05 - 05 - 2025

تحت المجهر | سوريا .. الفصائل المسلحة إلى أين ؟

تحت المجهر | سوريا .. الفصائل المسلحة إلى أين ؟

في أقل من شهرين بسطت الفصائل المسلحة سلطتها على أنحاء سوريا ، واتفق الأضداد على شرعية الشرع .

وجاء الإعلان عن تنصيب أبو محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام أو أحمد الشرع رئيسا بمباركة ثمانية عشر فصيلا مسلحا ، حتى يتم صياغة دستور جديد للبلاد وتعقد انتخابات رئاسية وتشريعية بعقيدة مغايرة لسابقتها كما أعلنت الإدارة العسكرية التي تسعي لتوطيد علاقات سوريا الجديدة بدول أوروبا والخليج وبعض دول الجوار.

ويسعى القائمون على الحكم في سوريا الآن إلى إقرار دستور جديد يمكنهم من إتاحة الفرصة لكافة المواطنين السوريين للترشح دون النظر لخلفيتهم السياسية والأمنية ، الأمر الذي كان يحظره دستور الأسد الذي تم تعديله خصيصا في عام ٢٠١٢ لحرمان من سبق وأدين في سابقة سياسية أو مدنية من الترشح .

ذلك الدستور الذي تم تعديله في ظل ظروف الحرب ، مما أثر على شرعيته لدى الفصائل المعارضة.

وبالرغم من مباركة الفصائل السورية المسلحة لحكم الشرع ، إلا أن الإدارة الجديدة في سوريا أقرت حل الجيش والأجهزة الأمنية ، وجميع الميليشيات وقبل كل ذلك حل الفصائل المسلحة .

ويأتي حل جميع الفصائل العسكرية، والأجسام الثورية السياسية والمدنية السورية بهدف دمجها في مؤسسات الدولة ، كما تقول إدارة الشرع.

إضافة إلى حل حزب "البعث" الذي حكم الشعب السوري لأكثر من 60 عاما،

والسؤال هنا عن رؤية الحكام الجدد في سوريا لتخطي الأزمات، بل والكوارث التي تركها لهم بشار قبل فراره إلى موسكو .

أحمد الشرع الذي حظي في وقت قصير بقبول ومباركة من الدول الأوروبية والعربية ، واعلنت جهات عدة عن دعمه لإعادة إعمار سوريا ، قال إن أولويات سوريا اليوم تتمثل بملء فراغ السلطة والحفاظ على السلم الأهلي وبناء مؤسسات الدولة، والعمل على بناء بنية اقتصادية تنموية، واستعادة سوريا لمكانتها الدولية والإقليمية.

ولكن المشهد في الداخل لا زال يؤرق السوريين أنفسهم قبل غيرهم ، هيمنة الفصائل المسلحة واختلافاتها الدائمة وكثرة عددها يحتاج رؤية شاملة ونسيجا واحدا يستوعب كم هذا السلاح الذي يرفض حتى الآن الكثير من الفصائل التخلي عنه ، وهو ما يثير مخاوف من إعادة التصادم فيما بينهم ، وإراقة الدماء من جديد ، او في أسوأ السيناريوهات تقطيع سوريا إلى إمارات ، كما حدث في العراق ، وشاركت معظم هذه الفصائل فيها في فترة من فترات وجودها في العراق و الشام أثناء الحرب الأمريكية على العراق.

دلالات تواجد أعضاء 18 فصيلا مسلحا في تنصيب الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية التي قد تستمر سنوات ، بسبب كل هذه التغييرات الراديكالية تشير إلى تمكين الذراع المسلح للحكم لفرض الهيمنة الأمنية وفرض نموذج دولة سلطوية من نوع أخرى ، ربما تنتهج نفس اسلوب الحكم السابق من حيث التنكيل بالمعارضين .

هيئة تحرير الشام، وحركة أحرار الشام، وجيش العزة، وجيش النصر، وأنصار التوحيد، وفيلق الشام، وجيش الأحرار، وجيش الإسلام، وحركة نور الدين الزنكي، والجبهة الشامية وفصائل درعا الجنوبية وغيرها من الفصائل المشاركة في حركة التحرير مرت بالكثير من التحولات ، ولكن هل تستطيع إدارة الشرع السيطرة على عنف تلك الحركات ودمجها في العمل السياسي والميداني واقناعها بترك السلاح أو على الأقل عدم اللجوء إليه إلا في إطار مؤسساتي تضمن الدولة من خلاله حماية حقوق وحريات المواطنين ، تلك هي المعضلة الحقيقية .

على سبيل المثال تأسست "جبهة النصرة"، عام ٢٠١٢ وتحالفت مع "داعش" قبل أن تنفصل عام 2013 وتبايع زعيم "تنظيم القاعدة" أيمن الظواهري، ثم أعلنت فك ارتباطها عام 2016 وغيّرت اسمها إلى "جبهة فتح الشام" ثم "هيئة تحرير الشام"

ثم تولت "هيئة تحرير الشام" قيادة العمليات العسكرية خلال معارك إسقاط الأسد

أما أهم عناصرها، فهي مجموعة "العصائب الحمراء"، وتعتبر قوات النخبة في "هيئة تحرير الشام"، و"جيش العزة" وهي فصائل من الجيش السوري الحر،  كانت تنشط شمال سوريا، وتحديداً ريف حماة ،

و"جيش الإسلام"وهو واحد من أقوى الفصائل على الساحة السورية، وتركزت مواقعه في غوطة دمشق الشرقية، وكذلك "حركة أحرار الشام" ، وتعد من أوائل الفصائل التي تشكلت مع بداية الحرب في سوريا شمالي البلاد، وكانت واحدة من أقوى الفصائل على الساحة، وكذلك فصائل درعا وأنصار التوحيد وفيلق الشام، والتي تفضل بعضها حتى الآن العمل مستقلة والاحتفاظ بسلاحها ، وخاصة في المناطق المعرضة للهجمات الحدودية سواء في الشمال أو الجنوب .

دور هذه الفصائل والجماعات المسلحة سوف يستمر في التحور حسب ظروف المرحلة ومتطلباتها كما دأبت خلال العقود الماضية .
----------------------------
بقلم: كوكب محسن

مقالات اخرى للكاتب

تحت المجهر | متلازمة الإعمار والتهجير .. فاصل ونواصل