يستنطق اللوحة فتستجيب.. يضرب بالفرشاة على جسدها فتتفجر المعانى.. تصعد المفردات تعانق روحه فيمتزجان.. لا تشعر وأنت تشاهد وجيه يسى أنه يرسم بل تراه فى حالة حب بينه وبين ما يتناوله. حب يصل إلى حد العشق والهيام، مشاعر تحركها كل غرائزه فتشم رائحة اللون، وترقص مع خطوطه وتسبح فى مساحته. حضور طاغ للحدس يجعله يأتى بحلول لا تخطر على بالك تصدر لك الدهشة من السلاسة التى تتحرك بها الفرشاه وكأنها تعرف طرقها وتحفظها فى كل عمل فنى.
حالة الحدس التى تلازم وجيه يسى تؤكد حساسيته الشديدة وحبه الجارف لخطوطه ومساحاته اللونية التى تدهشنا وتداعب حدقات عيوننا بما تحمله من جمال وحساسية شديدة تشعر بتلقائيتها البعيدة كل البعد عن الإفتعال. خطوط حادة ومنفعلة تحاورها خطوط ومساحات هامسة برقتها وجمالها. هذا الحوار المتداخل ينعكس على روح المشاهد فيدخل كطرف ثالث فى هذا الحوار الفنى المدهش بإيقاعاته وتناغماته ونبضه وحركته.
والملاحظ أن لوحات وجيه يسى بها حالة من البهجة تصدرها بالتة الألوان، وتصل لروح المتلقى لما فيها من صدق مرتبط بإحساسه الذى يطرحه ويعيشه أثناء التنفيذ والذى يصل إلى حالة من الوحدة بينه وبين لوحاته التى ينتصر فيها البعد الغريزى على العمق التاريخى الذى حول الحوار الإبداعى فى بعض اللوحات الىسيمفونية عزف ساحرة، ومتفردة. لوحات تبنى بحالة حدسية تلقائية تشعر وكأن مساحاته اللونية وزعتها نسائم وأن الخطوط اللونية حركتها رياح فأحدثا تكوينات خرجت بالحدس من أعماق الفنان ولم يكن يقصدها بوعيه.
إن الحالة التى يعيشها الفنان أثناء تذويب الألوان وضربات الفرشاة، والتى تصل إلى حالة من العشق الذى يسبح فيه الفنان بين تفاعلات الدافىء والبارد، والتفاعل بين الألوان الداكنة والألوان البراقة. كل هذه التفاعلات التلقائية الساحرة أضافت حالة من الإنسيابية انعكس على الحالة البصرية التى تظهر بملامح المشاهد، وكأن هناك حالة من الغزل المتبادل بين اللوحة وحدقات عين المشاهد. روح الفنان تحاور روح المشاهد بالألوان والخطوط والحماس التعبيرى التلقائى المتدفق على مساحة اللوحة.
الفنان وجيه يسى من مواليد 1955 وحصل على ليسانس آداب قسم اللغة الانجليزية جامعة القاهرة، وإنحرف بإهتماماته ليرسم ويلتحق بعضوية الجمعية الكندية للبورتريه، وعضوية الجمعية الكندية للألوان المائية، وعضو في مجلس تورنتو لتعليم الفنون الجميلة، ثم يلتحق بوظيفة رسام بمجلة روزاليوسف وصباح الخير.
يعتبر وجيه يسى من الفنانين الذين برعوا في رسم البورتريه التعبيري باستخدام الألوان المائية وألوان الزيت، والأكليريك. عمل الفنان وجيه في كثير من المؤسسات بكندا، كما قام برسم العديد من الشخصيات الكندية والمصرية، كما قام بإعداد أغلفة كتب نجيب محفوظ باللغة الإنجليزية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. وقد أكد وجوده كفنان متميز يلتف حوله المريدون من خلال الملتقيات الفنية التي يدعو فيها العديد من الفنانين والمتذوقين الذى يتبارون فى تناول البورتريهات التى يعشقها.
----------------------
بقلم: د. سامى البلشي