي أوشك على النفاد

إننا نطالب بسرعة إصدار قانون عمل جديد يضمن حقوق العمال ولا ينحاز لأصحاب الأعمال قانون يحفظ الأجور العادلة يمنع الفصل التعسفي يضمن بيئة عمل آمنة يحمي حق التنظيم النقابي الحر يحدد ساعات العمل بوضوح ويكفل حقوق العمال في الإجازات والتأمينات والرعاية الصحية قانون لا يُكتب في الغرف المغلقة ولا يُفصّل لخدمة مصالح رجال الأعمال بل قانون يشارك العمال أنفسهم في صياغته ليعبر عن حقوقهم وآمالهم

إننا نحذر الحكومة والبرلمان من الاستمرار في تجاهل حقوق العمال لن نقبل بالمزيد من التهميش والإهمال لن نسكت على سرقة حقوق الطبقة العاملة لن نسمح بأن يتحول العامل إلى مجرد رقم بلا قيمة في حسابات السلطة العمال هم العمود الفقري لهذه الدولة هم من يبنون المصانع ويحركون عجلة الإنتاج ويدفعون الاقتصاد إلى الأمام وإذا لم يحصلوا على حقوقهم كاملة فإن الجميع سيدفع الثمن

القوانين لا تُمنح بل تُنتزع بالنضال والعمال لن ينتظروا مزيدًا من الوقت وإذا لم يتحقق لهم ما يريدون فلن يكون أمامهم سوى الدفاع عن أنفسهم بكل الوسائل المشروعة فإما قانون عادل يحمي حقوق العمال وإما انفجار قادم لا يُحمد عقباه والمسؤولية بالكامل تقع على عاتق الحكومة والبرلمان وكل من يعرقل إصدار هذا القانون الذي طال انتظاره

العمال لن يصمتوا بعد اليوم والحقوق العمالية لن تبقى حبرًا على ورق والحكومة والبرلمان أمام اختبار حقيقي إما أن ينحازوا للعمال ويصدروا قانونًا يحمي حقوقهم وإما أن يتحملوا نتائج تقاعسهم وتجاهلهم لمطالب ملايين الكادحين الذين لن يظلوا صامتين للأبد.
-------------------------------
بقلم: 
محمد عبدالمجيد هندي
قيادي عمالي مستقل ، مؤسس ورئيس المجلس القومي للعمال والفلاحين تحت التأسيس

مقالات اخرى للكاتب

إنشاء بنك قومي لإنتاج البذور الزراعية.. نحو استقلال زراعي يحمي أمن مصر الغذائي