04 - 05 - 2025

في معرض الكتاب .. مناقشة ديوان " بدوي يشبه توم هانكس" لـ سالم الشبانة

 في معرض الكتاب .. مناقشة ديوان

احتضن ملتقى الإبداع الشعري في معرض القاهرة الدولي للكتاب ندوة خاصة لمناقشة ديوان "بدوي يشبه توم هانكس" للشاعر السيناوي سالم الشبانة، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ضمن سلسلة الإبداع الشعري.

في هذا اللقاء، اجتمع النقاد والشعراء لاستكشاف عوالم الشبانة الشعرية، حيث تماهت البداوة مع الحداثة، وانعكست التجربة الشخصية في مرايا اللغة والصورة.

استهل الناقد الدكتور أحمد الصغير، أستاذ الأدب العربي بجامعة الوادي الجديد، الجلسة بالحديث عن التجربة الشعرية لسالم الشبانة، مشيرا إلى أن هذا الديوان ليس محض تجربة شعرية عابرة، بل هو امتداد لمشروع شعري أصيل يتناول الهوية السيناوية في بعدها الثقافي والجغرافي.

فالشاعر، الذي سبق أن أبدع في دواوين مثل "رتق ندوب عميقة" و"للموت سمعة سيئة" و"ثقوب سوداء"، يواصل في هذا العمل الجديد رسم ملامح البداوة بلغة حداثية، تجعل القارئ يعيد النظر في الصورة النمطية للشعر البدوي.

وأشار الدكتور أحمد إلى أن ديوان "بدوي يشبه توم هانكس" يذهب أبعد من كونه مجرد مجموعة قصائد عن الصحراء والقبيلة، إذ يعكس تجربة إنسانية عميقة تتشابك فيها الهُوية، الاغتراب، الحب، والفقد. فالبدوي هنا ليس مجرد شخصية تقليدية، بل هو مثقف قلق، يقرأ ويكتب، ويفكر في العالم بعين تأملية، تمامًا كما جسّد توم هانكس في فيلم Cast Away شخصية الإنسان الوحيد في مواجهة الوجود.

لم يكن اختيار اللغة واللهجة في الديوان اعتباطيًا، فقد أوضح الدكتور أحمد الصغير أن سالم الشبانة استطاع المزج بين البداوة والحداثة اللغوية، حيث تمازجت اللهجة السيناوية مع مفردات الحضر المصري، وظهرت تأثيرات من لهجات القاهرة، الصعيد، والشرقية. هذا التنوع اللغوي يعكس الامتداد العائلي والقبلي بين سيناء والمحافظات المجاورة، ما يجعل القصائد أشبه بجسر بين الماضي والحاضر، وبين الصحراء والمدينة.

كما أشار إلى أن المعطيات الجغرافية والتاريخية لسيناء حاضرة بقوة في الديوان، حيث تشكل الأرض الفاصلة الواصلة بين مصر والوطن العربي، بين قارتي آسيا وإفريقيا. هذه الازدواجية الجغرافية تنعكس على شخصية الشاعر، فهو ليس بدويًا بالكامل، وليس حضريًا بالكامل، بل هو كائن بينيّ، دائم البحث عن هوية تتجاوز التصنيفات التقليدية.

وسط تفاعل الجمهور، قدم سالم الشبانة قراءات مختارة من ديوانه، فجاءت كلماته مشحونة بالعاطفة، مشبعة بصور تعكس عبثية الحياة ومرارة الزمن. في إحدى قصائده، يرسم صورة للرجل البدوي المثقف، العالق بين عالمين وذلك حين قال:

الغريب في الأمر يا أخي،

أن البدوي الوسيم، النحيف كخط الاستواء

الذي وصفه صديق روائي مبرشم

منذ زمن بأنه مثقف أغلفة كتب

يقف الآن على أعتاب الخمسين بالتمام والكمال

أي والله خمسين عامًا

من فقر، وكتب بالية، واسكتشات الفحم،

وأولاد يكبرون في غفلة منه،

وعمل لا يحبه مطلقًا لأنه يصحو مبكرًا جدًا؛

بالإضافة لسنتمنتالية غريبة

تغمره كلما شاف امرأة تمسك كتابًا،

ولها نهد صغير متماسك كعجين أمه.

هذه الأبيات تعكس الاغتراب الداخلي للبدوي المثقف، الذي يرى نفسه غريبًا وسط زمن لا ينتمي إليه. فهو ليس ذلك المحارب العتيق، ولا الراعي التائه في الصحراء، بل رجل يقف على أعتاب الشيخوخة، محمّلًا بأعباء الحياة، يبحث عن لحظة صدق وسط فوضى العالم.